اخبار المغرب

التكنولوجيا تقلق مدافعين عن العربية

استضافت التنسيقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بجهة مراكش، السبت، ندوة علمية بمدرج المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بجامعة القاضي عياض، جمعت أكاديميين وخبراء لمناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي على اللغة العربية والهوية الثقافية.

وافتتحت الندوة بكلمة الدكتور عبد الرحمن بودرع، أستاذ لسانيات النص وتحليل الخطاب بجامعة عبد المالك السعدي، الذي دعا إلى الحفاظ على الخصوصية اللغوية والثقافية للغة العربية، مؤكدا على ضرورة تأهيلها لتواكب متطلبات العصر التقني دون الإخلال بعمقها الهوياتي، كما ركز في كلمته السنوية، التي باتت تقليدا في هذه الندوة، على أهمية جعل اللغة العربية أداة حية قادرة على التفاعل مع التحولات الرقمية.

وفي كلمته الترحيبية شدد الأستاذ حسن عياد، مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، على ضرورة إدماج الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات الأكاديمية والتقنية. ومن جهته تناول نائب رئيس جامعة القاضي عياض، الأستاذ صلاح القرطبي، دور الجامعة في توفير تكوينات أكاديمية تتوافق مع التحولات الرقمية المعاصرة؛ فيما سلطت رئيسة التنسيقية، الأستاذة فوزية رفيق، الضوء على أهمية التوازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية واستثمار الإمكانات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي.

وفي مداخلة له ركز الأستاذ إدريس لكريني، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمراكش، على تأثير الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، معتبرا أن “هذه التكنولوجيا تشكل طفرة في تحسين جودة التعليم وفعاليته”، ودعا إلى وضع خطط دقيقة لدعم التعليم الذكي وتوفير أدوات تقنية تتيح للطلاب الوصول إلى معارف جديدة، مع التركيز على بناء منظومة تربوية مستدامة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.

من جانبه تناول كل من الأستاذ أنس أبو الكلام، الخبير في السيبرانيات والبرمجة، والأستاذة نوال اليتيم، أستاذة التعليم العالي بآسفي، تأثير الذكاء الاصطناعي على تطوير العلوم وخدمة اللغة العربية. وأشار أبو الكلام إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحسين الإنتاجية عبر تحليل البيانات الضخمة وتقديم حلول فعالة للصناعات، مشددا على أن “الاستثمار في هذا المجال سيعزز تنافسية الدول العربية”؛ فيما ركزت اليتيم على أهمية دمج التقنيات الحديثة في المناهج التعليمية، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية، داعية إلى تطوير تطبيقات ذكية تعزز تعلم اللغة العربية.

أما الأستاذة سناء الزعيم، الحقوقية وأستاذة معهد مهن التمريض بمراكش، فقدمت عرضا حول التعلم العميق كأحد أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لافتة إلى أن “هذه التقنية تستند إلى محاكاة أنماط التفكير البشري، ما يتيح معالجة البيانات المعقدة لإنتاج رؤى دقيقة، مثل التنبؤات في المجالات الطبية والتعليمية”.

الخبير أحمد الشهبوني، المؤسس لمركز تنمية تانسيفت، تناول هو الآخر التحولات التاريخية التي شهدها الذكاء الاصطناعي منذ نشأته كحاجة عسكرية وصناعية وصولا إلى دوره في حياة الإنسان اليومية، مركزا على ضرورة تعزيز البحث العلمي العربي لمواكبة هذه التحولات، ومعتبرا أن “اللغة العربية تحتاج إلى مشاريع تقنية متقدمة لإبقائها في صدارة اللغات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي”.

وفي مجال العدالة ألقى المحامي احمد أبادرين، رئيس لجنة حقوق الإنسان سابقا، الضوء على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القضاء المغربي، موضحا أن “إدماج هذه التكنولوجيا في المحاكم يمكن أن يسرّع الإجراءات القضائية”، لكنه حذر من “الاعتماد الكامل عليها دون تكوين وتأهيل متخصصين لضمان جودة الخدمات القانونية”.

واختُتمت الندوة بنقاش تفاعلي شهد تدخلات من الحضور، تمحورت حول كيفية تحقيق التوازن بين الانفتاح على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والحفاظ على الهوية الثقافية. كما دعا المتدخلون إلى ضرورة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم، الاقتصاد، والقضاء، مع التركيز على تعزيز المحتوى الرقمي العربي وتطويره ليعكس قيم المجتمع وهويته.

حري بالذكر أن هذه الندوة تُعد محطة هامة للتفكير في مستقبل اللغة العربية في ظل الطفرات التكنولوجية، مؤكدة على أهمية العمل الجماعي لصياغة رؤى متوازنة تضمن مواكبة العصر مع الحفاظ على الأصالة.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *