تصاعد العنف والنزوح في مناطق الجزيرة إثر هجمات قوات الدعم السريع (الجنجويد)
أبية الريح
تحقيق
في تصعيد خطير للصراع الذي يجتاح السودان تحولت مناطق الجزيرة بما في ذلك ود الجترة والقرى المحيطة إلى ساحة لعمليات ممنهجة تنفذها قوات الدعم السريع (الجنجويد). الهجمات التي تتسم بالعنف المفرط أسفرت عن سقوط ضحايا، نهب ممتلكات وتشريد مئات الأسر ، مما أدى إلى موجات نزوح جديدة وسط مشهد عام يلفه الخوف وعدم الاستقرار.
والقرى المستهدفة تعاني يومياً من عمليات نهب منظمة ، حيث تركز الهجمات على مصادر العيش الرئيسية للسكان ، مثل الأبقار والعربات. الأبقار التي تمثل عصب الحياة الاقتصادية للكثير من الأسر تُسرق بلا هوادة، مما يدمر اقتصاد القرى ويزيد من معاناة السكان. أحد الأهالي وصف الموقف بقوله :
“القرى هي حياتنا والحمدلله فقدنا كل شي مع الهجوم المتواصل”.
الهجمات لم تتوقف عند استهداف الممتلكات ، بل دفعت الأهالي إلى ترك منازلهم في حالات من الفوضى والذعر. ومع نزوح جماعي سريع ، ضاع العديد من الأطفال عن عائلاتهم ، مما عمق الجراح. إحدى الأمهات وصفت الوضع بمرارة:
“هربنا لننجو بحياتنا ، لكني لم أتمكن من العثور على أطفالي. كل شيء حولنا ينهار” .
الغياب شبه الكامل للقوات العسكرية في تلك المناطق فاقم من سوء الوضع حيث تزايدت الانتقادات لعدم وجود استجابة فاعلة من الجيش لحماية القرى. الأهالي رغم قلة الموارد يحاولون الدفاع عن أنفسهم بجهود فردية. أحد المستنفرين المحليين قال:
“نحن نبذل قصارى جهدنا لحماية عائلاتنا ، لكننا بحاجة إلى دعم حقيقي من الجيش”.
على الصعيد الإنساني ، الوضع يزداد سوءاً مع نقص حاد في الغذاء ، المأوى ، والرعاية الطبية. النازحون يعيشون في ظروف قاسية ، بلا أمل واضح في تحسن قريب. هذا الواقع دفع العديد من النشطاء للمطالبة بتدخل حكومي ودولي عاجل لحماية ما تبقى من القرى وإيقاف سلسلة المآسي المستمرة.
الجزيرة تواجه أزمة حقيقية ، وأهلها يوجهون نداءً عاجلاً للمسؤولين:
“أمننا ليس رفاهية ، إنه حقنا. لن يصمد أحدنا طويلاً إذا استمرت هذه الكارثة”.
الجيش دوماً يأتي بعد انتهاء القصف ، وعندما يكون الأهالي في أمس الحاجة لحمايتهم ، لا يكون له أي وجود على الأرض. هذا الغياب المستمر يجعل المواطنين في حالة من القلق الدائم ، حيث لا تجد قوات الجيش إلا بعد أن تنقض الهجمات على القرى وتترك الدمار وراءها. وفي ظل هذا الفراغ الأمني ، يتم تهييج مشاعر المواطنين والشباب ويُجبرون على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم. لكن هذا التسلح لا يأتي دون ثمن ، حيث يتم أخذ المقابل لتوفير الأسلحة للمستنفرين. هذه الأوضاع تجعل الأهالي ضحايا مزدوجين ؛ فهم ضحايا جيش الحركة الإسلامية الذي يتركهم عرضة للمخاطر ، وضحايا الجنجويد الذين يستمرون في هجماتهم العنيفة.
التأخير في التعامل مع هذا الوضع يعني مزيداً من الدماء والمعاناة ، مما يجعل التدخل السريع ضرورة لا تحتمل التأجيل.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة