نقابات تتحد ضد تمرير قانون الإضراب وتتهم الحكومة بالسعي لـ”تكميم أفواه الشغيلة”
كشفت أربع مركزيات نقابية، اليوم الإثنين، بمدينة الدار البيضاء، عن أسباب ودواعي الإضراب العام الوطني المقرر تنفيذه يوم الأربعاء 5 فبراير 2025.واجتمعت كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب UNTM والمنظمة الديمقراطية للشغــل ODT، وفيدرالية النقابات الديمقراطيـة FSD، من أجل الكشف أيضا عن البرنامج النضالي الذي تم تسطيره في خضم مستجدات التي يعرفها مشروع القانون التنظيمي للإضراب المنتظر التصديق عليه اليوم الاثنين بمجلس المستشارين.
قال خالد الهوير العلمي، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “الحكومة المغربية تعاني من إشكالية زواج المال بالسلطة، وهذا إشكال حقيقي نتج عنه القانون التنظيمي للإضراب الذي يحاول تكبيل أيادي الشغيلة في مختلف القطاعات وتكميم أفواه المتضررين، ونحن هنا من أجل الضغط على الحكومة للتراجع عن هذا القانون الذي يضرب في عمق الوثيقة الدستورية”.
وأضاف الهوير في ندوة صحفية نظمتها أربع مركزيات نقابية بالمقر المركزي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اليوم الإثنين، بمدينة الدار البيضاء أن “قرار إعلان الإضراب الوطني هو جواب نضالي عن تجاوزات الحكومة في قالب سياسي محض، لأن الحكومة عندما تريد إنهاء قانون ما تهرول بسرعة إلى البرلمان من أجل استغلال أغلبيتها الساحقة”، مشيرًا إلى أن “الحكومة تستعمل خطابات متعددة من أجل تضليل الرأي العام في ظل الأزمة المالية الخانقة”.
وأردف أيضًا أنه “هناك حرب طبقية تشنها الحكومة بمختلف قطاعاتها، وهذا أمر واضح، نظرًا للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا منذ سنوات”، مضيفًا أن “الحكومة لا تحرص على توفير الأمن الغذائي والمائي والطاقي، لأن هذه هي الإشكاليات الحقيقية التي تعيشها الأسر المغربية”.
وزاد: “قرار الإضراب جاء بعد شهور من محاولة التفاوض مع الحكومة التي أغلقت باب الحوار الاجتماعي، ولجأت إلى الطريقة السهلة لتفادي رغبة النقابات المركزية، لكن هذا لم يؤثر على هذه النقابات وإنما زاد من قوتها في مواجهة التحديات التي فرضتها الظرفية”.
من جهته، يرى مصطفى المريزق، الكاتب العام لفيدرالية النقابات الديمقراطية، أن “هذا القرار الذي اتخذته المركزيات النقابية جاء للتعبير عن رفضنا للسياسة التراجعية التي حاولت الحكومة المغربية نهجها في حق الطبقة العمالية، وبالتالي فإن حكومة أخنوش تغافلت عن المقاربة التشاركية وفضلت إنجاز مشروع ظالم بعيدًا عن الحقوق التي ينص عليها الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية”.
وأفاد المريزق، في كلمته التي ألقاها أمام أعضاء وقيادات نقابية، أن “الحكومة أجهزت على حقوق الشغيلة التي طالبت بحقوقها المهضومة سواء على مستوى القطاع العام أو الخواص، لذلك فإن القانون التنظيمي للإضراب جاء نتيجة زواج المال بالسلطة، وأيضًا سياسة ‘الباطرونا’ التي تحاول السيطرة دون تسوية وضعية العمال والموظفين”.
وأوضح أن “الحكومة الحالية تعمل على تهميش الحركة النقابية، وهذا سيخلق صراعات سياسية ونضالية قوية، لأنه كان هناك اتفاق مسبق على مأسسة الحوار الاجتماعي، لكن الحكومة أخلّت بهذا الاتفاق وفضلت الهروب إلى البرلمان لاستغلال أغلبيتها”.
وبالمقابل، أكد علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن “الحكومة سحبت حوالي 8 مشاريع قوانين من أجل إعادة النظر فيها، إلا القانون التنظيمي للإضراب الذي كان عالقًا منذ سنة 2016، حيث كان أحد الوزراء يعتبر الطبقة العاملة أمية، وأن النقابات تحاول اللعب على هذا الوتر من أجل الضغط على السلطة التنفيذية”.
وأشار لطفي إلى أنه “هناك جهات، وعلى رأسها الحكومة، لا تحترم الطبقة العاملة، وخير دليل ما جاء في القانون التنظيمي للإضراب الذي يهضم حقوق الشغيلة، علمًا أن الصيغة التي جاءت في الدستور هي صيغة مطلقة لا تربط الإضراب فقط بالعمال وإنما بجميع المهن والقطاعات”.
واعتبر الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل أن “قانون الإضراب يتضمن توجهات خطيرة من أجل تشجيع الاستثمار على حساب الطبقة العاملة، نظرًا لأن انخفاض وتيرة الاستثمار سببها ارتفاع منسوب الفساد المالي والإداري الذي هرب أغلب المستثمرين الأجانب، ووضع البلاد في مأزق المديونية الخارجية سواء من طرف البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي”.
وفي نفس السياق، قال محمد زويتين، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل، إن “الحكومة أعدت القانون التنظيمي للإضراب دون احترام التوجهات السامية للملك محمد السادس، أو الالتزام بتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والأكثر من ذلك هو التخلي عن آراء المركزيات النقابية في إطار الحوار الاجتماعي التي أقصت من خلالها مجموعة من النقابات ذات التمثيلية الكبيرة”.
وأضاف زويتين أنه “علاوة على ذلك، لم تتجاوب الحكومة مع المقترحات التي أنجزتها نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وهذا خطير جدًا ودليل على أن أصحاب المال والسلطة يحاولون تدمير الطبقة العاملة باعتبارها الحلقة الأضعف في هذا الإطار”.
ولفت الأمين العام إلى أنه “على الحكومة إعداد مشروع قانون النقابات قبل قانون الإضراب، حيث لا يمكن تقنين حق الإضراب دون هيكلة التنظيمات النقابية”، مشددًا على أن “الحكومة عليها حلحلة المشاكل الاجتماعية التي تعيشها الطبقات العاملة في مختلف القطاعات، وأن كثرة الإضرابات دليل على وجود أزمة خانقة”.
المصدر: العمق المغربي