اخبار السودان

حريق في قلب الوطن جرائم الكنابي وتصدع اللحمة الاجتماعية في السودان

جرائم الكنابي وخطورتها على اللحمة الاجتماعية في السودان
فتح السودان صفحة جديدة من الألم والفجيعة، حيث كشفت الأحداث المروعة التي جرت في مدني، وتحديدًا في كمبو خمسة، عن بشاعة تتجاوز حدود التصور. جرائم القتل، الحرق، والتمثيل بالجثث التي ارتُكبت، ليست فقط دليلاً على انهيار منظومة القيم الإنسانية، لكنها أيضًا ناقوس خطر يُهدد اللحمة الاجتماعية في السودان.
جرائم الكنابي.. مأساة الفقراء والمهمشين
شهدت أحداث كمبو خمسة حرقًا للبيوت وقتلاً بدم بارد، وذبحًا للضحايا بطريقة وحشية تفتقد أدنى درجات الإنسانية. هذه الجرائم طالت سكان الكنابي، وهم فئة مهمشة عانت لعقود من التمييز والتهميش داخل السودان. على الرغم من الأدوار المهمة التي يلعبها سكان الكنابي في الزراعة والاقتصاد المحلي، إلا أنهم يعيشون في ظروف بائسة، محرومين من الخدمات الأساسية، ومحاطين بثقافة تنظر إليهم بازدراء.
الثقافة العنصرية وخطرها على النسيج الاجتماعي
ما حدث في مدني يعكس عمق الثقافة العنصرية في السودان، التي لا تقيم وزنًا لقيم التعايش والاحترام المتبادل. هذه الثقافة ليست وليدة اللحظة، بل هي إرث طويل من السياسات التهميشية والتمييز الاجتماعي والاقتصادي، الذي أسس له النظام القديم واستمر بطرق مختلفة حتى اليوم.
تُظهر هذه الجرائم أن السودان بحاجة ماسة إلى مراجعة جذوره الاجتماعية والسياسية لإعادة تأسيس دولة تحترم جميع مواطنيها، بغض النظر عن العرق أو الانتماء الاجتماعي.
الإهمال السياسي والتواطؤ
إن ما جرى في مدني يفضح أيضًا تقاعس القوى السياسية عن أداء دورها. صمت النخب السياسية حيال هذه الجرائم يعكس إما عجزًا أو تواطؤًا مع المنظومة العنصرية التي تستهدف المهمشين.

القوى التي كانت تدعي حمل لواء الثورة، لم تُدن الانتهاكات المروعة في كمبو خمسة بعد دخول الجيش والمليشيات المسلحة. بل أظهرت ازدواجية صادمة عندما وصفت ذلك بأنه “نصر”، متناسيةً أن النصر الحقيقي يكمن في حماية المدنيين وصون كرامتهم.

السودان الجديد هنالك ضرورة التأسيس من جديد
أحداث كمبو خمسة أكدت الحاجة إلى بناء سودان جديد، سودان يتجاوز العنصرية، الجهوية، والاستغلال الطبقي. يجب أن يكون هذا التغيير شاملًا وعميقًا، ويشمل محاسبة مرتكبي الجرائم لابد وضع العدالة وهي حجر الأساس لإعادة اللحمة الاجتماعية. يجب تقديم مرتكبي جرائم كمبو خمسة إلى المحاكمات العادلة.
إعادة هيكلة الدولة من المهم جدا القضاء على الأنظمة التي تكرّس التمييز والتهميش.

تعزيز التعايش السلمي ومن خلال التعليم والتوعية المجتمعية بأهمية قبول الآخر والتنوع الثقافي.

دعم المناطق المهمشة توفير خدمات التعليم والصحة والبنية التحتية لسكان الكنابي وغيرهم من الفئات المهمشة.

إن السودان أمام مفترق طرق. جرائم الكنابي ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي انعكاس لأزمة وطنية تهدد بتمزيق نسيجه الاجتماعي. على المجتمع السوداني أن ينهض لمواجهة هذه التحديات، وأن يعمل على بناء دولة المواطنة التي تُعلي من قيمة الإنسان بغض النظر عن خلفياته.

لقد أثبت التاريخ أن الشعوب القادرة على مواجهة أزماتها بصدق وعدالة هي الشعوب التي تبني مستقبلًا مشرقًا. فهل سيختار السودان طريق العدالة والمصالحة؟ أم سيبقى أسيرًا للعنصرية والانقسام.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *