مغربية الصحراء.. هل يرسم التقارب الاقتصادي آفاقا جديدة لمسار العلاقات بين الرباط ونواكشط؟
تفتح الدينامية الاقتصادية التي تشهدها علاقات التعاون بين المغرب وموريتانيا آفاقا واعدة نحو بلورة موقف جديد تجاه ملف الوحدة الترابية للمملكة. وبدأت ملامح التقارب تظهر جليا، من خلال رغبة البلدين في تعزيز الشراكات الاقتصادية، آخرها توقيع مذكرة تفاهم لتطوير الشراكة في قطاعي الكهرباء والطاقات المتجددة بين البلدين.
ففي خطوة تسعى لتسريع التعاون بين الرباط ونواكشوط في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة، وقعت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، ووزير الطاقة والنفط الموريتاني، محمد ولد خالد، اتفاقية تفاهم تشمل تنفيذ مشاريع لتزويد القرى بالكهرباء، وتعزيز مبادرات الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى العمل على توحيد الأنظمة الكهربائية القياسية بين البلدين.
وبحسب ما أوردته وكالة الانباء الموريتانية، فإن هذا الاتفاق يعتبر خطوة محورية لتسريع التعاون بين موريتانيا و المغرب في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة، ويشمل تنفيذ مشاريع لتزويد القرى بالكهرباء، وتعزيز مبادرات الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى العمل على توحيد الأنظمة الكهربائية القياسية بين البلدين.
وتتضمن المذكرة التي تهدف إلى تحقيق أمن الطاقة، وتنويع مصادرها، ودراسة إنجاز مشروع ربط كهربائي يعزز استقرار الشبكات، ويحسن إمدادات الكهرباء، تبادل الخبرات والتقنيات وأفضل الممارسات في مجال إدارة الشبكات والسلامة الكهربائية، فضلاً عن تعزيز الكفاءات البشرية من خلال برامج تدريبية مشتركة.
وأشارت الوكالة إلى أن اللقاء تطرق إلى مشاريع استراتيجية كبرى، مثل مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا ومشاريع الطاقات الجديدة كالهيدروجين الأخضر، مضيفة أن الطرفين أكدا على أن العلاقات بين البلدين الشقيقين تقوم على رؤية مشتركة تركز على التنمية المستدامة وتعكس الإرادة المشتركة، في تعزيز مكانة إفريقيا كقارة تمتلك إمكانات معتبرة للنمو والازدهار.
آفاق واعدة
ويرى متتبعون أن الدينامية الاقتصادية التي تشهدها علاقات التعاون بين المغرب وموريتانيا تفتح آفاقا واعدة نحو بلورة موقف جديد تجاه ملف الوحدة الترابية للمملكة. وفي هذا السياق، قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية ونزاع الصحراء، صبري الحو، إن هذا الاتفاق ومذكرة التفاهم الملازمة والملحقة له هو تعاون بنظرة الحكماء الذين يجعلون الحاضر أساسا قويا وركنا صلبا وركيزة متينة لبناء المستقبل وربطه بإيمان راسخ وبيقين مطلق أن التعاون والتكامل في كافة المجالات تتعدى الثقافي إلى الاقتصادي وينتقل إلى قطاعات استراتيجية في الطاقة والتكنولوجيا.
وقال المحامي الدولي إن قطاع الطاقة يحضى بأولوية فضلى لدى كافة الدول، وأضاف: “لنلاحظ كيف ركز الرئيس الأمريكي في حملته على الطاقة والتكنولوجيا. فمن يتأخر اليوم عند اكتساب الخبرة وتحقيق الفائض وعلى الأقل الاستقلالية والاكتفاء الذاتي في ميدان الطاقة سيتقهقر إلى الخلف وستعيش بقية قطاعاته أزمة بل سيرهن سيادته لصالح ولفائدة الغير وسيعيش تبعية مزمنة”.
وشدد الرئيس العام لأكاديمية التفكير الاستراتيجي على أهمية هذا الاتفاق ومذكرة التفاهم بين المغرب وموريتانيا، معتبرا إياها نظرة استراتيجية تروم ضمان المستقبل والتحكم فيه وتهدف إلى الحفاظ على المصالح الوطنية وتعزيز سيادة البلدين في اطار تكامل وتطابق مصالحهما.
وخلص الحو إلى أن مذكرة التفاهم بين نواكشوط والرباط هو اتفاق من أجل المستقبل لأنه يضمن لموريتانيا الاستفادة من الطاقة أولا ومن تجربة المغرب في كهربة العالم القروي بعد أن نجحت سياسته وخطته في الميدان، كما سيضمن للمغرب تنفيذا لمشروعه الاستراتيجي العملاق المتعلق بمرور بأنبوب الغاز نيجيريا المغرب عبر الإقليم الموريتاني والذي سيستفيد بدوره شأن بقية دول الساحل من التزود منه بالغاز. ولهذا اعتبر هذا الاتفاق اتفاق الحكماء من أجل ضمان استقلال السيادة الوطنية للبلدين في المستقبل.
لبنة جديدة
من جانبه، أكد الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نورالدين، أن ” التوقيع على مذكرة التفاهم بين المغرب وموريتانيا في مجال الطاقة يعتبر لبنة جديدة في صرح التعاون الاقتصادي بين البلدين. ومن الناحية العملية هذا الربط الكهربائي موضوع مذكرة التفاهم، وكذلك عشرات الاتفاقيات الأخرى، كلها تكرس علاقة الجوار بين البلدين، وهي اعتراف ضمني بمغربية الصحراء”.
وفي سياق رفضها الانجذاب وراء جملة الإغراءات التي تخضع لها من لدن الدول الراعية للانفصال في الأقاليم الجنوبية للمغرب، قال المتحدث في تصريح خص به جريدة “العمق”: “آن الأوان لأن تخرج موريتانيا من المنزلة بين المنزلتين وأن تحسم أمرها وتنحاز للشرعية التاريخية بدل مخططات التقسيم الاستعمارية التي ترعاها الجزائر. وأظن أن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية مهيأة لاتخاذ هذا القرار، كما أنّ موريتانيا لم تعد تلك الدولة الضعيفة التي كانت تهدّدها الجبهة الانفصالية والجزائر بالتدخل العسكري المباشر أو بالانقلابات”.
وأضاف المتحدث ذاته أن ” موريتانيا اليوم تشق طريق التنمية والاستقرار وقيادتها الحالية لا تنقصها الشجاعة السياسية لقلب الطاولة على الابتزاز الذي مارسته الجزائر ضدها طيلة نصف قرن في ملف الصحراء المغربية”. وأكد أنه ” لا يمكن للشعب الموريتاني أن ينسى أنّ النظام الجزائري أوغل في دماء الموريتانيين في الفترة ما بين 1975 و1978 وقد شنّ حرباً شارك فيها الجيش الجزائري إلى جانب ميليشيات “البوليساريو” ضدّ الجيش الموريتاني ووصلوا إلى مشارف العاصمة نواكشوط التي تعرضت للقصف، وخلفت تلك الحرب أزيد من ألفي قتيل موريتاني ومئات المختطفين الى اليوم”.
المصدر: العمق المغربي