اخبار

غزة المنكوبة وحماس المنتصرة؟! –

5 فبراير 2025Last Update :

– الكاتب: باسم برهوم – المتحدث باسم حكومة حماس في قطاع غزة يقول ان غزة منكوبة، فهو يعترف بأن ما حدث نكبة، من جانب آخر خليل الحية وهو من حل محل السنوار في قيادة حماس في القطاع، يقول ان الطوفان حقق أهدافه، بمعنى ان حماس انتصرت. ومن يرى استعراضات حماس العسكرية بلباسهم العسكري النظيف او الجديد وسيارات جديدة وملصقات واعلام ومنصات وكأنك ترى فيلما سينمائيا مثيرا، بالرغم ان خلفية المشهد تظهر عمق النكبة. المشهد يبهر الجمهور المهزوم من المحيط الى الخليج وليس الجمهور الفلسطيني وحسب، الذي يريحه نفسيا تنحية مشهد النكبة لصالح مشهد النصر الكاذب.

من حق حماس ان تحتفل لأنها لا تزال موجودة وتسيطر على الشعب المنكوب في غزة والقطاع المنكوب. فعندما يقول الحية ان “الطوفان” حقق اهدافه فهو يقصد ان حماس لا تزال موجودة في المشهد، ولكن ما يتعلق بالأهداف الوطنية، وحتى الأهداف التي اعلنتها حماس عند إطلاق عملية “الطوفان” مثل تبييض السجون الإسرائيلية، ومنع اقتحامات المسجد الأقصى، وتغيير خريطة الشرق الأوسط لمصلحة الشعب الفلسطيني.

ومن دون شك ان حماس قد استغلت بطريقة معقولة، مسألة المحتجزين الإسرائيليين، وبدعم من حلفائها عبر دبلوماسية الشيكات في الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من أصحاب المؤبدات والأحكام، مئات من الأسرى ذوي الأحكام القليلة، ولكن منذ “الطوفان” اعتقلت إسرائيل اكثر من 12 ألف فلسطيني. كما اننا نعلم سياسة الباب الدوار، بأن تفرج دولة الاحتلال عن الأسرى وتعيد اعتقالهم. كما ان مئات من أصحاب المؤبدات يتم ابعادهم للخارج، في إطار الصفقة، ومع ذلك فإن أي إفراج عن أي أسير هو إنجاز مهم يفرح قلب كل فلسطيني.

استخدم المتحدث باسم حكومة حماس مصطلح قطاع غزة منكوب انسانيا، بما يعني انه ليس نكبة عسكرية، إنها نكبة شعب، وكأن الشعب نكبته هزة أرضية وليس جراء حرب إبادة جماعية اسرائيلية تسبب بها “طوفان” حماس. هناك قدر كبير من المكابرة والتضليل والهدف هو ان تبقى حماس في المشهد وانها هي لا تزال تتحكم بغزة، وتفرض سيطرتها على الشعب المنكوب والقطاع المنكوب.

واذا أردنا تلخيص موقف حماس وما فيه من ملابسات مقصودة، هو انها تصر وتمضي في سياسة فصل قطاع غزة عن الضفة، ومواصلة الانقسام، وتمنع اي فكرة لتعود السلطة الوطنية الفلسطينية في حكم القطاع. وكل رسائل حماس لها مضمون واحد انها هي وحدها من يستطيع السيطرة على قطاع غزة، ويمكن ان تتعاون مع كل الأطراف ولكن ليس السلطة الوطنية وليس منظمة التحرير الفلسطينية.


اقرأ|ي أيضاً| قراءة نقدية للنظرة إلى نتائج الحرب على قطاع غزة …!


مع ذلك فإن كل ايحاءات حماس بالانتصار لا تلغي انها هي والقطاع منكوبة وكل الشعب منكوب وقضيته الوطنية منكوبة. والسؤال: ما الذي ستفعله حماس بعد ان تنتهي مراحل صفقة التبادل، ولا تجد عملية إعمار جدية، وبالتالي استمرار النكبة، واستمرار المعاناة، مما يبقي خطر التهجير الناعم قائما. خصوصا ان ما يقارب ربع مليون مواطن غزاوي قد تركوا القطاع منذ حكمته حماس العام 2007. لذلك فإن مواجهة النكبة لا تتم من خلال تفرد حماس بالمشهد الغزاوي، فرسائلها وصلت للجميع بأنها لا تزال موجودة وتملك ما يكفي من السلاح ما يجعلها الأقدر على السيطرة على الشعب الفلسطيني المنكوب في القطاع.

حماس حتى لو كانت “منتصرة” فهي بحاجة إلى ان تتواضع، بحاجة إلى جرعة وطنية تغلب مصلحة الشعب الفلسطيني المنكوب على مصالح اجندات الممولين. من حق حماس ان تستغل صفقة التبادل في الدعاية إلى اقصى حد ولكن كل ذلك لن يعيد إعمار غزة المنكوبة.

محاولات تصفية القضية الفلسطينية لا تزال محتدمة، رغم وقف إطلاق النار في غزة، والا كيف يمكن تفسير تصريحات رئيس الاركان الإسرائيلي الجديد ايال زامير، والتي يقول فيها ان عام 2025 عام حرب، فالسؤال: اين ستواصل إسرائيل حربها؟ بالتأكيد الضفة ستكون ساحتها، كما يمكن ان تواصلها في قطاع غزة. هناك حاجة ان تنزل حماس عن شجرة النصر المنكوب وتضع يدها بيد السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما يمكن ان تتقدم المنظمة بمبادرة تطمئن حماس بأن لها مكانا كشريك في المشهد الوطني الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *