مبدأ التداول داخل الأحزاب يصنع الجدل
![](https://alarabstyle.com/wp-content/uploads/2025/02/2025-02-07114055.421137-phar.webp.webp)
أثارت مسودة مشروع قانون الأحزاب جدلا واسعا بين مختلف المكونات السياسية في البلاد وخلافا، بسبب ما اعتبرته خطوة نحو التضييق على الأحزاب مقابل تعزيز تسلط الإدارة، خاصة بعد تحديد فترات رؤساء الأحزاب في إطار تعزيز مبدأ التداول على السلطة.
يقترح المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، تحديد مدة رئاسة الحزب بعهدتين فقط، كل منهما خمس سنوات، مع إمكانية التجديد مرة واحدة فقط، ويهدف هذا الإجراء حسب بعض المحللين إلى ضمان تداول القيادة ومنع احتكار المناصب داخل الأحزاب، ويعد هذا المقترح النقطة الأكثر جدلا في القانون، إذ إنه لا يكتفي بتقييد فترة رئاسة الحزب بل يتعداه إلى الهيئات القيادية الداخلية للحزب وهو ما تعتبره بعض الأحزاب تسلطا من الإدارة.
كما يرى البعض أن تقييد القادة السياسيين للأحزاب بعهدتين فقط يعني الاستغناء عن النخبة السياسية وإفراغ الأحزاب من الكفاءات.
وقبل قانون الأحزاب كان المشرع قد كرس مبدأ التداول على السلطة في آخر تعديل لقانون النقابات من خلال تحديد العهدات في قيادة ورئاسة النقابات العمالية. ومنذ وصوله إلى الحكم عمل الرئيس عبد المجيد تبون على إجراء تعديلات عميقة على مختلف القوانين التي تحكم الساحة السياسية وقد كانت البداية بتعديل الدستور الذي حدد حسب نص المادة 88 مدة المهمة الرئاسية في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وبذلك تعد عهدة الرئيس الحالية هي الأخيرة. وكان رئيس الجمهورية قد أكد قبل أيام أنه لا ينوى البقاء في السلطة بعد نهاية عهدته، مؤكدا أنه سيحترم الدستور.
وبالنسبة للبرلمان ينتخب المجلس الشعبي الوطني لمدة خمس سنوات تحدد عهدة مجلس الأمة لمدة ست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وفرض الدستور تحديد العهدة البرلمانية للنواب بعهدتين فقط لمنع استمرار النواب لعهدات طويلة في البرلمان وهي نقطة كانت محل انتقادات كبيرة من قبل النواب الذين أمضوا أكثر من عهدتين في البرلمان خلال عهدات سابقة.
وفي سياق متصل، كرس تعديل القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات التداول على مقاعد المجلس الشعبي الوطني عندما حدد حق العضوية في المجلس بعهدتين فقط سواء أكانتا متتاليتين أو منفصلتين، حيث تنص المادة 200 من القانون في بندها الأخير، على أن المترشح للمجلس الشعبي الوطني يجب “ألا يكون قد مارس عهدتين برلمانيتين متتاليتين أو منفصلتين”.
وقبل أيام أنهت المحكمة الدستورية الجدل حول عهدات الأعضاء المعينين في الثلث الرئاسي بمجلس الأمة، مؤكدة في استدراك رأى أنه لا يمكن لأي كان أن يبقى في البرلمان لأكثر من عهدتين سواء كانت بالترشح أو بالتعيين.
وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت شهر ديسمبر الماضي قرارا أكدت فيه تحديد عهدة عضو مجلس الأمة بمدة ست سنوات، وأنه لا يمكن لأحد ممارسة أكثر من عهدتين برلمانيتين منفصلتين في الزمن أو متتاليتين وكانت المحكمة الدستورية ترد وقتها على إخطار قدمه رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل لطلب تفسير حكم دستوري، والبت في وضعيته ووضعية ثلث أعضاء مجلس الأمة الذين تنتهي عهدتهم النيابية في الغرفة العليا شهر فيفري الجاري.
وفي تعليقه قال أستاذ القانون الدولي بهلولي أبو الفضل في تصريح لـ””، إن مشكلة تحديد العهدات وتقنينها لا تتعلق بالجزائر فحسب وإنما هي مشكلة تبرز بكثرة في دول القارة الإفريقية، ومن هذا المنطلق أدرجها مجلس الأمن والسلم الإفريقي ضمن أعماله وشدد مرارا على ضرورة احترام مبدأ التداول على السلطة انطلاقا من كون العهدات المفتوحة من بين الأسباب التي تؤدي إلى الصراعات والانقلابات داخل الدول الإفريقية.
ومن هنا لفت بهلولي أن التعديلات التي شهدتها القوانين الوطنية منذ وصول الرئيس تبون إلى الحكم، جاءت تكريسا واحتراما لهذا المبدأ والتزاما من الجزائر بمقترحات الاتحاد الإفريقي وهذا ما انعكس حسبه في المشروع التمهيدي لقانون الأحزاب وقانون النقابات وقبل ذلك تعديل دستور 2020.
وشدد بهلولي على أهمية فرض مبدأ التداول على السلطة، لافتا أن الكثير من الأحزاب السياسية وحتى النقابات لم تتكيف مع التغيرات الاجتماعية والسياسية العالمية، فبقيت على رأسها ذات القيادات لسنوات طويلة. ومن هذا المنطلق كان على السلطة أن تفرض مبدأ التداول بقوة القانون لتنظيم وتأطير النشاط السياسي والنقابي وفق الأسس الديمقراطية.