التصعيد التجاري لترامب مع الدول الكبرى.. هل يفتح أبواب الفرص أمام المغرب؟
![](https://alarabstyle.com/wp-content/uploads/2025/02/6014e7ba4d62b.jpg)
أسابيع قليل على اعتلاء دونالد ترامب المنصب الرئاسي للولايات المتحدة الأمريكية كانت كافية لاندلاع حرب تجارية بين أمريكا ومختلف شركائها التجاريين عنوانها الأبرز فرض رسوم جمركية إضافية على واردات كل من كندا والمكسيك والصين، مع تلميحات بإمكانية فرض رسوم إضافية على واردات الاتحاد الأوروبي.
القرارات الأخيرة للرئيس الأمريكي، طرحت مجموعة من التساؤلات حول إمكانية استغلال المغرب لهذه الخطوات من أجل تعزيز موقعه التجاري مع مختلف هؤلاء الشركاء، خاصة أن المملكة تربطها علاقات تجارية متميزة مع جل هذه البلدان، وبالتالي هل يمكن للمغرب الاستفادة من هذا الوضع؟ وهل هناك أي مخاوف يمكن أن تثار في هذا الجانب؟.
وفرضت الولايات المتحدة رسوما بنسبة 25% على جميع الواردات من كندا، ورسوما بنسبة 10% على منتجات الطاقة الكندية، فيما أكد البيت الأبيض أن خفض الرسوم على الواردات الكندية من الطاقة يهدف إلى تقليل الارتفاع في التكاليف.
وحسب مسؤول في البيت الأبيض، فإن ترامب وقع أمرا بفرض رسوم بنسبة 25% على كل الواردات من المكسيك، وفي الوقت ذاته فرض ترامب رسوما بنسبة 10% على كل الواردات من الصين بالإضافة إلى الرسوم الحالية.
وفي خضم هذه التطورات الاقتصادية، أثار القرار الأمريكي الأخير المتعلق بالعلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، المكسيك، وكندا، العديد من التساؤلات حول انعكاساتها المحتملة على الاقتصاد المغربي.
ويرى المحلل الاقتصادي، رشيد ساري، أن هذا القرار ينبع أساسا من العجز التجاري الذي تعاني منه الولايات المتحدة في مبادلاتها مع هذه الدول، وهو ما دفعها إلى إعادة النظر في سياساتها التجارية.
وأشار المحلل الاقتصادي في تصريح لـ”العمق” إلى أن الوضع الراهن قد يفتح للمغرب فرصا مهمة، خصوصا في قطاع المنتجات الفلاحية، فالمملكة يمكنها تعزيز صادراتها إلى كندا، التي تعتمد بشكل كبير على المنتجات الزراعية المستوردة من الولايات المتحدة.
وسجل المتحدث أن المملكة، بفضل مواردها الفلاحية المتنوعة، قد تستفيد من هذا التحول عبر توسيع حصته في السوق الكندية، لا سيما في ظل الطلب المتزايد على هذه المنتجات.
وعلى الرغم من هذه الفرصة المحتملة، استبعد المتحدث أن يكون للقرار الأمريكي تأثير كبير على الاقتصاد المغربي، نظرا لعدة عوامل، أهمها العلاقات التجارية المهمة التي تربط المملكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يظل الشريك التجاري الأول للمغرب، ناهيك عن كون أن حجم المبادلات التجارية بين المغرب وأمريكا يقدر بحوالي 5.5 مليارات دولار، إلا أن العجز التجاري بين الطرفين يتجاوز 3 مليارات دولار، وبالتالي، فإن التأثير الفعلي لهذه التغيرات قد يكون محدودًا على مستوى المبادلات الثنائية.
على صعيد آخر، أكد ساري أن المغرب يعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الطاقية، خاصة غاز البوتان، ما يجعله من الزبائن الرئيسيين للولايات المتحدة في هذا المجال، ويرى أن هذا المعطى يقلل من إمكانية تحقيق استفادة كبيرة من القرار الأمريكي، باستثناء بعض الجوانب المتعلقة بالقطاع الفلاحي، وهو ما يتطلب إستراتيجية تسويقية محكمة لتعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة.
في المقابل، يواجه المغرب تحديات داخلية، أبرزها الإكراهات التي يعاني منها القطاع الفلاحي، خاصة في ظل تداعيات الجفاف، وبالتالي فإن هذه العوامل حسب المحلل تجعل تأثير القرار الأمريكي على الاقتصاد المغربي محدودا نسبيا، مقارنة بتأثيره على الدول التي تعد أكثر ارتباطا بالاقتصاد الأمريكي.
وفي سياق أوسع، تطرق رشيد ساري إلى السيناريوهات المحتملة في حال اتخاذ تكتل “البريكس” قرارات مثل تبني عملة موحدة، إذ من المتوقع أن يتخذ ترامب قرارات مماثلة بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100%.
وأوضح المتحدث أن المغرب ليس من الدول المصدرة للمواد الصناعية على نطاق واسع، كما أن 90% من صادراته من السيارات موجهة إلى الاتحاد الأوروبي، مما يحد من تأثير هذه التغيرات على الاقتصاد الوطني.
وختاما يرى رشيد ساري أن القرار الأمريكي لن يكون له تأثير جوهري على المغرب، لكنه قد يتيح فرصا محدودة في القطاع الفلاحي، وهو ما يتطلب استراتيجيات فعالة للاستفادة منها. وفي المقابل، تبقى التحديات المرتبطة بالعجز التجاري، الواردات الطاقية، والإكراهات الفلاحية، عوامل مؤثرة يجب أخذها بعين الاعتبار عند تقييم التداعيات الفعلية لهذا القرار.
جدير بالذكر أن ترامب يرى أن الصين، والمكسيك، وكندا تتحمل مسؤولية في أزمة الفنتانيل التي تعصف بالولايات المتحدة، متهما بكين بتصدير المكونات الأساسية لهذه المادة الأفيونية القوية إلى المكسيك، حيث تستغلها عصابات المخدرات في تصنيع الفنتانيل وتهريبه إلى الداخل الأميركي.
ووجه الرئيس الأمريكي انتقادات حادة للمكسيك وكندا بسبب ما اعتبره تقصيرا في ضبط تدفقات الهجرة غير النظامية، وبهذا التصعيد، يستهدف ترامب شركاء تجاريين أساسيين للولايات المتحدة، والذين يشكلون معا أكثر من 40% من إجمالي وارداتها.
المصدر: العمق المغربي