توقعات بارتفاع حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية في 2024
توقعات بارتفاع حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية في 2024
أظهرت بيانات جديدة أن كوكب الأرض اقترب أكثر من ارتفاع درجة الحرارة بما يتجاوز 1.5 درجة مئوية، على الرغم من تعهد زعماء العالم قبل عقد من الزمان بأنهم سيحاولون تجنب ذلك.
وقال برنامج كوبرنيكوس الأوروبي للمناخ، أحد المصادر العالمية الرئيسية للبيانات، الجمعة الماضية إن عام 2024 كان أول عام يتجاوز الحد الرمزي لارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، فضلاً عن كونه الأكثر سخونة في العالم على الإطلاق.
ولكن ذلك لا يعني أن كسر الرقم الذي يحدده الهدف الدولي المحدد بـ 1.5 درجة مئوية لأن المستويات الحالية تتضمن متوسط طويل الأجل على مدى عقود من الزمن، ولكنه يقربنا من ذلك مع استمرار انبعاثات الوقود الأحفوري في رفع درجة حرارة الغلاف الجوي.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الارتفاع الأخير في درجات الحرارة الأسبوع الماضي بأنه “انهيار مناخي”.
وقال في رسالته بمناسبة العام الجديد “يتعين علينا الخروج من هذا الطريق المؤدي إلى الدمار وليس لدينا وقت نضيعه”، داعيا البلدان إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2025.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
قصص مقترحة نهاية
وبحسب بيانات كوبرنيكوس، فإن متوسط درجات الحرارة العالمية لعام 2024 سيكون أعلى بنحو 1.6 درجة مئوية من درجات الحرارة في عصر ما قبل الصناعة وهي الفترة التي سبقت بدء البشر حرق كميات كبيرة من الوقود الأحفوري.
ويحطم هذا الرقم القياسي المسجل في 2023 بنحو 0.1 درجة مئوية، مما يعني أن السنوات العشر الماضية أصبحت الآن السنوات العشر الأكثر دفئاً على الإطلاق.
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
ويرجع ارتفاع درجة حرارة الأرض العام الماضي في المقام الأول إلى انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون، والتي لا تزال عند مستويات مرتفعة قياسية.
ولعبت أنماط الطقس الطبيعية مثل ظاهرة النينيو ـ التي تتضمن زيادة درجة حرارة المياه السطحية في المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي إلى مستويات مرتفعة جداً ــ دوراً أقل أهمية.
وقالت سامانثا بورغيس، نائبة مدير برنامج كوبرنيكوس، لبي بي سي: “أكبر مساهم في التأثير على مناخنا هو تركيزات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي”.
وأصبح الرقم 1.5 درجة مئوية يتمتع بأهمية رمزية كبيرة في المفاوضات الدولية بشأن المناخ منذ الاتفاق عليه في باريس في عام 2015 ليكون حداً أقصى لزيادة درجة حرارة الكرة الأرضية، إذ اعتبرته دول عدة الأكثر عرضة لخطر التغير المناخي أمراً مصيريا يتوقف عليه بقاؤها.
وأشار تقرير أممي هام في 2018 إلى أن المخاطر التي يشكلها التغير المناخي، مثل موجات الحر الشديدة وارتفاع مستوى سطح البحر وفقدان الحياة البرية، ستكون أكبر بكثير في حالة ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين مقارنة بالارتفاع بدرجة ونصف الدرجة فقط.
ورغم ذلك، يقترب العالم أكثر فأكثر من اختراق حاجز 1.5 درجة مئوية.
ويقول مايلز ألين، من قسم الفيزياء في جامعة أكسفورد ومعد تقرير الأمم المتحدة المشار إليه: “من الصعب التنبؤ بموعد تجاوز سقف الدرجة ونصف الدرجة مئوية على المدى الطويل، لكن من الواضح أننا قريبون للغاية الآن من ذلك”.
ومن المرجح أن يشهد المسار الحالي ارتفاعا في درجات الحرارة عالياً بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين. وهذا أمر بالغ الأهمية على المستوى السياسي، ولكنه لا يعني نهاية العمل المناخي.
وأضح زيكي هاوسفاذر، عالم المناخ في مجموعة بيركلي إيرث البحثية في الولايات المتحدة: “الأمر لا يتضمن أن تكون زيادة درجة حرارة الأرض بواقع 1.49 درجة مئوية تطوراً إيجابياً ولا أن يكون هذا الارتفاع بواقع 1.51 درجة مئوية نهاية العالم فكل عُشر درجة مئوية مهم، والتأثيرات المناخية تزداد سوءًا بشكل تدريجي كلما زاد الاحتباس الحراري”.
فقد تؤدي درجة بسيطة من الاحتباس الحراري العالمي إلى ظواهر جوية متطرفة أكثر تواترا وشدة، مثل موجات الحر والأمطار الغزيرة.
وشهد العالم في 2024 درجات حرارة مرتفعة في غرب أفريقيا، وجفافاً طويل الأمد في أجزاء من أمريكا الجنوبية، وهطول أمطار غزيرة في وسط أوروبا، وبعض العواصف الاستوائية القوية للغاية ضربت أمريكا الشمالية وجنوب آسيا.
وكانت هذه الأحداث مجرد عينة من الأحداث التي أصبحت أكثر شدة بسبب تغير المناخ خلال العام الماضي، وفقًا لمجموعة World Weather Attribution.
وحتى هذا الأسبوع ومع صدور الأرقام الجديدة، نالت حرائق الغابات المدمرة من لوس أنغليس، والتي أججتها الرياح العاتية ونقص الأمطار.
ورغم وجود العديد من العوامل التي تساعد على تفاقم أحداث هذا الأسبوع، يقول خبراء إن فرصة توافر الظروف المواتية لاندلاع الحرائق في كاليفورنيا أصبحت أكبر في عالم يزداد دفئاً.
ولم تكن درجات حرارة الهواء فقط هي التي سجلت أرقاما قياسية جديدة في عام 2024. فقد سجلت درجة حرارة سطح البحر أيضاً ارتفاعاً يومياً جديداً، في حين بلغ إجمالي معدل الرطوبة في الغلاف الجوي إلى مستويات قياسية.
وليست مفاجأة أن يحطم العالم أرقاماً قياسية على صعيد درجة حرارة الأرض، فقد كان من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في 2024 بسبب تأثير نمط الطقس النينيو الذي انتهى حوالي أبريل/ نيسان من العام الماضي بالإضافة إلى الاحتباس الحراري الناجم عن أنشطة الإنسان.
ولكن الهامش الذي سجلته عدة أرقام قياسية في السنوات الأخيرة لم يكن يتوقع، إذ يخشى علماء من أن يمثل ذلك سرعة أكبر في وتيرة تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
وقال هاوسفاذر: “أعتقد أنه يمكننا الآن أن نقول إن درجات الحرارة في عامي 2023 و2024 فاجأت معظم علماء المناخ ولم نعتقد أننا سنرى عاماً تتجاوز فيه زيادة درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية بهذه السرعة”.
ويتفق هيلغي غوسلينغ، عالم فيزياء المناخ في معهد ألفريد فيغنر في ألمانيا، مع هذا الرأي قائلاً: “منذ عام 2023، شهدنا ارتفاعاً إضافياً في درجات الحرارة بحوالي 0.2 درجة مئوية، وهو ما لا نستطيع تفسيره، وذلك إضافة إلى ما توقعناه من تغير المناخ وظاهرة النينيو”.
وطُرحت نظريات مختلفة لتفسير هذا الارتفاع “الإضافي” في درجة الحرارة، مثل الانخفاض الواضح في غطاء السحب المنخفض الذي من شأنه أن يخفض رجة حرارة الكوكب، واستمرار ارتفاع درجة حرارة المحيط بعد نهاية ظاهرة النينيو.
وقال غوسلينغ إنه “من الصعب أن نحدد ذلك في الوقت الراهن”.
ورغم هذا الغموض، يؤكد العلماء أنه لا يزال في الإمكان السيطرة على المناخ في المستقبل، وأن الخفض الكبير في انبعاثات الكربون يمكن أن يخفف من عواقب الاحتباس الحراري.
ويقول هاوسفاذر: “حتى لو أصبح ارتفاع درجة الحرارة بواقع 1.5 درجة مئوية في الأماكن المفتوحة، فما زال بوسعنا الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.6 درجة مئوية، أو 1.7 درجة مئوية، أو 1.8 درجة مئوية هذا القرن”.
وأضاف: “سيكون هذا أفضل بكثير مما لو واصلنا حرق الفحم والنفط والغاز دون توقف وانتهى بنا الأمر إلى ارتفاع في درجة حرارة الأرض بحوالي 3 أو 4 درجات مئوية لا يزال هذا الأمر مهماً حقاً”.
المصدر: صحيفة الراكوبة