اخبار السودان

بشراكم .. رغم قتامة الليل الحلوك

معمر حسن محمد نور

 

ما ان وقفت على الحقيقة كاملة من كل الاطراف في شان مدني ، حتى عمدت الى نشر عدد لم اعتده من المنشورات ، حتى أشوش على خواريزمات فيس بوك الذي يزيدك مما شاهدت. فأنا لم ادفع من قليل مال عز علي تراكمه ، او اغير عادات نومي بحثا عن وقت تكون الشبكة فيه متاحة حتى اكرر مشاهدة رسالة فهمتها من اللحظة الاولى وفق ما رأيت عكس ما اريد للناس ان يفهموها. وأن الناس انما عبروا عن افتقادهم للدولة ، والجيش احد رموزها ، ولا جهة تستطيع ادعاءه. وان تجربة التبادل العبثي للسيطرة علمتهم انهم بعرفون ما معنى الجيش الوطني ، ولن يكون غيره.

ولم اشارك بالاحتفال. فعلاوة على اننا كبرنا سنا ووعيا على القيام بمثلما حق للبعض القيام به ، فإن قلقا عميقا بشأن ما يمكن حدوثه وفقا للشحن الزائد كان يجعل الفرح جفولا عن وعيي ودواخلي وقد صدقت مخاوفي والكثيرين غيري.

عليه لم اكن مستنكرا مظاهر الفرح ، فكيف لذي وعي وفطرة سليمة ، ان ينكر على من أبعد من داره وشرد ، ومن فقد خصوصيته باستقبالهم ، وتقاسموا تبعات عوزهم ان يفرحوا ان لاح لهم ما قد يكون انفراجا لكربتهم؟ بل ولم اؤيد كثيرين رأوا ان يقصروا الفرح في داخلهم مخافة ان يستثمره طرف لصالحه ، لسبب بسيط. وهو ان هذه الحرب علمتنا كسودانيين ، مدى الوهم الذي يبث ، لجعلنا نعيش داخل فقاعة كاذبة ضخمة. لكن لحسن تدبير الله في شأننا ، لا تلبث الاحداث ان تكشف زيفها. ومدني احدي احداثها.

اما الاستغلال البشع لأي طرف ، فسيبين وسيزداد وعي غمار الناس والكثيرين ممن استقبلوا الامر بهستيريا الفرح ومظاهر التأييد ، ان دواخلهم انقى من تحمل ما سيرونه. فكلا المنكر للفظائع والناكر اذا قلبوا قرنيتهم ليروا ما بداخلهم ، سيجدون خيطا رفيعا يربطهم ليتغير وصف الطرفين الى المستنكر.

ولم اخش يوما من تراجع المنتهك ليس عن الانتهاك ، بل وحتى من توثيقه ، لانه في الواقع ، يرسل رسالة يريد بشدة ، ايصالها لمن ينظرون الى الامور برؤيته. وكيف لى ان اتخيل ان قوة مساندة للجيش تسمى العدائية ، ويخاطبها قائدها بأنه يريدها في وعي الناس فظة وسيئة الصيت الا يسعى افرادها لنشر وتوثيق مقاطع الانتهاكات..

ردة الفعل العنيفة ، على من يبررون الانتهاك بأنه معاملة بالمثل من عامة الناس ، وأجزم وان كثير من المحتفلين منهم ، وخروح طارق كجاب كمثال ليحدث رهطه بأن ما يقومون به انتنهاك ، رغم طلب الانصرافي ان يتم ذاك بعيدا عن التوثيق في سقوط اخلاقي لا مثيل له ، كل ذلك كفيل ان يتلمس المراقب تلك الرغبة العارمة في وجود قانون لا يضعه طرف لصالحه ليحاكم به خصمه. بل قانون يضعه الجميع ويخضعون له ، فالقانون كالمنهج الدراسي ، تعبير عن محصلة ما يري المجتمع بأسره ولا قيمة له اذا لم يروا العدالة تسير بينهم.

كل ذلك من دواخلنا ووعينا وطبائعنا . ويريد عليها الرفض الاقليمي والدولي لكل ما شهدته.نعم خشيت ان تنتقل عدوى الكنابي الى غيرها وغير الجزيرة. ببساطة لان من قهرنا متذ زمان يفوق زمن الاستعمار ، لم يجعل للذين يحرقون الكنابي ، قصورا منيفه او مبان مسلحة.فلا عدالة في نظري في المساواة في الظلم ، بل زيادة في عدد المظلومين..

ان كان هنالك خبر سئ احمله فللمبتهجين من المنتهكين ، بأن مصالحهم التي يتمتع بها قلة تكتنز وتتخذ مالا وبنين ، ومخاوفهم من فقدانهم لميزات يرون ان مجموعاتهم السكانية تمسك قرون بقرتها ليحلبوها هم. فإن زمان هذا آيل الى غير. فكما ان لن تظل الحواكير عوامل احتراب ، فستكون كل المناطق ملك الدولة كما يتبغي ، ليعم خيرها الحميع . وهو اجل لو تعلمون قريب ببساطة ، لان الدولة والاستقرار الذي ينشده الجميع ، لن تقوم الا على موازين العدالة في كل شئ وان وطنا لن يبنى الا على قبول الأخر وتمتع كل بخيرات كل اجزائه ، دون ان تسعر الحرب للحفاظ على مساحة يحرسها من لم تجعل له رغد عيش ورقي بيئة وخدمات.

ختاما ابشركم ، فرغم ما نراه ، فنحن لسنا سيئين كما نتصور بدليل اننا نفزع لما نراه. لكننا نشهد مرحلة من تحولنا من القبيلة والقبلية والحهوية الى الدولة الحديثة ، ويشهد فيها الوضع شراسة من القديم حتى لو كان ظالما لنا . دون ان نعي. فشراكم بفضل الله.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *