حين ينقلب الماركسي على الحداثة قراءة في تناقض عبدالله علي إبراهيم
زهير عثمان حمد
عبدالله علي إبراهيم، الأكاديمي والباحث السوداني، يُعدّ شخصية مثيرة للجدل في السياق الفكري والسياسي السوداني. يُعرف بكتاباته التي تجمع بين العمق الأكاديمي والنقد اللاذع، والتي تُظهر ازدواجية واضحة في موقفه من قضايا الثورة والتغيير في السودان. ورغم أنه يُعلن انتماءه السابق للحزب الشيوعي، إلا أن أطروحاته الحالية كثيراً ما تتسم بنقد قوى الثورة الحداثية، مما يُثير تساؤلات حول التزامه الفكري وتحولاته السياسية.
الإطار الفكري لعبدالله علي إبراهيم , الخلفية الشيوعية أن انضمامه السابق للحزب الشيوعي السوداني يُظهر انحيازاً أولياً لفكر الطبقة العاملة والنضال ضد الرأسمالية. لكن طرحه الراهن يعكس خيبة أمل واضحة تجاه المشروع الشيوعي، وربما النظام الثوري ككل.
النقد المتكرر لقوى الثورة ويُركز في كتاباته على تصوير قوى الثورة، خاصة القوى المدنية، بأنها فاقدة للرؤية والاستراتيجية. ويتهمها بالتذبذب الطبقي والقصور في إدارة الثورة. هذا النقد يبدو امتداداً لموقف فكري يعتبر القوى الحداثية في السودان انعكاساً لبرجوازية صغيرة مذبذبة، وهي رؤية متجذرة في الأدبيات الشيوعية الكلاسيكية.
تناقض الالتزام الفكري
عبدالله علي إبراهيم يدّعي الالتزام بمبادئ الفكر التقدمي، لكنه في الوقت نفسه يبدو عدائياً تجاه الحركات المدنية الحداثية، التي تشترك في الكثير من القيم الأساسية مع تلك المبادئ. هذا التناقض يُضعف صدقية موقفه، ويُظهره كحالة من الاستعلاء الفكري على الثورة نفسها.
مقارنة بين التزامه الفكري وعدائه لقوى الثورة
البعد التزامه الفكري عداؤه لقوى الثورة
المنهج الطبقي يؤكد على التحليل الطبقي في النظر للأحداث. يتهم قوى الثورة بأنها تنتمي إلى “برجوازية صغيرة مذبذبة”.
القيم التقدمية يُفترض أنه مؤيد للتحرر والعدالة الاجتماعية. ينتقد قوى الثورة الحداثية التي تسعى لتحقيق هذه القيم.
الموقف من الطبقات الشعبية يدعي الانحياز للعمال والمزارعين. يُهمل الحراك الشعبي ويُقلل من دوره في التغيير.
النقد الأكاديمي يُقدّم تحليلات عميقة ومبنية على مفاهيم ماركسية. يتحول نقده إلى وسيلة لتقويض مصداقية القوى الثورية.
السؤال عن الدوافع هنا مهم وعلينا التحليل في ذهنية هذا”الماركسي الذي خان الطبقة وقوى الثورة”
الأثر الشخصي
يبدو أن عبدالله علي إبراهيم يحمل خيبة أمل شخصية من تجربته في الحزب الشيوعي أو من قوى الثورة، مما يجعله يميل إلى نقدها باستمرار. هذا التحول قد يكون ناتجاً عن شعور بفقدان السيطرة أو الدور القيادي في المشهد الثوري.
الأكاديمية مقابل الالتزام الثوري وما بين هما ,انحيازه إلى التحليل الأكاديمي المجرد يُظهره كمنفصل عن الواقع السياسي، وهو ما يثير استياء كثير من قوى الثورة التي تنتظر دعماً فكرياً يوحد الصفوف بدلاً من تفريقها.
النخبوية الفكرية وطرحه يعكس نوعاً من النخبوية، حيث يُقلل من قدرة الجماهير الثورية على قيادة التغيير. وربما يرى أن النخبة المثقفة، التي يعتبر نفسه جزءاً منها، هي الأجدر بإدارة التحولات.
وأخير اري أن عبدالله علي إبراهيم، رغم غزارة إنتاجه الفكري، يبدو أسيراً لماضٍ شيوعي لم يتجاوزه بشكل كامل، ومع ذلك يُمعن في انتقاد القوى المدنية والحداثية التي تقود الثورة السودانية. هذا الموقف يُفسر على أنه محاولة لفرض رؤية نقدية “للنأي بالنفس” دون الالتزام بوضوح مع قوى التغيير. التناقض بين التزامه المعلن بالمبادئ التقدمية وعدائه لقوى الثورة الحداثية يُظهره كصوت نقدي منفصل عن الواقع الثوري، مما قد يُضعف تأثيره ويُبعده عن الجمهور الذي يسعى لتحقيق تطلعاته في الحرية والسلام والعدالة.
[email protected]المصدر: صحيفة الراكوبة