اخبار السودان

تحذيرات من “غضب روسي”.. حكومة الشرع تلغي عقد استثمار مرفأ طرطوس

قالت مصادر خاصة في مرفأ طرطوس على الساحل السوري، إن الإدارة السورية الجديدة أصدرت قراراً بإلغاء العمل في الاتفاقية الموقعة مع روسيا حول استثمار مرفأ طرطوس.

وأكد أحد المسؤولين في مرفأ طرطوس، لـ”إرم نيوز”، المعلومات حول إلغاء عقد الاستثمار مع الشركة الروسية المشغلة للمرفأ، والذي كان قد وقعه معها النظام السابق في عام 2019.

وأوضح أن الحكومة المؤقتة تعمل حالياً على إعادة هيكلة وتنظيم العمل في المرفأ، بعيداً عن الروتين القديم، مع خطط لتعديل العديد من الأنظمة بالتنسيق مع الهيئة العامة للمعابر البرية والبحرية.

أخبار ذات علاقة

منع دخول البضائع الروسية.. هل كتبت الإدارة السورية نهاية نفوذ موسكو؟

وذكر المصدر أن قرارا رسميا صدر عن الهيئة العامة للمرفأ، بانتظار صدور قرار آخر يحدد من خلاله وضع العاملين في المرفأ وفق عقد الاستثمار.

وأضاف أن إلغاء العمل بالاتفاقية الموقعة مع الشركة الروسية لاستثمار مرفأ طرطوس، هدفه إعادة جميع الإيرادات لمصلحة الدولة السورية.

وتابع أن العاملين في المرفأ سيعودون إلى وظائفهم الرسمية، مع خطط لإعادة تأهيل الآليات المترهلة وتجهيز المباني والساحات، بالإضافة إلى تحسين ظروف العمل وتأمين العمال لتلبية احتياجات المرفأ.

عقد لمدة نصف قرن

وكانت شركة روسية خاصة، بدأت استثمار وتطوير مرفأ طرطوس، الأكبر في سوريا، وفق عقد مدته 49 عاماً منذ عام 2019 وبكلفة تتجاوز 500 مليون دولار.

وعقب توقيع العقد، خرج وزير النقل في النظام السوري السابق، علي حمود ليوضح الملابسات التي رافقت توقيع العقد حينها، والاحتجاجات على تسريح عدد كبير من العمال في المرفأ.

وأشار حمود حينها إلى أن العقد عبارة عن استثمار لشراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل مرفأ طرطوس وفق نظام عقود التشاركية بين القطاع العام والخاص المعمول به في سوريا، وتم توقيعه مع شركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية..

وأضاف أن المشروع يتضمن إجراء توسيع بالاتجاه الشمالي للمرفأ، وجميع الأعمال التطويرية فيه وتحديث البنية التحتية للمرفأ الحالي، وإنشاء مرفأ جديد بحيث تزداد طاقته من 4 ملايين طن حينها إلى 38 مليون طن سنويا، وبكلفة تقديرية تتجاوز (500) مليون دولار.

وأوضح حمود أن تلك الخطوة الاستثمارية تهدف إلى فك الحصار والحد من العقوبات الظالمة، وأن “وجود شركة عالمية مستثمرة للمرفأ من شأنه أن يعطي أجواء إيجابية للسفن العالمية ويحثها على ارتياد المرفأ، الأمر الذي من شأنه التخفيف من وطأة الحصار الظالم المفروض على سوريا والمساهمة في وصول احتياجات ومستلزمات الشعب السوري”.

وحول وضع العاملين في المرفأ، قال حمود إنه تمت “الاستجابة لطلبات الجانب السوري في الاتفاق وأهمها العمال والمحافظة عليهم” دون أن يذكر تفاصيل أخرى، مشيرا في هذه المناسبة لإمكان “تعميم هذه التجربة في أكثر من مرفأ، بما يضمن المنافسة للموانئ في دول الجوار والمنطقة”.

قرار “غير قانوني”

الباحث الاقتصادي السوري يونس الكريم، علق على قرار إلغاء اتفاقية استثمار مرفأ طرطوس مع روسيا، معتبرا أنه رغم الإيجابيات الكبيرة، فإنه يبطن العديد من السلبيات التي قد تنعكس على سوريا.

وقال الكريم، لـ”إرم نيوز”، إن العقود تم توقيعها بين الحكومة الروسية والحكومة السورية السابقة، ثم جاءت حكومة محمد البشير الحالية، لتتسلم مهامها بشكل سلس وبدون أن يكون ذلك عبر إسقاطها، وبالتالي انتقلت كل الالتزامات والتعهدات من الحكومات السابقة إلى الحكومة الجديدة.

ومن هنا يقول الكريم، إن القرار “غير قانوني”، إذ لا يوجد إمكانية للسوريين باللجوء إلى المحاكم أو تعليق الاتفاقية.

النقطة الثانية التي يجب أخذها بعين الاعتبار، وفقا للكريم، هي أن توقيع العقود كان بين الحكومة السورية من جهة وشركة خاصة روسية ودولية من جهة ثانية، والشركة تحت رعاية الدولة الروسية، وبالتالي هذا الأمر أيضاً يتضمن تعهد مدني وعقود مدنية.

ويلفت الباحث الاقتصادي إلى أن العملية لم تتم وفق أصول القانون التجاري، أي عبر إرسال إخطار إلى الشركة الأم، أو إعطائها مهلة لنقل معداتها، وإنما تم عبر وضع اليد، وبالتالي هذه العقود ستكون كلها ديونا على الدولة السورية مع تعويضات للشركات الروسية.

قد يستجلب ردود فعل

يعتقد الكريم أن هذا القرار سيثير غضب روسيا مع ما يعنيه ذلك من ردود فعل روسية قد تكون خطيرة، موضحا أن موسكو تمتلك العديد من أوراق الضغط على سوريا.

ويقول الباحث والاقتصادي السوري، إن روسيا عبارة عن شركات كبيرة تقدم الأسلحة، والخدمات والسلع، وسوريا واحدة من أسواقها الرئيسية، وكذلك الدول العربية، وبالتالي تستطيع الضغط على الدول العربية لعدم الدخول والاستثمار في سوريا.

ويضيف: “روسيا دولة قوية، وتستطيع الضغط على الكثير من الدول لوقف الشحنات إلى سوريا حتى يتم حل المشكلة”.

ويتابع: “كما أن روسيا تعمل في قطاع تقديم الخدمات والخبرات الكهربائية، وسد الفرات وهو بإدارة وتصميم وإنشاء روسي، وبالتالي هذا الأمر أيضا سوف ينعكس سلبا على سوريا، من خلال رفض روسيا لتقديم التصاميم والمخططات والخدمات، خاصة أن الدولة السورية في حالة فوضى اليوم، وتحتاج إلى الوثائق التي لدى روسيا حول هذا الموضوع أو غيره.

أخبار ذات علاقة

تفاصيل الانسحاب الروسي من سوريا.. ماذا يحدث خلف الكواليس؟ (فيديو إرم)

ويلفت إلى أن روسيا هي المنتج الأكبر للقمح في العالم، والقمح الأوكراني ليس بديلا عنه لا بالنوع ولا بالكم، عدا عن أن روسيا تستطيع الضغط على تركيا لمنع إيصاله إلى سوريا.

وفي قطاع القروض والتمويل، يشير الكريم إلى أن روسيا دولة لديها علاقات ولوبيات منتشرة بكل دول العالم بما فيها أمريكا، وهذا القرار قد يدفع الروس إلى عرقلة أي مشروع أو قرار يتجه إلى تخفيف العقوبات عن الحكومة الحالية المتهمة بالإرهاب، وكذلك التأثير على مؤسسات التمويل التى تقدم التمويل.

ويعتقد الباحث الاقتصادي أن هذا الأمر أيضا سيربك السوريين، ويمنع التعاطف معهم، فالحكومة الحالية اتخذت قرارا غير قانوني، عبر وضع اليد على المرفأ بهذه الآلية، وهو ما سيربك الحكومة الانتقالية والحكومة الدائمة بشكل كبير جدا.

يستبعد الخبير الاقتصادي أن يكون للضغط الأوروبي أي دور في القرار “المستعجل” الذي اتخذته إدارة الشرع؛ لأنهم يرغبون باتخاذ قرارات “على مراحل”، و يعرفون أن أي ضغط عليها سينعكس سلبا على “البيت السوري”، حسب قوله.

ويشير إلى حديث لافروف الأخير بأن روسيا لن تغادر الشرق الأوسط، والمقصود هو سوريا بشكل أساسي؛ لأن قواعدها في سوريا هي الأكثر أهمية في المنطقة، وبالتالي فهي لن تسلم القواعد العسكرية في سوريا.

ويرى يونس الكريم أن “القائد الشرع يحاول بهذا القرار كسب الوقت وكسب تأييد الشارع الداخلي؛ لأن السيطرة على الميناء هو مطلب شعبي سوري، لكن الطريقة التي تم فيها خاطئة وضررها أكبر من فوائدها على البلاد”.

وختم بالقول: “أعتقد بأن هذا القرار سينعكس سلباً بمزيد من العقوبات على سوريا، فنحن اليوم معرضون لعقوبات روسية، قد تُضاف إلى العقوبات الأمريكية، وبالتالي أي حكومة قادمة ستكون أمام تركة ثقيلة وإضافية، عدا عن التركة الضخمة التي خلفها النظام السابق.

مرفأ طرطوس.. القدرات والإمكانات

تبلغ مساحة مرفأ طرطوس الإجمالية 3 ملايين متر مربع، منها 1.2 مليون متر مساحة مائية للمغاطس والمراسي وغيرها، و1.8 مليون متر مساحة يابسة للأرصفة والساحات والمستودعات وغيرها من منشآت المرفأ.

للمرفأ 22 رصيفاً موزَّعة على ثلاثة ألسنة بمغاطس يتراوح عمقها من 4 أمتار إلى 13 متراً، ويبلغ طولها الكلي 5,130 متراً، إلا أنّ 520م منها محجوزة لصومعة الفوسفات، و1,060م منها لا يتجاوز عمق المغطس 4 أمتار، لذلك فإنّ طول الأرصفة القادرة على خدمة البواخر التجارية بحالة البضائع غير الفوسفات لا يتجاوز 3,550 متراً، فيما يبلغ متوسّط طول السفن الراسية 150 متراً، وقد اقتطع منها 540م في سنة 2007 لمحطة الحاويات، فتبقّى نحو 3,000م (17 رصيفاً) فحسب مخصَّصة للسفن التي لا تحمل فوسفات ولا حاويات.

يبلغ عرض قناة دخول المرفأ 200 متر وعمقها 14.5 أمتار، ويبلغ معدل تحميل وتفريغ البضائع 40,000 طن في اليوم بعمل على مدار الساعة.

كما يبلغ طول مكسر الميناء الرئيسي 2,650م، والثانوي 1,620م. وهناك 15 مستودعاً بمساحة إجمالية تبلغ 92,4,13 متر مربع، وتبلغ الطاقة التخزينية لصوامع الحبوب 85,000 طن، وصوامع الفوسفات 88,000 طن.

ويستوعب المرفأ بالكلية 16 مليون طن سنوياً من البضائع (مع أنه يعمل فعلياً بطاقةٍ أكبر منها)، وأما الطاقة الاستيعابية القصوى للسُّفن فنحو 25 سفينة بغاطس أقصاه 12.2 متر وطول أقصاه 240 متراً، تحمِّل بضائعها 77 رافعة و146 ناقلةً شوكيَّة و104 قواطر وشاحنات و7 قواطر بحرية وزورقان بحريَّان.

تبلغ مساحة محطة حاويات المرفأ 252,000 متر مربع، وطول رصيفها 545 متراً، وتشمل 6 روافع و7 حواضن 16 ناقلة شوكية بقدرات 15 إلى 32 طن. وتبلغ طاقة المحطة القصوى نحو 500 إلى 600 ألف حاوية.

ارم نيوز

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *