من نظام المهداوي إلى قائد أركان المقاومة يحيى السنوار (2)
سلام عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد:
قد بلغني أن سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، قائد الجيوش وفاتح الأمصار، كتب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يستمده بألفي رجل. فجاءه رد خليفة المؤمنين، كتابًا جامعًا موجزًا، يقول فيه:
“إني قد أمددتك بألفي رجل: عمرو بن معديكرب، وطليحة بن خويلد، رجل بألف، فشاورهما في الحرب ولا تولّهما.”
وتساءلتُ، يا سيدي: هل يهيّئ الله لهذه الأمة أن يُرسل لها رجلًا بألف رجل أو بمليون رجل، حتى ونحن على حالنا كغثاء السيل؟ نحن الذين صرنا نخاف من إسلامنا وليس على إسلامنا. نخاف صنيعتهم “الإرهاب“، نخاف الملتحي، ونخاف من يدعو إلى التمسك بالدين. وكأننا كائنات شيطانية مؤقتة جئنا كحمل زائد على هذا العالم، ولسنا من أحفاد من حملوا الرسالة، وسادوا الأمم، وحكموا الأرض بالإسلام.
لقد أرسلك الله لنا رجلًا بمليون رجل، لكننا خذلناك جميعًا.
لقد تبدلت الأحوال من بعدك، يا سيدي.
سقطت أصنام، وما زالت أخرى يُقسم عليها الروم والصهاينة أنهم باقون ولو فني الناس أجمعون. ظنوا أن طوفانك سيهدأ يومًا، فإذا به يجرف ما جرفه، لم يُبقِ سترًا إلا فضحه، ولا خطابًا إلا فنده، ولا شعارًا إلا وأثبت عكسه، ولا مقاومةً إلا تحججت بصبرها “الاستراتيجي” حتى أجهز العدو عليها.
لقد تبدلت الأحوال كثيرًا. لحقك الكثير من إخوتك المجاهدين، وسقط الأسد في سوريا، والناس بين فرحين ومرعوبين، لا يصدقون أن الأمم لن تداعى عليهم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.
أما في الضفة الغربية، التي طالما ناشدتها أن تكون سندًا لغزة، فقد تولت السلطة المهمة عن الاحتلال. لم تكتفِ بالتنسيق معه، بل اقتحمت المخيمات والبيوت والحواري، وأرسلت قناصتها لتجهز على المقاومين. إنهم ينفذون وعد سموتريتش وبن غفير: تسليم الضفة بلا قتال، وتهجير أهلها بلا مقاومة كي تسلم السلطة.
أطلت عليك برسالتي هذه.
كنتُ أنتظر زيارتك، لكنك لم تفعل، حتى صار القلب المكدود مهووسًا بأسباب الغياب.
وقد رغبت بسؤالك، يا سيدي:
هل كنت تعلم، وأنت تُطلق طوفانك، أننا أمة أنهكها النفاق وأذلها التفرقة؟ هل كنت تعلم أننا كائنات مرعوبة من حكامها، تترقبهم بأعين مرتجفة؟ وهل كنت تعلم أننا سنخذلك جميعًا، وأن من خلفك فتية من أعوانك قلائل، يقاتلون حتى يقضي الله أمره؟
سلام من الله عليك، وأنت حي، وأنت شهيد. وسلام عليك وأنت فرح بما أتاك الله من فضله.