اخر الاخبار

“هيومن رايتس ووتش” تطالب أمريكا بتعليق نقل الأسلحة لإسرائيل

أمد/  واشنطن: قالت “هيومن رايتس ووتش” يوم الثلاثاء، قبيل الاجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الولايات المتحدة ستكون متواطئة في الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية في غزة طالما استمرت في توفير الأسلحة وغيرها من المساعدات العسكرية. ارتكبت السلطات الإسرائيلية خلال هجماتها على غزة جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وأفعال الإبادة الجماعية.

وأضافت، قدمت الولايات المتحدة مساعدات أمنية إلى إسرائيل، وباعتها أسلحة بشكل غير مسبوق منذ الهجوم الذي قادته “حماس” على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. استمرت إدارة بايدن في نقل الأسلحة رغم استخدام القوات الإسرائيلية المتكرر للأسلحة الأمريكية لارتكاب جرائم حرب مفترضة في غزة، ما يجعل الولايات المتحدة متواطئة في استخدام هذه الأسلحة بشكل غير القانوني.

قال برونو ستانيو، كبير مسؤولي المناصرة في هيومن رايتس ووتش: “إذا أراد الرئيس ترامب أن يقطع علاقته بتواطؤ إدارة بايدن في الفظائع التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية في غزة، فعليه أن يعلّق فورا نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وقال ترامب إن الأعمال العدائية في غزة “ليست حربنا” بل “حربهم”، ولكن ستكون غزة أيضا حرب ترامب ما لم تُنهِ الولايات المتحدة دعمها العسكري”.

وفقا لدراسة أجرتها “جامعة براون”، زادت المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لتصل إلى قرابة 17.9 مليار دولار أمريكي في العام الذي مرّ منذئذ. في مارس/آذار 2024، أفادت صحيفة “واشنطن بوست” أن الولايات المتحدة وافقت على أكثر من 100 عملية بيع عسكرية لإسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول السابق، “بما يصل إلى آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل صغيرة القطر، وقنابل اختراق المخابئ المحصنة، والأسلحة الصغيرة، وأشكال أخرى من المساعدات الفتاكة”، في أوائل يناير/كانون الثاني 2025، أبلغت إدارة بايدن “الكونغرس” عن خطة إضافية لبيع أسلحة بقيمة 8 مليارات دولار لإسرائيل.

أفادت وزارة الصحة في غزة بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أسفرت عن مقتل 47 ألف فلسطيني على الأقل، وعلى الأرجح أكثر من ذلك بكثير. هجّرت السلطات الإسرائيلية قسرا كل سكان غزة تقريبا، واستخدمت تجويع المدنيين سلاحَ حرب، وحرمت المدنيين عمدا من المياه والكهرباء والمساعدات الطبية وغيرها من الأشياء الضرورية لبقائهم، ودمرت البنية التحتية الأساسية في غزة وأغلب المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات أو ألحقت بها أضرارا. ترقى هذه الأفعال إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وأفعال إبادة جماعية.

وحددت “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” وعشرات التقارير الإعلامية، بما في ذلك “سي إن إن” وإذاعة “إن بي آر” وصحيفتي “نيويورك تايمز” وواشنطن بوست، و”وكالة فرانس برس” استخدام أسلحة أميركية في الهجمات الإسرائيلية التي قتلت وشوّهت عشرات المدنيين وعمال الإغاثة، ومن المرجح أنها انتهكت القانون الإنساني الدولي.

رغم الأدلة الساحقة على تجاهل الحكومة الإسرائيلية قوانين الحرب، لم يوقف الرئيس آنذاك بايدن شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل، باستثناء حجب شحنة واحدة على الأقل من القنابل التي تزن 2,000 رطل، في سياق “القلق” الأمريكي بشأن استخدامها في الهجوم المخطط له حينها على رفح في جنوب غزة.

قالت “لجنة القانون الدولي” في تقرير من العام 2001 إن الدولة التي تساند أو تساعد دولة أخرى إلى حد بعيد في فعل غير مشروع دوليا مسؤولة بدورها عنه إذا قامت بذلك مع علمها بظروف الفعل. لفتت اللجنة إلى أنه: “على سبيل المثال، قد تتحمل الدولة المسؤولية إذا قدمت مساعدات مادية إلى دولة تستخدم المساعدات لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان”.

كان مسؤولو إدارة بايدن على دراية تامة بالأدلة المتزايدة على ارتكاب القوات الإسرائيلية انتهاكات جسيمة في غزة، بسبلٍ تشمل استخدام الأسلحة الأمريكية. وقد قدمت منظمات حقوقية، ومنظمات إنسانية، وخبراء مستقلون وثائق وفيرة إلى الحكومة الأمريكية، وقال موظفون حكوميون إنهم قدموا تقارير مماثلة داخليا.

خلصت “محكمة العدل الدولية” إلى أن الادعاءات التي قدمتها جنوب أفريقيا في قضيتها ضد إسرائيل بموجب “اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948” كانت “معقولة” وأن التدابير المؤقتة التي اتخذتها المحكمة الدولية لحماية الفلسطينيين وضعت إدارة بايدن على علم بخطر ارتكاب جرائم فظيعة في غزة.

تحدث مسؤولو إدارة بايدن بصراحة عن انتهاكات الحكومة الإسرائيلية، في نوفمبر/تشرين الأول 2023، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن “عددا كبيرا جدا من الفلسطينيين قُتلوا” على يد القوات الإسرائيلية، وبعد شهر، وصف الرئيس بايدن هجمات الحكومة الإسرائيلية بأنها “عشوائية”، وقال لاحقا إنه بعد أيام من هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، أخبر نتنياهو أن إسرائيل “لا يمكنها قصف غزة بشكل كاسح”.

