اخبار السودان

بي بي سي تودع منير عبيد، أحد أبرز قاماتها الإعلامية

بي بي سي تودع منير عبيد، أحد أبرز قاماتها الإعلامية

التعليق على الصورة، منير عبيد يجري حواراً مع الملكة نور الحسين

بالرغم من أنني لم أحظ بفرصة العمل أو لقاء الصحفي الراحل منير عبيد، إلا أنني، أثناء إعداد هذه المادة، اكتشفت تاريخاً مهنياً عريقاً، وخبرة غنية كرسها الصحفي منير عبيد في عمله داخل هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي. فكانت مسيرته المهنية نموذجاً للتفاني والإبداع، وأغبط أولئك الذين تتلمذوا على يديه، إذ ترك بصمة في حياة زملائه والمستمعين على حد سواء. وفيما يلي نلقي الضوء على أبرز محطات حياته المهنية والإنسانية.

منير عبيد بدأ مسيرته الإعلامية في السبعينيات، ينحدر من مصر وتحديداً من الفيوم، التحق بهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، في أكتوبر تشرين الأول من عام 1977، ليبدأ رحلة طويلة امتدت لأكثر من أربعين عاماً. وبدأ مشواره المهني من غرفة الأخبار.

ساهم عبيد بشكل كبير في تقديم محتوى إعلامي رصين وثقافي ساهم في تعزيز التواصل بين الشرق والغرب على مدار أربعة عقود.

وُلد منير عبيد في مصر، وتخصص في الدراسات اللغوية واللسانيات. وفي منتصف السبعينات، بدء مسيرته الإعلامية في بي بي سي، التي أصبحت له فيها بيئة عمل احترافية ساعدته على التطور في مختلف مجالات الصحافة. إذ انطلق عبيد في قسم الأخبار، حيث اكتسب المهارات الأساسية في الإذاعة، ما مهد له الطريق لتقديم برامج متميزة في مجالات مختلفة، بدأ من الأخبار، وصولاً إلى البرامج الثقافية والفنية.

ومن أبرز البرامج التي قدمها على مدار مسيرته المهنية: عالم الظهيرة وأضواء والعالم هذا المساء.

كما قدم أيضاً برامج تفاعلية مثل “السياسة بين السائل والمجيب” و”لكل سؤال جواب”، حيث كان المستمعون يرسلون أسئلتهم، ويتولى الإجابة عليها نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات مختلفة مثل السياسة والثقافة والاقتصاد والعلاقات الدولية.

إضافة إلى ذلك، قدم منير عبيد وأنتج العديد من البرامج الثقافية المميزة مثل “دنيا الفنون”، “موزاييك”، “عالم الكتب”، و”وراء الكواليس”، حيث أتاح فرصة للمستمعين للتعرف على أعمال كبار المفكرين والفنانين.

كما أجرى لقاءات مع مشاهير الثقافة والفن، من أبرزها المقابلة التي أجراها مع الملكة نور ملكة الأردن في مهرجان جرش عام 2001، والتي بثتها الإذاعة.

مذياع بي بي سي

“جيل العمالقة”

الصحفية صفاء فيصل و الصحفي الراحل منير عبيد

صدر الصورة، سوشيال ميديا

التعليق على الصورة، الصحفية صفاء فيصل و الصحفي الراحل منير عبيد

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

يستحق الانتباه نهاية

“لقد تعلمت منه كل شيء، فهو كان قامة كبيرة جداً في عالم الإعلام. وأعتبر نفسي من الأشخاص المحظوظين لأنني عاصرت جيل العمالقة، وكان منير من أبرزهم”.

تحدثت الصحفية صفاء فيصل مع بي بي سي عن تجربتها الشخصية مع الراحل منير عبيد، مُشيرة إلى التأثير الكبير الذي تركه في مسيرتها المهنية.

توضح فيصل أن منير عبيد كان أول من علمها اللغة العربية في “مدرسة بي بي سي”، حيث كان بمثابة معجم حي، إذ تميز بمعرفة عميقة باللغة العربية بالإضافة إلى إتقانه الواسع للثقافة الإنجليزية والبريطانية، ما جعله مصدر إعجاب دائم.

وأضافت صفاء: “منير لم يكن فقط صحفياً متميزاً، بل كان مترجماً محترفاً”.

“كنا نلجأ إليه دائماً لترجمة النصوص بدقة شديدة، وكان لديه قدرة استثنائية على تحويل اللغة الإنجليزية إلى العربية بسلاسة ودقة. كان دارساً للعلوم واللسانيات، وكان يتمتع بعمق ثقافي نادر في مجالات مختلفة، بما في ذلك الثقافة الموسيقية والأدب الإنجليزي.”

وتذكرت صفاء كيف كانت بداية تجربتها في بي بي سي قائلة: “عندما التحقت بالعمل في “بي بي سي”، كنت مثل الجميع في بداية مشوارنا، حيث كان هناك الكثير من الإرشادات التي قدمها لنا الجيل القديم”، وتشير: “كان منير مميزاً في ذلك، فكان يراجع المعاجم ولديه مكتبة خاصة تضم أمهات الكتب في اللغة العربية والإنجليزية، كما كان محباً للشعر العربي والإنجليزي”.

أوضحت فيصل أنها كانت محظوظة بالعمل مع منير، مشيرة إلى إخلاصه الكبير في عمله. وأضافت قائلة: “كان منير مثل العابد المتفاني في عمله، وقد تعلمت منه قيمة التفاني في العمل والدقة والالتزام. “وكل لحظة قضيتها معه كانت فرصة غنية للتعلم”.

وأكدت صفاء أن العمل في بي بي سي كان مليئاً بالقيم الإنسانية الرصينة، فقالت: “تعلمنا من خلال بي بي سي ليس فقط كيفية إتقان العمل وجودته، بل أيضاً أسساً إنسانية عظيمة”.

“نحن جيل يسلم جيل”، تضيف: “كان منير من هذا الجيل الذهبي الذي عاش فيه بي بي سي أيام الإذاعة قبل أن تتغير وسائل الإعلام، وكان يتمتع بثقافة واسعة في الموسيقى الكلاسيكية والشعر العربي”.

وأضافت: “منير كان شخصاً متعدد المواهب، فمهاراته ظهرت في مختلف البرامج، سواء كانت ثقافية، علمية أو إخبارية. كان يتميز بتنوع اهتماماته وقدرته على تقديم مواد إذاعية بثقة وحرفية”.

وتحدثت صفاء عن زيارتها الأخيرة لمنير في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتقول: “كان يتابع كل شيء بشكل مذهل” مثل برامج البودكاست والتلفزيون.

وتضيف أنه كان يعلق دائماً على التغيرات التي تشهدها وسائل الإعلام. ورغم اعتزازه بذكرياته مع الراديو في بي بي سي، إلا أنه كان واعياً بأن الزمن يتغير، وقال: “كل شيء له نهاية، والزمن يستمر في التطور”.

وفي ختام حديثها، أكدت صفاء أن منير عبيد كان شخصية لا تكرر، تتميز بحرفية عالية وتواضع منقطع النظير، وأنه ترك بصمة لا تمحى في مجال الإعلام وفي قلوب كل من عملوا معه.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *