اخبار المغرب

اختار نهجًا جديدا في الكتابة.. الخليفة يكشف جزئين جديدين من سلسلة “ذاكرة تأبى النسيان”

يوفي الأستاذ مولاي امحمد الخليفة بالتزامه نحو إخوانه وأصدقائه ومعارفه وكل المواطنين الملحيين عليه في كتابة مذكراته، بإصدار الجزء الثاني والثالث من سلسلة “ذاكرة تأبى النسيان”، بعد أن كان قد أصدر الجزء الأول من هذه السلسلة منذ بضعة أشهر تحت عنوان “يراع الذاكرة”.

واختار الأستاذ الخليفة كما عبر عن ذلك في الاستهلال لهذه السلسلة، نهجا آخر في كتابة مذكراته، فقبل إصدار هذه المذكرات ارتأى إصدار كل ما هو موثق من كتاباته وتدخلاته وخطاباته في هذه السلسلة حتى تكون آثاره الفكرية شاخصة في أذهان الذين سيقرؤون مذكراته بعد ذلك، إذ أن إصداره الجديد يحمل عنوان “امحمد الخليفة صوت الشعب القوي في البرلمان”.

“لكني عزمت… وإذا عَزَمْتُ فإني من المتوكلين، ولا أتردد”.

بهذه الروح، عبر الزعيم الوطني والنقيب الأسبق مولاي امحمد الخليفة عن تصميمه، بعد فترة طويلة من التردد، على جمع وترتيب ما اعتبره موروثه الثقافي، سواء بدائي أو متقدم، شاحذا ذاكرته لكتابة مذكراته، ومؤمنا بأن ما يبدو اليوم عاديا قد يكون إضاءة مهمة لباحث أو فاعل في المستقبل.

“صوت الشعب القوي في البرلمان”، هو عنوان كتاب في جزئيين من سلسلة “ذاكرة تأبى النسيان” للزعيم الوطني مولاي امحمد الخليفة، الصادر حديثا عن المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، ويوثق الجزء الأول منه لمسار الخليفة في البرلمان وحزب الاستقلال خلال الفترة الممتدة بين عامي 1977 و1994، ويقع في 652 صفحة، فيما يتناول الثاني، الفترة من 1995 إلى مستهل الألفية الثالثة، ويقع في 556 صفحة.

في استهلاله، يُسلط الخليفة الضوء على سؤال مركزي طالما شغل تفكيره، وهو “عندما يُغيبنا الأجل المحتوم، هل سيذكرنا أحد؟” وهو التساؤل الذي حمله على تجاوز الحواجز النفسية التي كانت تمنعه من الشروع في كتابة مذكراته، مستعرضا كيف استلهم هذا المشروع من حوار جرى بين المرحوم العلامة المختار السوسي وعالم من علماء فاس، حول معنى خلود الإنسان في ذاكرة الأجيال.

ويقول الخليفة، مبرزا تنوع وشمولية سلسلة “ذاكرة تابى النسيان”، وحرصه على التطرق لأبعاد تجربته من مختلف الزوايا: “قررت جمع كل ما سيتيسر مما كتبته، أو حدثت به أو حررته أو راسلت به، أو كان مقدمة لكتب، أو مساهمة في ذكريات، أو حاضرت به، أو كان استجوابا في صحف، أو خطابا في تجمع، أو تدخلا في منتدى أو في مؤتمر داخل الوطن وخارجه”.

يشير الكاتب إلى أن العمل على هذا المشروع كان بمثابة رحلة فكرية لإعادة شحذ ذاكرته بما أودعه الخالق سبحانه من تفاصيل وأحداث في ذاكرة الإنسان، قائلا، “وأنا أتتبع التجميع والرقن والتوضيب، أحس إحساسا قويا بل جامحا بأن الذاكرة التي أودعها فينا الخالق سبحانه، تشحن بقدرة جلاله الجبار بقوة خارقة”.