خلص تقرير إدارة بايدن إلى الكونغرس في مايو/أيار 2024 بشأن “مذكرة الأمن القومي 20” إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية استخدمت على الأرجح أسلحة قدمتها الولايات المتحدة بطرق “تتعارض مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي”. ذهب بايدن في مقابلة مع شبكة سي إن إن في مايو/أيار 2024 أبعد من ذلك، قائلا، “قُتل مدنيون في غزة نتيجة لتلك القنابل وباقي الطرق التي تهاجم بها [إسرائيل] التجمعات السكانية”، وهو ما كان عاملا في حجب قنابل الـ 2,000 رطل.

وافق الرئيس ترامب على الإفراج عن شحنات قنابل الـ 2,000 رطل للقوات الإسرائيلية ودعا إلى “تنظيف ذلك الشيء [غزة] بالكامل”، وهو ما من شأنه أن يرقى إلى تصعيد مثير للقلق في التطهير العرقي بحق الفلسطينيين في غزة.

كما يمكن اعتبار الرسميين الأميركيين مسؤولين جنائيا عن “المساعدة والتحريض” على جرائم الحرب التي ترتكبها القوات الإسرائيلية، قدمت القوات الأميركية معلومات استخبارية واسعة النطاق استُخدمت في عمليات الاستهداف الإسرائيلية، ونسّقت بشكل وثيق مع القوات الإسرائيلية في التخطيط للعمليات العسكرية، كما اعترف مسؤولون أميركيون، وقال بايدن في أكتوبر/تشرين الأول 2024، إنه أمر “أفراد العمليات الخاصة وموظفينا الاستخباريين بالعمل سويا مع نظرائهم الإسرائيليين للمساعدة على تحديد موقع [يحيى] السنوار وقادة حماس الآخرين المختبئين في غزة وتعقبهم، وبمساعدة استخباراتنا، طارد الجيش الإسرائيلي قادة حماس بلا هوادة”.

وأفادت وكالات أنباء عدة، بأن الجيش الأميركي و”وكالة الاستخبارات المركزية” ووكالات أمريكية أخرى نشرت قوات وعملاء آخرين للعمل مع السلطات الإسرائيلية، وشمل ذلك توفير معلومات استخبارية (مستقاة من مراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية) و”رادار اختراق الأرض،. كما أطلقت الولايات المتحدة طائرات استطلاع مسيّرة في الأيام الأولى من الأعمال العدائية؛ وفي حين ربط المسؤولون الأميركيون ذلك باستعادة الرهائن، أقرّوا بأن هذه الجهود كانت “متشابكة” دائما مع البحث عن قادة حماس.

وأفاد موقع “ذا إنترسبت”، أن القوات الجوية الأميركية أرسلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ضباطا أميركيين “لتزويد الإسرائيليين بمعلومات استخبارية عبر الأقمار الصناعية لغرض الاستهداف الهجومي”، وبحسب ما ورد، ساعدت الاستخبارات الأميركية في تحديد موقع أربعة رهائن أنقذتهم القوات الإسرائيلية في عملية في مايو/أيار 2024 قتلت، وفقا لوزارة الصحة في غزة، 274 فلسطينيا. كما أبلغت الاستخبارات الأميركية أيضا أن الفصائل المسلحة الفلسطينية كانت تعمل داخل “مستشفى الشفاء”، الذي هاجمته السلطات الإسرائيلية لاحقا، ما أسفر عن مقتل العشرات.

توصلت الحكومة الإسرائيلية وحماس في يناير/كانون الثاني 2025 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن ما يزال المدنيون الفلسطينيون في غزة يعانون من وضع إنساني مزرٍ وأضرار جسيمة ناجمة عن الحصار غير القانوني والهجوم من جانب إسرائيل.

ينبغي للولايات المتحدة تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل طالما أن القوات الإسرائيلية ترتكب انتهاكات واسعة وخطيرة بدون عقاب تصل إلى حد جرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الولايات المتحدة أيضا المساهمة في التعويض وإعادة الإعمار في غزة لأنها وفّرت الأسلحة المستخدمة في ارتكاب جرائم الحرب المفترضة.

تقديم المساعدة العسكرية إلى إسرائيل ينتهك القانون الأمريكي أيضا، إذ تحظر العديد من القوانين، بما في ذلك القسم 502(ب) من “قانون المساعدات الأجنبية لعام 1961″، نقل أسلحة إلى بلدان لا تلتزم بقوانين النزاع المسلح. ويمنع قسم آخر من ذلك القانون الولايات المتحدة من إرسال أسلحة إلى أي دولة “تحظر أو تقيد على نحو مباشر أو غير مباشر نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأمريكية”، وهو ما قالت العديد من وكالات الحكومة الأمريكية إن إسرائيل فعلته وقد وثّقته هيومن رايتس ووتش.

قال ستانيو: “قال الرئيس ترامب إن الولايات المتحدة ستقيس النجاح جزئيا من خلال “الحروب التي لن نخوضها أبدا”، لكنه أنهى فورا تجميد شحنات قنابل 2,000 رطل إلى الحكومة الإسرائيلية. عوضا عن ذلك، على ترامب اتخاذ خطوات لإنهاء دعم فظائع الحكومة الإسرائيلية في غزة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *