اخبار

اتفاق يُخفي أكثر مما يُفصح..

كما قلنا سابقاً، إن ما يعني الشعب وخصوصاً في قطاع غزة الآن هو وقف حرب الإبادة والقتل اليومي ومن هنا لا نستغرب فرحة الصغار والناس البسطاء بالتوقيع على صفقة وقف إطلاق النار، حتى وإن كانت حركة حماس دفعتهم للخروج للتعبير عن الفرحة وفسرت هذه المشاعر وكأنها مباركة للانتصار الذي حققته حماس ـ  وللأسف وحتى قبل أن تلتزم إسرائيل بنصوص الاتفاق فإن بعض قيادات حركة حماس ومنهم نائب رئيس مكتبها السياسي خليل الحية القى خطاباً بعد التوقيع وكأنه خطاب النصر وهو بذلك يعبر عن الاستهتار بدماء ربع مليون ما بين شهيد وجريح ومفقود وأسير، ومتجاهلاً الدمار لحوالي 80% من قطاع غزة، ولا نعرف كيف ينتصر حزب على حساب تدمير وطن ،وعلى كل حال فالشعب بعد لملمة جراحه سيحاسب كل من تسبب بهذه المعاناة.

أما حول (الاتفاق) الذي تم توقيعه في الخامس عشر من الشهر الجاري فهو ومن خلال القراءة الدقيقة لتفاصيله، ومن خلال تصريحات نتنياهو وقادة حكومته حتى بعد التوقيع عندما قال إن الاتفاق غير مكتمل وأن حماس خرقت بنود الانفاق وأن اسرائيل ستبقى في محور فيلادلفيا ولن يكون هناك وقف نهائي للحرب الخ، هذا الاتفاق هو أقرب لاتفاق إعلان مبادئ أو اتفاق جاء تحت الضغط الأمريكي و يخفي أكثر مما يُعلن، والحكم عليه سيكون من خلال التنفيذ والالتزام وليس من خلال حسن النوايا.

إن كان من السابق لأوانه كشف كل خفايا الاتفاق والفترة الزمنية التي سيستغرقها التنفيذ، ولكن من الممكن أبداء الملاحظات التالية حول اتفاق الدوحة:

١-إلى الآن كل ما يتم الحديث عنه حول اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل هي تسريبات أو إعلان من الجهات الراعية قطر ومصر وأمريكا أن حماس واسرائيل اتفقوا، وذكروا نصوصاً قالوا إنها للاتفاق، ولكن لا يوجد أي نص للاتفاق موقع عليه من الطرفين ومن الأطراف الراعية حتى إن ما عرضه نتنياهو على حكومته مغاير للاتفاق المنشور والمُعلن، مما يؤكد أن ما تم نشره ليس كل ما تم الاتفاق عليه بالفعل وما وافقت عليه حركة حماس بل، فقط ما يرضي جمهور طرفي الحرب وبما يمكن تفسيره لصالح كل منهم وادعائه إنه انتصر.

-2 استغربنا أن الإعلان عن الاتفاق تم في الدوحة من خلال رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر وليس من القاهرة أو بمشاركة وزير خارجيتها، مع أن مصر معنية أكثر من غيرها بتنفيذ بنود الاتفاق لاعتبارات جغرافية وسياسية وأمنية حيث منفذ غزة الوحيد مع العالم الخارجي يمر من مصر، كما أن جهود مصر كانت مهمة خلال المفاوضات، كما أن تفاعل مصر مع الإعلان كان باهتاً وكأنها غير راضية عن الاتفاق أو غير واثقة من تنفيذه.

3- الاتفاق كان على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ولم يتطرق لمستقبل غزة بعد تنفيذ الاتفاق، وربما تم ترك هذا الأمر لمصر أو لأنه من غير المعروف متى سينتهي تنفيذ كل بنود الاتفاق وهي فترة زمنية تحتاج لوجود حماس

4- عودة عمل عناصر القسام الملثمين والمسلحين والأجهزة الأمنية لحماس بزيهم الرسمي وبأسلحتهم بموافقة إسرائيلية وقبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ يشي بأن حركة حماس ستستمر بالسلطة والمشهد السياسي في القطاع خلال فترة تنفيذ بنود الاتفاق التي قد تستمر لأشهر وسنوات، وربما ما بعد تنفيذ الاتفاق.

5- لا توجد آلية لضمان التزام كل الأطراف بالاتفاق كما جرى في الاتفاق حول حرب جنوب لبنان حيث تم تشكيل لجنة عسكرية دولية على رأسها جنرال أمريكي.

6- كما عودتنا إسرائيل فهي ستفسر بنود الاتفاق حسب مصالحها كما فعلت في اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير، وحتى بالنسبة لتنفيذ البنود فإسرائيل أيضاً كما كانت تقول في مفاوضاتها مع منظمة التحرير (لا توجد مواعيد مقدسة) وبالتالي قد تمتد عملية التنفيذ والمفاوضات حول كل جزئية لسنوات وليس للأيام المنصوص عليها بالاتفاق

 7-لا توجد أي ضمانات بعد أن تأخذ إسرائيل مخطوفيها عند حماس أن تلتزم بالبنود الأخرى كوقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع واعادة الإعمار، وما سيساعدها على هذا التهرب والمراوغة هو استمرار حركة حماس كسلطة وجماعة مسلحة في قطاع غزة. 

8- إلى الآن توجد شكوك حول عدد المخطوفين الإسرائيليين الأحياء والأموات عند حماس، وما إن كانت تعرف مكانهم وتستطيع إطلاق سراحهم في المواعيد المنصوص عليها في الاتفاق، وهذا ما يؤكده تأجيل بدء التنفيذ صباح يوم الأحد بسبب عدم تسليم حماس لأسماء ثلاثة من المختطفين الإسرائيليين.

9- المفاوضات في الدوجة كانت مع قياديين سياسيين لحماس يعيشون خارج القطاع وهناك صعوبة في التواصل بين هؤلاء والقيادة العسكرية في القطاع وهذا سبب إضافي أو تحدي أمام الالتزام بتنفيذ الاتفاق. 

 -10زعم حركة حماس أنها انتصرت في الحرب وخروجها بمظاهر مسلحة في القطاع سيستفز إسرائيل وخصوصا اليمين المتطرف ويدفعها إلى التشدد في تنفيذ بنود الاتفاق واستمرار الحرب بعد تنفيذ بنود الاتفاق وحتى قبله بعد استلام كل المختطفين، مما سيزيد من معاناة أهالي القطاع.

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *