عبد العاطي في بورتسودان… دعم الجيش والوساطة

وتنقسم التحركات المصرية على خط التطورات في السودان حيث تدور حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 إبريل/ نيسان 2023، وفق المصادر نفسها، إلى محورين رئيسيين. المحور الأول دعم دبلوماسي دولي، إذ تعمل القاهرة على تقديم دعم سياسي ودبلوماسي للمؤسسة العسكرية السودانية على الساحة الدولية، بهدف تعزيز موقفها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. أما المحور الثاني فهو دعم لوجستي ميداني، يرتبط بتوفير دعم ميداني للقوات السودانية، بما في ذلك مجالات حساسة مثل إدارة عمليات الطيران المسيّر، في ظل انحسار الدور الإيراني في هذا المجال.

رسالة عبد العاطي في بورتسودان

وذكرت مصادر دبلوماسية أن عبد العاطي نقل رسالة نصية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، تضمنت تأكيداً على أهمية التنسيق الاستراتيجي بين البلدين، وضرورة الحفاظ على دور السودان الرسمي في التحركات التي تقودها مصر بمنطقة القرن الأفريقي، بهدف مواجهة النفوذ الإثيوبي المتنامي. كما شدّدت الرسالة على أهمية الضغط المستمر على أديس أبابا في ما يتعلق بأزمة سد النهضة. وأفادت المصادر بأن رسالة عبد العاطي في بورتسودان حملت كذلك دعوة لتنسيق الجهود بين القاهرة والخرطوم بهدف ترتيب تحرك دولي جديد حول أزمة سد النهضة، في إطار مساعي البلدين لتسجيل مواقف موحدة وقوية على الصعيد الدولي، تعزز مطالبهما بحقوق عادلة في مياه النيل وتُظهر توافقاً استراتيجياً بين البلدين. وبحسب خبراء، يعكس اختيار توقيت مباحثات عبد العاطي في بورتسودان رؤية مصرية واضحة للعب دور فاعل في ظل التطورات الجارية.

فمع تصاعد حدة الصراع في السودان، أصبحت الحاجة ماسة إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمنع تفاقم الأزمة الإنسانية وضمان استقرار الحدود المشتركة. وبالإضافة إلى ذلك، تأتي تحركات عبد العاطي في بورتسودان بعد سلسلة من الزيارات الوزارية المتبادلة بين البلدين، ما يعزز من مسار التنسيق الثنائي لمواجهة التحديات المشتركة، فيما لا يمكن فصل هذه الزيارة عن التشابكات الإقليمية التي تحيط بالأزمة السودانية. فالدول المجاورة للسودان، بما فيها مصر، تدرك جيداً خطورة تداعيات استمرار الصراع على أمنها القومي. ومن هذا المنطلق، تسعى مصر إلى تقديم الدعم السياسي والاقتصادي للسودان بهدف تعزيز استقراره الداخلي، ما يصب في مصلحة الأمن الإقليمي. علاوة على ذلك، تعكس مباحثات عبد العاطي في بورتسودان وزيارته الأخيرة، رسالة إلى القوى الدولية مفادها أن مصر ملتزمة بدعم جيرانها، وأنها مستعدة للعمل وسيطا لتحقيق تسوية سلمية للصراع إذا اقتضى الأمر.

نجلاء مرعي: تعمل مصر على تشكيل تحالف يدعم السلام في السودان

العلاقات مع السودان

في السياق قالت الخبيرة في الشؤون الأفريقية نجلاء مرعي، إن الرؤية المصرية لحل الأزمة تركز على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، ورفض التدخلات الخارجية التي قد تزيد الوضع تعقيداً، مشددة في حديث لـ”العربي الجديد”، على أهمية التنسيق مع دول الجوار للتصدي للتداعيات الإنسانية الخطيرة للأزمة. وأوضحت أن “مصر تعتمد على استراتيجية متكاملة في تحركاتها، تهدف إلى التوصل لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية باعتبارها العمود الفقري لاستقرار البلاد”. كما تعمل مصر وفق مرعي، على حشد الدعم الدولي وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين “لتشكيل تحالف يدعم جهود تحقيق السلام في السودان”.

الخضر هارون: من المهم أن تتحرك مصر للتوسط إذا تعثرت المبادرة التركية

من ناحيته اعتبر السفير السوداني السابق لدى الولايات المتحدة، الخضر هارون، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن “مصر هي الأقرب للسودان على كافة الأصعدة، وتمتلك فهماً عميقاً لطبيعة الأوضاع في السودان وتدرك أن العلاقات بين البلدين تستند إلى أسس راسخة لا تتأثر بتغير الحكومات أو الأنظمة السياسية”. وحول الوساطة التركية لوقف النزاع، أشار هارون إلى أن “نجاح هذه الجهود سيحقق مكاسب هامة، ليس فقط بإنهاء الصراع، ولكن أيضاً بضمان استقرار السودان بما هي دولة جارة وحليف استراتيجي، دون أن يؤثر ذلك على علاقات مصر مع الإمارات”. أما في حال تعثرت هذه الوساطة، فشدّد هارون على أهمية أن تتحرك مصر بنفسها للقيام بدور الوسيط.

العربي الجديد