اخبار السودان

صيف أمريكي ساخن ينتظر المنظمات الإرهابية

اسماعيل عبدالله

إسماعيل عبد الله

 

مشروع ترامب للسيطرة على قطاع غزة وترحيل سكانها لمصر والأردن ، كشف عن ارهاصات الصيف الساخن الذي ينتظر الجماعات الإرهابية في الإقليم ، ومن ضمن الذين ستطالهم يد الرئيس الأمريكي ، جماعة الاخوان المسلمين في بورتسودان ، لا سيما وأنها لا تخفي علاقاتها العسكرية مع إيران والحوثي وحماس وحزب الله ، وكما هو ملاحظ أن الفترات التي يحكم فيها الجمهوريون أمريكا ، تشهد قرارات حربية حاسمة في الشرق الأوسط ، ومن المؤكد أن بقايا نظام الاخوان في السودان الذين لفظهم الشارع بعد الثورة الشعبية الكبيرة ، قد غضبت عليهم آلهة الداخل والخارج ، ذلك أنهم أضاعوا الفرص طيلة العامين اللذين اندلعت فيهما الحرب ، ورفضوا في عنجهية بائنة كل المبادرات المطروحة لجمع قيادة الجيش الذي اختطفوه ، بوفد قوات الدعم السريع في جدة وسويسرا ، وفي العادة تجد العقل الأصولي لا يعتبر بالمتغيرات الجيوسياسية ، ولا يعر بالاً للأثر الفاعل للقوى الدولية على المنطقة ، فيقع في فخ المنهج العقائدي المتصلب ، ومن ثم يفنى تماماً ، مثلما جرى لجماعة حزب الله وحركة حماس المدعومتين من إيران ، فدخول هاتين المنظمتين الإرهابيتين في مواجهة مع دولة إسرائيل ، يعتبر انتحار عسكري وسياسي ، وهذا بالضبط ما سيلحق بجماعة الاخوان في السودان ، فقد ذهبوا بأرجلهم لحتفهم بأن مانعوا ورفضوا الحلول السلمية واشعلوا الحرب ، في حماقة عسكرية وأمنية لا يقم بها إلّا من هو غائب عن الوعي ، وعملوا ضد حراك الشارع السوداني التلقائي ، ولم ينسجموا مع طرح الثورة ، واصرّوا على المضي قدماً في حلمهم اليقظ بأن السلطة ملكهم الأبدي لقد خاضوا حرباً خاسرة دمرت ترسانتهم العسكرية ، وأخرجت العاصمة والولايات الغربية من قبضتهم وما يزالون يحلمون يائسين بالعودة لما قبل أبريل ، ويأملون في استرداد ملكهم الجاري نزعه الآن بيد مليك مقتدر ، وها قد جاء الرئيس الأمريكي الواضح في مواقفه التجارية والعسكرية مع المحيطين الدولي والإقليمي ، فليضع النقاط على الحروف.

تصريح ترامب فيما يخص وكر أفاعي الإرهاب في الصومال يضع مصر في موقف لا تحسد عليه ، خاصة وأنها قد عقدت حلفاً ثلاثياً مع ارتريا والصومال ، لإسناد جماعة الإخوان السودانية عسكرياً في حربها ضد طموح الشعب السوداني ، في الخلاص من هذه الجماعة الفاسدة ، التي دمّرت البلاد وأفقرتها ، ومن سوء طالع مصر أن العهد الجديد للولايات المتحدة الأمريكية تحت قبضة الرجل الحديدي، سيضع رئيسها السيسي في وضع شحيح الخيارات ، وفي سبيل ادخار القوت للشعب المصري لا مجال لقيادة الدولة ، غير الخضوع للأجندة الضامنة لأمن وسلامة إسرائيل الخالية من الشوائب ، وهنا ستدفع منظومة جامعة الدول العربية ومن بينها السودان ، ثمن أمن واستقرار أبناء العم يعقوب ، وما ينتظر جوقة الإرهاب المتحصنة خلف الشواطئ الغربية للبحر الأحمر ، هو نفس المصير الذي جعل حماس طائر بلا أجنحة ، وذات الخاتمة السيئة التي أنهت اسطورة الحزب الذي جعل من رمزية الإله شعاراً له ، إننا نشهد تشكل الشرق الأوسط الجديد الذي رسمت خارطة طريقه مستشارة الأمن القومي وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ، كونداليزا رايس ، تلك المرأة الفولاذية التي حينما تهبط طائرتها بمدرجات عواصم الإقليم تهتز لوقع قدميها الأرض وقلوب الرجال معاً ، فقد عرف جمهوريو أمريكا باسم الصقور لبأسهم الشديد في حسم الملفات الخارجية ، مثلما ناصروا قضية دارفور وارسلوا رجال ونساء حكومتهم من الصف الأول لمخيمات النزوح واللجوء ، فرسائل ترامب ستجبر مطابخ القرار السياسي في بلدان الإقليم على الإسراع بإجراء التحديثات المطلوبة ، قبل زيارة هذا الكائن العنيد لهذه البلدان ، والذي عهده الناس في المنطقة العربية بأنه اذا قال فعل ، وإذا طلب أجيب.

المستقبل السياسي للبلدان العربية وأقطار شمال افريقيا والسودان ، مقرون بزوال الايدلوجيا من شئون الحكم وإبعادها عن ريادة مشهد السلطة ، استجابة لمتطلبات الحالة البراغماتية العالمية المكرّسة جهدها للنهضة والنمو الاقتصادي ، أكثر من الانشغال بإنزال تعاليم ايدلوجيا حسن البنا وميشيل عفلق وكارل ماركس ، على بيئات غريبة على هذه الأفكار ، ومع التنافس الاقتصادي المتسع شرقاً وغرباً لا مكان لأصحاب العمائم السوداء والجلابيب البيضاء، لكي يمارسوا ترفهم الديني والمسوحات الدينية المنافقة ، فلم تعد شعوب المنطقة حريصة على من يلقنها تعاليم الدين، بقدر ما هي أكثر حرصاً على مواكبة الطفرة العالمية في مجالات التقانة والتجارة الالكترونية واكتناز العملات الرقمية ، فزمان الفلسطينيين وتفريطهم قد تجاوز مهزلة التمسك بالأرض ، مقابل العيش في بؤس روايات التاريخ الباذخة للبطل صلاح الدين الأيوبي (محرر بيت المقدس) ، وقد ذكر ترامب كلمة بحق أهل غزة لو وعوها لانخرطوا في مشروع توطينهم، حقناً لدمائهم وحفاظاً على ذرياتهم ، لقد قال الرجل فيما معناه أن أهل غزة عليهم ان يفكروا في العيش بأمان بغض النظر عن المكان ، ومبدأ الهجرة أصل راسخ في تراثنا الإسلامي وسنة ماضية من سنن نبينا الكريم ، فقد هاجر للمدينة ولجأ اصحابه لملك الحبشة ، والمثل السوداني يقول فيما معناه أن من يتتبع خطوات الدجاج ستكون عاقبته مكب النفايات ، وهنا لابد لنا من اسداء النصح لشعبنا التواق للحرية والانعتاق ، أن لا تتبع خطوات (الاخوان) ، فإنّهم لكم عدو مبين.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *