إضراب عام في المغرب احتجاجاً على “قانون الإضراب” .. فهل نجح؟
إضراب عام في المغرب احتجاجاً على “قانون الإضراب” .. فهل نجح؟
- Author, نورا مجدوب
- Role, بي بي سي نيوز عربي
صادق مجلس النواب المغربي على مشروع قانون يحدد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب، وحظي هذا المشروع بموافقة 84 نائباً، فيما عارضه 20 آخرون وغاب 291 عن جلسة التصويت.
تزامنت هذه المصادقة مع إضراب عامّ استمر يومين، دعت إليه نقابات عمالية إلى جانب بعض الأحزاب، على رأسها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، احتجاجاً على ما وصفوه بـ “السياسة اللااجتماعية للحكومة، التي تسعى إلى تمرير مشاريع قوانين تمس بمكتسبات الطبقة العاملة”.
لحظة ينتظرها المغرب منذ ستين عاماً؟
يقول رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، إن هذه الخطوة ستوفر للمغرب قانوناً يعطي ضمانات للمستثمرين وللمنظمات العالمية للاستثمار فيه، مؤكداً أن الصيغة الجديدة لهذا القانون أفضل بكثير من تلك المقترحة عام 2016.
وأشار أخنوش إلى أن “هذه اللحظة تنتظرها بلادنا منذ أزيد من 60 سنة، أي منذ صدور أول دستور يضمن الحق في الإضراب”، مضيفاً أن “المغرب لم يتوفر، خلال الـ60 سنة الماضية، على أي قانون تنظيمي للإضراب”.
ويؤكد أخنوش أن “المصادقة على المشروع إنجاز كبير في حد ذاته”، مشيراً إلى أن “العلاقة مع النقابات أكبر من قانون الإضراب، وما زال ينتظرنا معها عمل كبير في عدد من الأمور”.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
قصص مقترحة نهاية
أما وزير الإدماج الاقتصادي في المغرب، يونس السكوري، فأكد أن القانون “يقدم ضمانات تحمي حقوق العاملات والعمال، وحرية العمل وحقوق المشغلين “.
كما أنه “يحقق التوازن بين حقوق العمال والمضربين، وحقوق أرباب العمل، بحيث لا يمكن إجبار أحد على الإضراب ضد رغبته. كما يضمن استمرار بعض الخدمات الحيوية للمواطنين”.
قانون الإضراب يمرر في يوم الإضراب
حسب بيان صادر عن الاتحاد المغربي للشغل، تجاوزت نسبة مشاركة العمال في اليوم الأول لهذا الإضراب ثمانين بالمئة.
وقال الأمين العام لهذا الاتحاد، الميلودي موخاريق، إن الدعوة إلى الإضراب جاءت “احتجاجاً على السلوك الحكومي اللامسؤول تجاه الطبقة العاملة والحركة النقابية”.
وأكد المخاريق أن هذه النسبة تعكس حجم الرفض النقابي لمشروع قانون الإضراب، مشدداً على ضرورة مراجعة مضامينه حفاظاً على حقوق العمال.
وجاء في بيان صادر عن المركزيات النقابية أن الإضراب العام جاء “احتجاجاً على التضييق على الحريات النقابية وتكبيل حق الإضراب المضمون دستورياً والمكفول بالمواثيق الدولية”، كما استنكرت هذه النقابات ما سمته “تمرير مشروع القانون التكبيلي للإضراب في البرلمان يوم الإضراب العام، وهو ما يعد استفزازاً وتحدياً للحركة النقابية ما يزيد منسوب التوتر والاحتقان”.
“ساحات النضال جاهزة إذا تعنتت الحكومة”
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
ويقول خالد السطي، المسؤول الإعلامي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إن: “قرار رفضهم لمشروع القانون ليس مزايدة على الحكومة، بل هو قرار واعٍ لما تضمنه هذا المشروع من قضايا تضيق على ممارسة هذا الحق وذلك من خلال قضايا جوهرية خرجت عن منطق التنظيم إلى منطق المنع والتقييد”.
ويشير السطي إلى أن “هذا المشروع جاء خارج سياق القانون والدستور، ويتجسد ذلك من خلال مجموعة من القضايا كمنع الإضراب المفتوح، واقتصار المشروع على تعريف الإضراب بالتوقف المؤقت لمدة محددة عن أداء العمل أو ممارسة المهنة كلياً أو جزئياً. إلى جانب حصر الدعوة للإضراب في النقابات الكبرى أو على صعيد مرفق عمومي أو مقاولة أو مؤسسة مع اشتراط مشاركتها في انتخابات ممثلي المأجورين”.
ومن ضمن نقاط الخلاف التي ترفضها النقابات، كما يقول السطي “الرفع من مدة الإعلام بالإضراب 7 أيام في حالة إضراب وطني و5 أيام في حالة إضراب إقليمي، من أجل منح أرباب العمل الفرصة لإفشال الإضراب وإفقاده فعاليته وتأثيره وفجائيته، وتعقيد مسطرة الإخطار”، وهو ما سيؤدي إلى النزوع إلى تشريع الاقتطاع من أجور المضربين”.
وأضاف: “هذا القانون سيؤدي الى شرعنة إحلال عمال آخرين مكان العمال المضربين لتكسير الإضراب باسم توفير حد أدنى من الخدمة أو تفادي إتلاف الممتلكات والتجهيزات والآلات في أماكن العمل ومنع اتخاذ قرار إضراب جديد إلا بعد مرور سنة كاملة من إلغاء أو إنهاء إضراب بمقتضى اتفاق”.
وأشار السطي في حديثه أن مشروع قانون الإضراب “يعمد إلى إمكانية إيقاف الإضراب بقرار قضائي أو أنه قد يمس بالنظام العام وحقوق المواطنين أو يمكن أيضاً إيقافه بقرار من رئيس الحكومة تحت مسمى حدوث كوارث طبيعية أو حدوث أزمة وطنية حادة من شأنها عرقلة الناس، كذلك تعطيل سير العمل أو إغلاق أماكن العمل في وجه العمال غير المضربين”.
وعن الخطوات التصعيدية المقبلة أكد السطي أن “ساحات النضال” جاهزة إذا تعنتت الحكومة، كما أكد أن الهيئات المقررة ستجتمع وتقرر المبادرات المناسبة في التوقيت المناسب.
وأكد رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث في حديث مع بي بي سي أن: “الحركة النقابية تعاني من تأثيرات التسييس، لأن جلها تابع للأحزاب السياسية، ما يجعل الفعل النقابي ذا حسابات تكتيكية تؤثر على دعوات الإضراب العام. هذه الدعوات أصبحت ضعيفة بسبب التفكك الذي تعاني منه الحركة النقابية، فالتعدد في المشهد النقابي ليس نتيجة لتنوع في الرؤى، بل هو نتيجة للتسييس الذي يولّد تضارباً في المواقف والمصالح. وتوحيد الحركة النقابية أصبح هدفاً بعيد المنال، مما يجعل تحركها غير فعال في تحقيق مكاسب للفعل النقابي. هذا الوضع أضعف القدرة التفاوضية للنقابات أمام الحكومة وأرباب العمل”.
وعن مواقف نقابات الدول المغاربية بخصوص إضراب نقابات المغرب، فلم يصدر سوى موقف وحيد من تونس حيث عبر الاتحاد العام التونسي للشغل في برقية مساندة نشرها عن تضامنه المطلق مع النقابات المغربية في “دفاعها المشروع عن الحقوق النقابية، ورفضاً لقانون الإضراب التقييدي”.
كما ورد في نص البيان “أن استهداف الحريات النقابية والتضييق على الحق في الإضراب وتجاهل المطالب المشروعة للنقابات في ظل تدهور القدرة الشرائية لعموم المواطنات والمواطنين يعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوق العمال وتجاوزاً لمبادئ الحوار الاجتماعي العادل”.
وفي السياق ذاته، أكد لزرق أن: “العمل المشترك معطل بسبب الخلافات السياسية بين دول شمال أفريقيا خاصة بين الدول المغاربية”.
تأتي هذه التطورات في وقتٍ وصلت نسبة البطالة في المغرب إلى 13.3 في المئة خلال عام 2024 مقارنة بـ13 في المئة في العام السابق، مع استمرار فقدان الوظائف في القطاع الزراعي بسبب الجفاف، وفقاً لما أعلنته مندوبية التخطيط في وقت سابق.
وقد واجهت الحكومة انتقادات من المعارضة في عدة مناسبات لعدم تحقيق وعودها في خلق فرص العمل. وفي الشهر الماضي، أشارت الحكومة إلى أن الجفاف يعدّ السبب البارز لارتفاع معدل البطالة في البلاد. وأعلنت عن تخصيص 1.4 مليار دولار للمساعدة في خلق فرص عمل جديدة خلال هذا العام، من خلال دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص متنوعة للشباب في سوق العمل.
المصدر: صحيفة الراكوبة