مسيرة شارع الرشيد للعودة أمد للإعلام
أمد/ عشرات الالاف من الفلسطينيين يتدفقون معاً، بمسيرة متواصلة حاشدة من مواقع تهجيرهم، من جنوب ووسط قطاع غزة، متجهون إلى مدينة غزة وإلى مدن الشمال في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، إلى مواقع الدمار والخراب، ولكنهم يُصرون على خيارهم بالعودة إلى بيوتهم المهدمة، التي فجرها وقصفها الاحتلال متعمداً، بهدف ترحيلهم وإبعادهم وتهجيرهم.
صباح يوم الاثنين 27 كانون الثاني 2025، تدفق عشرات الالاف، بل مئات الالاف، تدفقوا بمسيرة نحو الشمال، وكأن مسيرتهم وإصرارهم على العودة، منذ تنفيذ قرار وقف إطلاق النار وتنفيذ خطوات صفقة التهدئة التي بدأت فجراً، حاملة بُشرى حقهم في العودة إلى بيوتهم.
كأنه يوم الحرية، يوم العودة، يوم الانتصار، شعب مذهل، يقدم الصورة النقيضة، وكأنهم يردون بشكل جماعي، من قبلهم، من قبل شعب فلسطين في غزة، يردون بشكل جماعي على تصريحات الرئيس الأميركي ترامب في مطالبته لتهجير أهالي قطاع غزة نحو مصر والأردن، أنهم يتجهون من جنوب قطاع غزة، من الحدود المصرية الفلسطينية نحو شمال القطاع المنكوب بالدمار والقتل والحرمان، يتجهون إلى غزة، ومنها إلى بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا المدمرة بالكامل، ومع ذلك يُصرون على العودة ليقيموا على خراب بيوتهم المدمرة، من خلال بناء خيمة على أنقاضها، لبداية حياة جديدة، هزيمة لبرنامج المستعمرة الذي كان يهدف إلى تفريغ قطاع غزة من أهله وشعبه عبر القتل المتعمد، وبرنامج التهجير المنهجي.
حقاً إنهم يصنعون فجر الثبات والصمود، مُبشرين بفجر الحرية، مُبشرين بمواصلة الحياة نحو الأرض وفوقها، نحو فهم وقول شاعرهم الراحل محمود درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، وها هم يصنعون الحياة والكرامة ليكونوا نموذجاً لباقي مكونات شعبهم المعذب المشرد .
الفلسطينيون يدفعون ثمن حريتهم واستقلالهم، يدفعون ثمن صمودهم الأسطوري، بخيار البقاء والصمود، وإفشال مخططات جنرالات المستعمرة، وبرنامجها ومشروعها الاستعماري التوسعي الإحلالي، ليقيموا وطنهم المستقل الحر على أرض فلسطين، على كامل أرض فلسطين.
شعب الجبارين، كما وصفهم قائدهم الراحل ياسر عرفات الذي أعاد لهم هويتهم المبددة، ووحد نضالهم وجهادهم وتنظيماتهم وذواتهم الوطنية المستقلة مع الفصائل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن قاد وفجر الثورة الفلسطينية قبل عام الاحتلال 1967، وتحولت فلسطينياً وعربياً ودولياً الممثل الشرعي الوحيد والقائد الفعلي الحقيقي لمسيرة شعب فلسطين نحو فلسطين، وحقق ذلك بالخطوة الأولى، بعد الانتفاضة الأولى عام 1987، وعاد معه مئات الالاف إلى فلسطين بفعل اتفاق أوسلو عام 1993، وها هي مسيرة شعبه تتجدد وتقفز خطوة إلى الأمام بفعل مبادرة حركة حماس وعملية 7 أكتوبر 2023، التي تُعتبر الخطوة والمحطة الرابعة في مسيرة النضال الفلسطيني.
ونحن أبناء الأردن، والعرب والمسلمين والمسيحيين نتباهى بهم، نفخر أننا وإياهم في خندق واحد، من أجل أمن الأردن واستقراره وتقدمه وتعدديته، ومن أجل حرية فلسطين كما يستحق شعبها، في الحرية والكرامة والعودة.