الهدنة واهداف الحرب أمد للإعلام
أمد/ الحمدلله نجحت الهدنة مؤخرا، الليلة الإعلان وغدا التوقيع، الف مبرووك للنازحين لوقف موتهم المجاني.
يعود الفضل الرئيسي في انجاح الهدنة الى رغبة ابو افينكا أن يدشن مرحتله في الحكم دون حروب حتى يتفرغ إلى تحقيق برنامجه السياسي الطموح في المنطقة، الذي لن يكون بعيدا عن صفقة القرن.
لقد طالت الحرب الإسرائيلية على غزة، وبقي الشعب على ارضه، لأسباب متعددة، رغم الموت والدمار والنزوح،
وواصلت المقاومة ايقاع خسائر مزعجة بين صفوف الجيش الإسرائيلي، وبقيت حماس على عنادها الاستراتيجي، لا تضع خسائر وموت الشعب في حسابها ولا يشكل عليها ذلك عامل ضغط.
هذا، إضافة إلى ضغط الشارع الإسرائيلي بسبب الرهائن ومطالبته بوقف الحرب وعودة الرهائن.
كان للدور القطري التركي السياسي المثابر الذي لعب دورا هائلا في تنفيذ خطة أمريكيا في إعادة تدوير حماس recycling واخراج نموذج حديث لها يتلائم مع قوتها على الارض، بعد أن تم تدمير قوتها العسكرية الرئيسية، ورغبة تركيا وقطر وإسرائيل في بقاء شكل من حكم حماس في غزة كحائط صد يمنع السلطة الفلسطينية من اعادة حكم غزة إلى حضن الشرعية الفلسطينية.
لقد ترافق الدور التركي القطري مع رغبة اطراف فلسطينية واقليمية أخرى أن يكون لها دور في حكم غزة.
هذه أسباب نجاح الهدنة مؤخرا، والذي تأخر نجاحها طويلا وبشروط كانت أكثر ملائمة واقل خسارة للشعب الفلسطيني.
عند مراجعة اهداف الحرب، بعيدا عن شعارات النصر والهزيمة التي يستطيع أن يدعيها من يشاء في ظل قوة وتغول الإعلام ومقدرته على اقناع فئات عريضة من الجماهير بما يريد ويخطط له. نعتقد أن اهداف الحرب الاستراتيجية، بعيدا عن الهدف الرئيسي وهو تدمير غزة وجعل الحياة فيها صعبة ان لم تكن مستحيلة، هي:
تهجير أهل غزة
تطبيق خطة الجنرالات على شمال غزة
انهاء حكم حماس
انهاء المقاومة
اولا، يجب أن نقر ونعترف بوضوح أن إسرائيل استطاعت أن تدمر غزة وأهل غزة وأن تدمر حاضرهم ومستقبلهم ونفسياتهم لعقود قادمة، وهذا هو الهدف الرئيسي من الحرب.
أن انتظار الاعمار الذي يوعدنا به الكثيرون على الورق وشاشات التلفاز لن يصل وان وصل سيصل منه الفتات وبعد سنوات طويلة، هذا يعني ببساطة أن حياة الخيام والنزوح ستطول.
لكننا ايضا نستطيع أن ندعي أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها السابقة عن طريق الحرب العسكرية المباشرة. فهل تستطيع تحقيق هذه الأهداف مستقبلا عن طريق الحرب السياسية والاقتصادية، حرب الفوضى والتجويع وموت الحياة في غزة؟!.
هل سيكون الواقع الذي يعيشه اهل غزة دافعا إلى هجرتهم، “الطوعية”، اذا وجدوا هجرة تلائم طموحاتهم في حياة آمنة، هنا لا بد من ذكر الموقف المصري الذي منع تنفيذ مؤامرة التهجير.
كما أن بواقي حكم حماس وقوتها العسكرية على الأرض التي ضعفت كثيرا جدا…. هل سيتم انهائها رويدا رويدا وبنفس الطريقة، حصار مالي ومنع دخول الأسلحة ومواد التصنيع.
لقد نجحت قطر وتركيا في الحفاظ على بواقي حكم حماس في غزة، بعد أن اعادت تدويرها واخضاعها لعمليات تجميل عميقة حتى لم تعد تشبه ما كانت عليه؟!
لقد استطاعت إسرائيل حتى الان، بموافقة عالمية اقليمية، ان تمنع تسليم غزة للسلطة الفلسطينية، وحرمت الشعب الفلسطيني من إعادة احياء مشروعه السياسي، فهل هذه خطوة نحو تطبيق صفقة القرن التي فشلوا في تطبيقها قبل سنوات مضت.
علينا أن نراقب سلوك إسرائيل القادم، هل ستسحب قواتها من كل قطاع غزة؟، هل ستترك شمال قطاع غزة وتتخلى عن خطة الجنرالات، ماذا عن نتساريم ومحور فيلادلفيا والشريط الحدودي، الذي توسع من 300 متر الى أكثر من 1500 متر. وماذا عن اعلاناتهم المتكررة عن إقامة مستوطنات جديدة في غزة، وماذا عن الغاز وقناة البحرين. ماذا قدم ترامب لإسرائيل حتى تتخلى عن كل هذه الأهداف والمشاريع والاحلام؟ هل الضفة هي الثمن، ماذا يخبئ لنا ترامب؟!
الأيام القادمة حبلى بالأحداث وليس كل ما يخط على الورق يمكن الالتزام به، هذا له علاقة بموازين القوى والموقف الدولي والاقليمي، وما يخطط لمستقبل غزة خاصة والقضية الفلسطينية عامة.
باختصار رغم فرحتنا العارمة بوقف الموت وإنهاء بعض اشكال النزوح والعودة الى مناطقنا وركام بيوتنا، الا أن ايدينا مازالت على قلوبنا خوفا من أن يرجع الموت وترجع الحرب العسكرية مرة أخرى، وخوفنا ايضا من مختلف أشكال الحروب الأخرى، الفوضى التجويع الفقر البطالة، الحرب السياسية والاقتصادية، التي ستكون حروبا أكثر ضراوة من الحرب العسكرية التي نتمنى انها انتهت ولن تعود.
لقد استطاع نتنياهو أن يحقق ناصرا كاملا وواضحا على غزة وأهلها، ولكنه لم يحصل على مثل هذا النصر على حماس. السؤال المطروح هل ستعمل وتحاول اسرائيل ونتنياهو تحقيق هذا النصر من خلال الحرب السياسية بعد لم تستطع أن تحصل عليه بالحرب العسكرية، فهل نستطيع التصدي لها ومنعها من تنفيذ اهدافها؟!