من يوقف الحرب في السودان بعد فشل المنظمة الدولية في ايقافها؟
السر العجمي
مع الذكري السنوية لثورة ديسمبر المجيدة ، انعقدت في الخميس الموافق التاسع عشر من ديسمبر جلسة مجلس الامن المنعقدة بشأن الازمة السودانية. والتي تراس جلستها وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن ، وكانت هذه الفرصة الاخيرة للديمقراطيين بالرغم من كل الجهود التي بذلوها لحل الازمة السودانية قبل مغادرتهم البيت الابيض في بداية العام القادم. الا ان هذه الجلسة كسابقاتها جات مخيبة للآمال ، بالرغم من التحذيرات والتصريحات التي سبقت الجلسة من قبل رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للإدارة الامريكية السيناتور كاردين ، بالضغط علي مجلس الامن من اجل اتخاذ اجراءات حاسمه بشأن السودان واغتنام الفرصة لضمان تحرك مجلس الامن الي ما هو ابعد من المناقشات ، والبدء في اجراءات اكثر جدوي لإنقاذ الارواح ومنع المزيد من الفظائع في السودان. الا أن الجلسة كانت كسابقاتها عبارة عن مهرجان خطابات من قبل الدول الاعضاء ، وهذا هو الخط الذي يسير عليه مجلس الامن بصدد الازمة السودانية ، وعجز في اصدار قرار وفقا لصلاحياته الممنوحة له بموجب الميثاق ، حتي ان القرار الذي اصدرة بشان وقف العدائيات بالرقم 2724 ، فهو كان قرار غير ملزم وذلك لان مرجعتيه القانونية هي البروتكول الاول الملحق باتفاقية جنيف 1949م. ويتضح من خلال جلسات مجلس الامن بشان السودان عودة وظهور الحرب الباردة بين امريكا وروسيا ، وقد ظهرت بوادر ذلك منذ جلسة نوفمبر الماضي التي تراسها وزير خارجية بريطانيا. وايضا من خلال خطاب رئيس الجلسة الاخيرة انتوني بلنكن الذي جاء فيه” تقوم جهات فاعله خارجية بتسليح الطرفين ودعمهما ، فتحول بذلك صراعا داخليا علي السلطة الي نزاع ذي ابعاد دوليه. ولا يستطيع العالم ان يشيح بوجهه عن الكارثة الانسانية المتكشفة في السودان امام اعيننا وحري به الا يفعل “وخطاب مندوب روسيا الذي هدد بالفيتو عندما ذكر “سوف تستمر روسيا في عرقلة أي محاولة من قبل زملائنا الغربيين من خلال فرض القيود علي السودان”. اتضح تماما عودة الحرب الباردة علي مسرح مجلس الامن الدولي. كما يتضح ان الفيتو المنصوص عليه في الميثاق هو الذي يعيق مجلس الامن الدولي في القيام بمهامه الموكلة له في حفظ السلم والامن الدوليين.
*خاطبت الجلسة السيدة اديم وسونو مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، وتركز خطابها عن الجانب الانساني فقط ، بحكم وظيفتها. ولم يكن في خطابها أي اشارة الي ايقاف الحرب ، بل ركزت علي الالتزام بالقانون الدولي الإنساني (قانون الحرب). بمعني استمرار الحرب مع الالتزام بقانون الحرب. حيث افادت بان الاعمال العدائية الشرسة في المناطق المأهولة بالسكان تتصاعد وتنتشر مع تجاهل واضح للقانون الدولي الانساني. واخيرا ختمت خطابها بثلاثة مطالب وهي بان يمتثل الاطراف الي القانون الدولي الانساني ، ويجب ان تنتهي الخسائر المدنية المروعة وتنفيذ التوصيات الواردة في تقرير الامين العام الصادرة في اكتوبر بشأن حماية المدنيين ، واخيرا دعت مجلس الامن الي استخدام نفوذه لضمان فتح جميع طرق الاغاثة.
اخيرا الملاحظ ان السلوك الدولي يشير الي استمرار الحرب . ويتضح ذلك من خلال سلوك وتصريحات امينها العام انطونيو غوتريش بعدم امكانية التدخل الانساني لحماية المدنيين. فالمنظمة الدولية تريد استمرار الحرب ، وفشل مجلس الامن في مهامه المتمثلة في حفظ السلم والامن الدوليين ، ولم يحرك ساكنا بشأن ازمة الجوع وكل الانتهاكات الممنهجة والمخالفة للقانون الجنائي الدولي ، وخلال كل الجلسات التي عقدها مجلس الامن لم يكن هناك أي مطالبة بإيقاف الحرب ووقف العدائيات ، بل كل جلساته كانت تركيزها علي الجانب الانساني وحماية المدنيين ، ورغم مناشدته ومطالبته بحماية المدنيين فشل المجلس في ذلك. وليس المجلس وحده الذي يريد استمرار الحرب فالمجتمع الإقليمي والدولي ايضا يريد استمرار الحرب. حيث ان كل الجهود الدولية والاقليمية التي بذلت بشأن الصراع في السودان لم تكن تركز علي ايقاف الحرب ، مما يعني استمرار الحرب حيث كان تركيزها ايضا علي الجانب الانساني وحماية المدنيين، والالتزام بقواعد القانون الدولي الانساني. رغم انها ليست لديها أي اليه لتنفيذ ما ركزت عليه ، وذلك بدء من اعلان جده ومرورا بجنيف والايقاد والاتحاد الافريقي. واخيرا في الاجتماع الذي عقد في موريتانيا بواسطة رمطان العامرة.
وختاما فبعد اخفاق الإدارة الامريكية بقيادة الديمقراطيين في ايقاف الحرب ، وحماية المدنيين. فهل ينجح الجمهوريين بقيادة الرئيس القادم ترام في ايقاف الحرب؟ ام تستمر الحرب وتظل حربا منسيه؟ ام يتوحد السودانيين لإيقافها ؟ .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة