النزوح والخروج من غزة أمد للإعلام
أمد/ طرح الطوفان علينا أسئلة كثيرة، بحاجة إلى إجابات، قد لا نحصل عليها الا بعد انتهاء هذه المحرقة، وذلك له الاولوية، وقد لا نتفق على اجاباتها.
الشيء الوحيد الذي يمكن الاتفاق عليه اننا جميعا ضحية لهذا الطوفان، كل أهل غزة ضحية لهذا الطوفان، وقد نجازف بالقول أن كل الشعب الفلسطيني، حتى من يصفقوا بوعي أو بدون وعي إلى هذا الطوفان، هم ضحايا له، فضلا عن القضية الفلسطينية التي هي ضحية الطوفان الأولى.
منذ بدء الطوفان اختلف الكثير من الناس على النزوح والاستجابة لاوامر المنسق بالاخلاء.
بعض الناس سارع بذلك حماية لاسرته التي من مهمته الأولى الحفاظ عليها.
ومن الناس لم يوافق على النزوح والخروج من منطقته لأسباب عديدة: منها أهمية الصمود على الأرض وتفضيله الشهادة على النزوح، ومنها عدم مقدرته على النزوح لأسباب مادية، أو لعدم مقدرته نقل كبار السن أو المعوقين وتحملهم مشاق النزوح، ومنها عدم وجود مكان ينزح اليه، ومنها عدم رغبته في أن يعيش حياة الذل في النزوح بدعوى أن الموت في كل مكان وكلها موتة واحدة، ومنها الخوف على اعتقال ابنائهم الشباب على حواجز قوات الاحتلال، أسباب كثيرة دعت الكثيرين لعدم مغادرة مناطقهم واخلاء بيوتهم، كل رب عائلة وعائلة لها أسبابها وتقديراتها الخاصة، وكل حر في قراره وليس مضطر إلى تبرير قراره لاحد اخر. لكن للأسف كثير ممن رفض الإخلاء والنزوح في البدء اضطر إلى ذلك مرغما تحت وقع القصف والموت الزؤام، مما زاد كثيرا من عدد الضحايا الذين كان من الممكن الحفاظ على حياتهم، لكن قدر الله نافذ؟! ويبقي السؤال؟!
هذا لا ينطبق فقط على العائلات ولكن ايضا على المستشفيات والمؤسسات، حيث نزح بعض العاملين وبقي البعض على رأس عملة ليكون بجانب المرضى والمصابين.
بعض أبناء شعبنا لم ينزح من منطقته بل غادر إلى خارج البلاد، غادر ليحمي نفسه وأسرته من هذه المحرقة التي لم يستشره احد فيها، ولا يملك أن يقوم فيها باي دور، غادر إلى أي بلاد تستقبله، غادر إلى بلد زوجته الأجنبية، أو البلد التي أعطته جنسيتها، لكن الاغلب غادر إلى مصر بعد أن دفع آلاف الدولارات ثمن النجاة من المحرقة، يقال ان هناك حوالي 200 الف قد غادروا القطاع أثناء هذا الطوفان.
ما ينطبق على النزوح من منطقة إلى منطقة ينطبق ايضا على السفر خارج غزة، كل له ظروفه ومن حقه أن يتخذ القرار الذي يراه مناسبا لمصلحته وفقا لظروفه وإمكانياته المادية والمقدرة على مواصلة العيش في الخارج وتحمل تكاليف هذه المعيشة، البعض يعتمد على مدخراته، آخرون يعتمدون على مرتباتهم الشهرية، وآخرين اعتمدوا على الشحدة بطرق مختلفة احدها، Go Fund والبعض الان نسمع صراخه وجريه خلف المساعدات من هذه الجهة أو تلك.
خروج هذا العدد الهام من غزة، خاصة وأن معظمهم من الفئات المهمة على مختلف الصعد الاجتماعية والاقتصادية والاكاديمية خلق نوعا من الفراغ داخل مجتمع النازحين خاصة عندما يطالب البعض النازحين بالحراك دفاعا عن انفسهم وطلبا لوقف الحرب، نجد أن هناك من يقول ان معظم قادة المجتمع قد تركوا البلاد وسافروا دون أن يلتفتوا لشعبهم.
كما يثار هذه الأيام أسئلة حول من يمثل اهل عزة في ما يسمى لجنة المساندة، السلطة الفلسطينية لها موقف واضح من هذه اللجنة انها يجب أن تكون احد مؤسسات الحكومة الفلسطينية تعمل تحت إدارتها ووفقا لقوانينها وقراراتها.
لكن السؤال هل يجوز اخلاقيا أن يكون أعضاء هذه اللجنة من الذين تركوا غزة وسافروا بعيدا عنها لاسبابهم الخاصة ام يجب أن يكون هؤلاء من بين من بقي صامدا تحت الخيم يذوق مر حياة النزوح؟. هنا سينبري البعض ليطالبنا بالتوقف عن مزيد من التقسيم لأبناء شعبنا. ارجو ان تراعي السلطة ذلك، أن رأت أن توافق على هذه اللجنة.
هذا السؤال يطرح أسئلة كثيرة نرجو أن نجد من يطرحها مستقبلا.