ورغم صعوبة المهمة، يوضح أنه تمكّن من جمع مادة وافرة وصفها بـ”الحصاد الوافر”، الذي قد يصل إلى ستة أجزاء فيما بعد، مشيرا “حرصت على تصنيفه، والأمل يحدوني أن أتوفق بضبط وحدة الموضوع بالنسبة لكل جزء منه”، وعلى أهمية التأريخ لكل مقالة أو خطاب، بالسنة التي قيلت فيها، مع الإشارة إلى مصادرها، لتسهيل عمل الباحثين المهتمين بتاريخ المغرب السياسي والاجتماعي.

يؤكد الخليفة أن غاية هذه السلسلة لا تقتصر على تسجيل الأحداث، بل على حفظ ذاكرة وطنية زاخرة، وإحياء خطاب سياسي وفكري شكّل نقطة تحول في مسيرة المغرب الحديث، مشيرا أن “ما اعتبرناه يدخل في باب الضحالة اليوم قد يفيد في تغيير مسار، أو تقديم حجة غدا”.

أما عن عنوان الكتاب فلم يقترحه الكاتب ولم يفكر فيه، وإنما نحت “اسْمَه نضال شبيبة حزبنا في مدينتي مدينة مراكش قبل ولادته وخروجه للوجود بسنين عديدة..! هكذا كان قدره في حمل اسمه قبل ميلاده”، مشيرا أنه في إحدى الحملات الانتخابية البرلمانية تفاجأ بشبيبة الحزب وقد صَنَعَتْ مجسما لرمز الحزب رمز الميزان في كفته اليمنى مولاي امحمد الخليفة، وفي الكفة اليسرى مكتوب صوت الشعب القوي في البرلمان.

في تقديمه للكتاب، أبرز الأستاذ الكاتب الصحفي في المالية والاقتصاد، محمد نجيب كومينة، أهمية تدخلات النقيب مولاي امحمد الخليفة، معتبرا إياها شهادة حية على مرحلة مفصلية دخل فيها المغرب مسارات جديدة سياسيا ومؤسساتيا واقتصاديا وثقافيا، وشهد خلالها  جيلا جديدا من الإصلاحات والانتقالات والتحولات، ما جعل المغرب يفتح صفحات جديدة وينفتح على آفاق أوسع تتلاءم مع التحولات العالمية بما يخدم مصالح الشعب المغربي.

وأشار كومينة، أن الخليفة تولى قيادة الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في هذه المرحلة الدقيقة، وكان اختيارُه لهذه المسؤولية مستحقا بفضل مؤهلاته القيادية، وخبرته في العمل السياسي والبرلماني، وثقافته العامة، وقدرته على الحوار والإقناع وتدبير التحالفات والاختلافات، فضلا عن قدراته الخطابية المتميزة، التي فرضت حضوره كلاعب رئيسي داخل البرلمان وفي الساحة السياسية.

كما تميزت تدخلاته، حسب مقدم الكتاب، خصوصا خلال مناقشة مشاريع قوانين المالية السنوية، بنقل مواقف ورؤى حزب الاستقلال وفريقه بمجلس النواب بصدق ووضوح، معتبرا الأمر انعكاسا ل “خصائصه كقائد سياسي، مدافع عن حقوق الفئات الأكثر تضررا، ومتشبثا بالحريات وحقوق الإنسان، وحريصا على بناء مؤسسات سليمة تستند إلى إرادة الناخبين في انتخابات حرة ونزيهة”.

ويشير إلى أن “الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطنين شكل الخيط الناظم لتدخلات الخليفة، سواء في مناقشة قوانين المالية أو القضايا السياسية والاجتماعية، ما مثل، انعكاسا لوفائه للمدرسة الاستقلالية الأصيلة التي ترعرع فيها، وعمقه العلالي المتمثل في تبني المرجعية الفكرية والأخلاقية التي أرساها الزعيم علال الفاسي”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *