إغلاق مصانع النسيج في البرتغال يفتح المجال أمام المغرب
تواجه البرتغال أزمة متفاقمة في قطاع النسيج، حيث أعلنت أكثر من 1000 شركة متخصصة في الملابس إفلاسها هذا العام، ما أدى إلى إغلاق العديد من المصانع، لا سيما في بلدية لوسادا التي شهدت إغلاق ثلاثة مصانع خياطة مؤخرًا.
الإغلاقات المتكررة تظهر تداعيات انتقال الصناعات ذات القيمة المضافة المنخفضة إلى أسواق أخرى، وهو ما يفتح المجال أمام المغرب ليصبح وجهة بديلة للشركات الباحثة عن استدامة إنتاجها، خاصة في ظل توجه الموردين الإسبان، ولا سيما في منطقة غاليسيا، نحو الاعتماد بشكل متزايد على الموردين المغاربة.
مهتمين بالمجال الاقتصادي ومجال صناعة النسيج، أكدوا أن المغرب، وبفضل قربه الجغرافي وكفاءته في التصنيع، يتمتع بمزايا تنافسية تجعل منه خيارا جذابا لشركات النسيج التي تعتمد على شبكات توريد قوية في المنطقة.
ومع ذلك، يبقى السؤال حول قدرة المغرب على استغلال هذه الفرصة لتحقيق مكاسب طويلة الأمد، ورغم العقود والاتفاقيات الموقعة، يظل التحدي الحقيقي هو تطوير منصات إنتاجية كبرى وترسيخ قدرات صناعية تتجاوز الحلول المؤقتة، بما يضمن استدامة النمو والارتقاء بسلاسل القيمة المحلية.
المحلل الاقتصادي عمر الكتاني، اعتبر أن قطاع النسيج في المغرب من القطاعات التي حققت نجاحات ملحوظة على مدى العقود الماضية، إلا أنه يواجه في الوقت الراهن تحديات كبيرة مرتبطة بـ إفلاس بعض الشركات المحلية، مشيرا إلى أن الشركات التي تمكنت من الصمود وسط هذه التحديات هي تلك التي تمتلك خبرة طويلة في السوق، وعملت على تطوير منتجاتها بما يتلاءم مع المعايير العالمية، مما أتاح لها الاستمرار رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
ويعتقد المتحدث أن انتقال بعض الشركات الأجنبية إلى المغرب يمكن أن يعود بالنفع على اليد العاملة المحلية من خلال خلق فرص عمل جديدة، ومع ذلك، يرى بأن هذه الخطوة لن تُحدث تغييرات جذرية على المستوى الاقتصادي العام، نظرا لاستمرار المنافسة الدولية القوية، خاصة من دول مثل الصين وبنغلاديش، التي تتمتع بتكاليف إنتاج منخفضة ومزايا تنافسية عالية.
وذكر المحلل الاقتصادي، بالمشروع الطموح الذي كان المغرب قد أطلقه لاستعادة إنتاج الحرير، حيث تم استقطاب شركات عالمية لتحديد نوعية الأشجار المناسبة لهذا النوع من الزراعة الصناعية. الحرير، بصفته منتجا ذا قيمة مرتفعة في الأسواق الدولية، كان يُنظر إليه كفرصة لتعزيز حضور المغرب في هذا المجال، إلا أن المشروع لم ينفذ على أرض الواقع، مما يجعل الحاجة ملحة لتدارك هذا التأخير.
بحسب الكتاني، فإن استمرار تطور قطاع النسيج في المغرب يعتمد بشكل أساسي على دور الدولة في دعمه، إذ أن هذا القطاع، ورغم توفيره لفرص عمل كبيرة، عانى من إهمال حكومي في مراحل سابقة، ومع انتقال شركات أجنبية إلى المغرب، يبقى التساؤل قائما حول مدى قدرتها على مواجهة المنافسة الصينية والدول الأخرى.
ويرى الكتاني أن حل مشكل البطالة لا يقتصر فقط على تعزيز قطاع النسيج، بل يتطلب تبني رؤية أوسع تشمل إطلاق مشاريع كبيرة في المناطق الريفية.
هذه المشاريع حسب المحلل يمكن أن تحفز السكان المحليين على العمل في الصناعة التقليدية، التي تعتبر من الركائز الاقتصادية المهمة، مستشهدا بتجربة فرنسا، حيث تشغل الصناعة التقليدية حوالي 50% من اليد العاملة، متفوقة على القطاعات الصناعية والزراعية.
واختتم الكتاني حديثه بالتأكيد على أن معالجة مشكلات البطالة والتنمية الاقتصادية تحتاج إلى استراتيجية شاملة، معتبرا أن الحل ليس قطاعيا فقط، بل يتطلب توجها عاما يعزز التنمية في جميع المجالات، بما يشمل بناء مدن جديدة في المناطق الريفية وتحقيق التوازن بين القطاعات الاقتصادية المختلفة.
المصدر: العمق المغربي