اخبار السودان

ثورة ديسمبر المجيدة باقية ومستمرة…!

أحمد بطران عبد القادر

 

تمر الأيام حزينة مثقلة بالجراح ثقيلة الخطي كثيفة الأحداث المؤلمة علي شعبنا الذي يعيش محنة تزهق فيها الأرواح وتهدر كرامة الإنسان وتنتهك الحرمات وتغتصب الحرائر انها مأساة إنسانية وكارثة بشرية لم يرى لها العالم مثيل ولم يعيش شعبنا في تاريخه العريق لحظات عصيبة مثلها بل كانت بلاده ملاذا آمنا لكثير من شعوب العالم في حروبهم وسلمهم وقد استقبلت بلادنا هجرات بشرية من كل انحاء الدنيا من الهنود والاحباش والمغاربة والأكراد والشوام واليمنيين وغيرهم من العمق الإفريقي والاروبي ومن الاغريق واليونانيبن تعايشوا وتصاهروا وتزاوجوا واصبحوا مواطنين اصلاء لهم ما لنا وعليهم ما علينا لم يجدوا الا السلم والأمان والعيش بيننا عز وشموخ

غير ان انفجار الأوضاع في الحرب العبثية حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م حولت عمار شعبنا المعطاء الي خراب ودمار وهتكت نسيجه الاجتماعي واوشكت ان تذهب به بعيدا في مجاهيل مظلمة لحرب أهلية شاملة لولا حكمته وحسن رويته في الا ينساق اليها وان يرفضها وهو يعلم ان من تورطوا في التخطيط لها انما يريدون قطع الطريق امام ثورته العظيمة ليجهضوا مشروع التغيير و يهجرون شعبه قسريا الي معسكرات النزوح وبلدان اللجوء حتي يفقد مستقبله ويتيه في ظلمات ظلمهم ويصبح مقيدا ببراثن اغلالهم ولكن هيهات فالشعب السوداني فطن و عصي علي كل المؤامرات وسيتخطاها بيقظة وحكمة معهوده في بنيه وشعبه المغوار الذي صنع الثورات ضد الظلم والاستبداد وفجر الانتفاضات الشعبية تلو الاخر حتي بلغنا موجة ثورة سبتمبر المجيدة التي تمر ذكراها العطرة وهي مازالت تخطوا الي الامام وكأن دورتها لم تكتمل حتي تنتصر لقيم الحق والحرية والجمال كيف لا؟ وهي ثورة شعبية سلمية عفوية في اندلاعها وتفجرها عميقة في تعبيرها وتجذرها ورؤاها وقد ادهشت العالم بسلميتها وقوة عزيمتها في الوصول الي الغايات النبيلة وتحقيق الأهداف الجليلة .

وفي ذكري الثورة المجيدة المستمرة نؤكد انها ثورة شعبية سودانية خالصة ثورة عارمة ضد الظلم والاستبداد ، ضد الفساد واستغلال الدين لقهر العباد وانها ثورة مستمرة ضد الطغيان في اي زمان ومكان ونؤكد على سلميتها وانها ثورة مستمرة متعمقة ومتجذرة في قلب كل سوداني يتطلع لمستقبل مشرق لبلاده وان تداعياتها لم تتوقف والأشواق لتحقيق اهدافها تتزايد والحوجة الي فعلها المؤثر وسحرها الخلاق مازالت قائمة كما اسباب اندلاعها كذلك مازالت قائمة .

 

هذه الثورة المجيدة ، التراكمية التي بدأت طلائعها تتشكل منذ مطلع الستينات كانت لها موجات عاتية ضد الدكتاتوريات احدثت تغييرات عميقة في الوجدان السوداني وفي الخارطة السياسية والإجتماعية وساهمت في بث الوعي والاستنارة لتكون اكثر قوة وحسم في انطلاق موجتها الحديثة في ديسمبر 2018م لذا لم تكن مجرد تحرك سياسي محدود إنما كانت ثورة شعبية حقيقية شارك فيها الصغار والكبار من النساء والرجال وكانت مشاركة المرأة بصورة مؤثرة لفتت انتباهة العالم انها ثورة تحمل احلام الشباب ورؤى التغيير الي وضع سياسي عادل نزيه وشاف تتوفر فيه الحرية والحياة الكريمة التي تحترم انسانية الإنسان تحفظ امنه وتصون كرامته وقد نجحت في إسقاط النظام الاستبدادي لتحقيق بعض الأهداف المهمة لتستقيم الأوضاع في بلادنا علي هودى ونور بترسيخ ثقافة الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان ببناء دولة مدنية ديمقراطية ونظام حكم فدرالي يحقق العدل والمساواة في كافة مستويات الحكم والإدارة

ولئن سطى الاستبداديون من سدنة النظام القديم وحلفائهم الداخليين والخارجيين علي السلطة مجددا في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م ثم اختلفوا فيما بينهم واحتكموا للبندقية في ١٥ ابريل٢٠٢٣م فإننا بحول الله وقوته ماضون في مواصلة مشروعنا النضالي من أجل تحقيق أهداف الثورة في العدل والحرية والسلام بالحفاظ علي نسيجنا الاجتماعي موحدا و بتعزيز ثقافة السلام ونبذ العنف والكراهية فروح الثورة باقية وحاكمة تشيع لغة التسامح والتعاون بين كافة مكوناتنا الثقافية والاجتماعبة والاقتصادية وندعو شعبنا الصامد الصابر ان يصطف لهزيمة الحرب و الا تنازل عن الحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي واقرت بها كل التشريعات السماوية والبشرية في رحلتها الطويلة الي تحرير الإنسان من الرق والعبودية والقهر وكافة صنوف الظلم والاستبداد وعدم اضطهاده باي معايير تمييزية فالإنسان ولد حرا وينبغي ان يحيا حرا كريما كما يريد علي ان يحفظ حقوق الآخرين فلا تراجع عن المباديء وعلي العالم الحر دعمنا ومساندتنا في تحقيق أهداف ثورتنا المجيدة في الاتي :

 

إيقاف الحرب علي اسس سليمة تعالج الأزمة السودانية من جذورها وتضع الأساس السليم القويم للانتقال المدني الديمقراطي

بناء دولة مدنية ديمقراطية علي اساس المواطنة واقامة نظام حكم فدرالي عادل نزيه وشفاف

ترسيخ ثقافة الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان التي كفلتها القوانين الدولية والاتفاقيات للافراد والمجتمعات والالتزام بها وحمايتها وحوكمة الدولة السودانية علي اسسها

تطوير النظام العدلي والقضائي وتأهيله ليكون قادرا علي تحقيق العدل والحفاظ علي ثوابت وروح القانون الدولي والانساني

الشروع فورا في تحقيق العدالة الجنائية والانتقالية لتكون فلسفة الإصلاح المؤسسي والتصالح الاجتماعي والسياسي قائمة علي اسس العدالة الانتقالية التي ينبغي ان نضبط مصطلحاتها وتعريفاتها مستهدين بتجارب الشعوب الحرة التي خاضت حروب أهلية وصراعات دموية ونزاعات عرقية حتي نستطيع بناء الدولة المدنية الديمقراطية علي اسس الحوكمة الاستراتيجية في الرؤى والسياسات والقانون وفق مرجعية أهداف مبادىء ثورة ديسمبر المجيدة

الاهتمام بمعاش الناس بإنتهاج سياسات اقتصادية تعتمد علي حشد الموارد الذاتية وتغليب المصلحة الوطنية في استغلال الموارد استغلالا امثلا بالصناعات التحويلية للثروات لتضيف قيمة مضافة لاقتصادياتنا وتشجيع الاستثمارات في كافة المجالات خصوصا في الصناعات الغذائية الصغيرة مسترشدين ببيوت خبرة ذات مصداقية في كافة المجالات

رفع روح الحس الوطني باستنهاض همم الشباب والقوي المدنية السياسية لتولي مسؤولياتهم في الحافظ علي الامن القومي وسد الثغرات وتعزيز نقاط القوة والقدرة علي حماية البلاد ومواجهة كل المخاطر والتحديات

بناء علاقات خارجية متوازنة تحافظ علي استقلال البلاد وحماية امنها القومي مستفيدين من موقعها الاستراتيجي في تعزيز التعاون الدولي في التجارة البينية والدعم اللوجستي ودرء المخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين

تطوير القوات المسلحة وتحديثها عدة وعتاد اكاديميا ومهنيا ولوجستيا لتكون اكثر قدرة علي حماية البلاد والمحافظة علي وجودها وبقائها قوية متحدة والنأي بها عن ممارسة اي دور سياسي في المستقبل مع التركيز علي غربلتها من اي عناصر سياسية او تنظيمات ذات ولاءات أيدولوجية

اجراء حوار سوداني سوداني بين كافة المكونات السياسية والمجتمعية وحملة السلاح للتوافق حول رؤية علمية مدروسة لنضع دستور دائم تحسم فيه قضايا كبري مثل كيف يحكم السودان؟ وكيف يتم الوصول للسلطة؟ وما هي علاقة الدين الدين بالدولة؟ والي اي من المنطمات الدولية والإقليمية يجب ان ننتمي؟ وما هو دورنا فيها وايها يجب ان نفارق؟ولماذا؟

تشكيل حكومة مدنية ذات قاعدة عريضة من كفاءات وطنية مختبرة لم تتورط في الحرب علي ان تقوم بتحقيق العدالة وتعويض ضحايا الحروب والنزوح و وإعادة الإعمار والبناء بالتركيز علي البنيات التحتية خصوصا في المناطق الاكثر تضررا مع الالتزام بتوفير الخدمات الأساس في التعليم والصحة والغذاء والدواء واعتماد منهج التنمية المحلية لنبدأ النهضة من الريف ثم نصل الي المدينة لنحقق تنمية شامة متوازنة تمكننا من التوزيع العادل للثروة والسلطة

اننا ندعو شعبنا الذي خرج شاهرا سيف الثورة في ديسمبر المجيدة وقد رفض الحرب العبثية ودفع اثمان باهظة في ظل جحيمها وعاش ايام غريبة كئيبة قاتمة عصيبة لقي فيها من القهر والقتل والنهب والسلب والعذاب والاغتصاب ما لقي ندعو الي التسامي والترفع عن النزعة الثأرية ونببذ العنف والكف عن خطاب الكراهية واليعلم ان كل من شاركوا في هذه الحرب معروفون سوي صانعون للأحداث او مغرر بهم وستطالهم يد العدالة وسنحاسبهم علي كل الجرائم التي ارتكبوها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والتهجير القسري والإبادة الجماعية والقتل خارج نطاق القانون والقتل علي اسس عرقية كلها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مرصودة وموثقة ولن يفلت من فعلوها من العقاب وفق القانون والمحاكم وليس عبر الحملات الثأرية لان بناء الاوطان يحتاج لروح التسامح والغفران من منطلق القوة لا بالاستهبال السياسي والاستجداء العاطفي فالثورة انما جاءت لتحقيق العدل والحرية والسلام وهذا لن يتحقق الا بارادتكم وتحكيم صوت العقل والحكمة والضمير الإنساني وفق موروثنا الثقافي والاجتماعي فالنعتمد علي قيمنا السمحة ومبادئنا النبيلة في تزين حياتنا القادمة في سودان الخير والمحبة السودان الجديد سودان العدل والحرية والكرامة الإنسانية الذي سنصنعه بعد إيقاف هذه الحرب اللعينة ونرعاه بأعيننا وانا لقادرون إننا جيل ثورة ديسمبر الميمون.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *