كيف برهنت أوكرانيا على يدها الطولى في قلب روسيا؟
كيف برهنت أوكرانيا على يدها الطولى في قلب روسيا؟
أكدت مصادر في جهاز الأمن والاستخبارات الأوكراني، لبي بي سي، أن وكلاء تابعين للجهاز يقومون بتنفيذ عمليات ضد الجيش الروسي وضد مسؤولين كبار متورطين في الحرب “في كل مكان يوجد فيه هؤلاء الأعداء لأوكرانيا”.
ويشمل ذلك المناطق المحتلة من أوكرانيا وفي روسيا ذاتها، وفي أي مكان آخر.
وقارن الخبير العسكري والضابط السابق في جهاز الأمن الأوكراني، إيفان ستوباك، بين عملية قتل الجنرال الروسي البارز إيغور كيريلوف بواسطة ما يُعتقد أنه عبوة ناسفة كانت مخبّأة في دراجة كهربائية “سكوتر” من جهة، و”هجوم البيجر” الذي شنّه جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) ضد جماعة حزب الله اللبنانية في وقت سابق من العام الجاري، من جهة أخرى.
وقال ستوباك لبي بي سي: “كان على جهاز الأمن الأوكراني أن يقرّر ما إذا كان سيطلق عليه الرصاص أم سيفجّره أم سيُسمّمه” في إشارة إلى كيريلوف.
قائمة أهداف
قال ستوباك إن أي شخص يقوم بإعداد، أو تخطيط، أو دعم، أو تنفيذ عدوان روسي ضد أوكرانيا، يمكن اعتباره هدفاً مشروعاً من جانب جهاز الأمن الأوكراني.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
قصص مقترحة نهاية
وعلى قائمة الأهداف التي نشرتها المخابرات الأوكرانية، يوجد جنرالات روس وقيادات قوات عسكرية، مثل القوات الجوية الروسية، التي تنفذ هجمات على مدن أوكرانية وشبكات طاقة.
لكنْ، عندما تتخذ المخابرات قراراً بشأن مَن يكون الهدف، فإنها تنظر بعناية في عدد من العوامل، من بينها: إمكانية الوصول وأهمية الشخص المستهدف.
وفي ذلك، يقول ستوباك: “إنها عملية عالية الاحترافية؛ يجب أن تتولى تنفيذها مجموعة من الأشخاص”.
ويضيف ستوباك لبي بي سي: “كان عليهم أن يعرفوا ما إذا كان الجنرال بحوزته أي أسلحة، وما إذا كان أحد برفقته، وما إذا كان جهاز الأمن الروسي يتعقّبه”.
ويكون على منفّذي العملية أن يخاطروا، في ظل احتمال إلقاء القبض عليهم وبحوزتهم متفجرات في شوارع موسكو، أو أن تُحدّد أماكنهم عبر فيديوهات تلتقطها كاميرات مراقبة مثبّتة ناهيك عن تأمين استراتيجية خروج آمِن سريع بعد تنفيذ العملية.
يقول ستوباك: “ذات مرّة، قال لي عميل سرّي كان مكلفاً بتنظيم عملية شبيهة، إنه عندما أرسل رجاله لتنفيذ المهمّة، كانت الـ 20 دقيقة تمرّ وكأنها ثلاثة أيام. إنها عملية شديدة الخطورة ومدمّرة لأعصاب كل مَن يشارك فيها”.
الاستخبارات والمعلومات المضلّلة
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
اللفتنانت جنرال إيغور كيريلوف، البالغ من العمر 54 عاما، هو قائد قوات الدفاع النووية والبيولوجية والكيماوية في روسيا، كان يعتبر هدفاً خاصاً للمخابرات الأوكرانية.
وفي يوم الاثنين، اتهم جهاز الأمن الأوكراني، غيابياً، كيريلوف، بأنه “مسؤول عن استخدام مفرط لأسلحة كيماوية محظورة”.
وتقول أوكرانيا إن روسيا استخدمت أسلحة كيماوية أكثر من 48 ألف مرّة تحت قيادة كيريلوف.
وفي أكتوبر/تشرين أول الماضي، وضعت المملكة المتحدة كيريلوف على قائمة عقوبات، قائلة إنه أشرف بنفسه على استخدام أسلحة كيماوية في أوكرانيا، وإنه اضطلع بدور “لسان الكرملين الذي ينشر معلومات مضللة”.
من جانبها، تنفي موسكو كافة الاتهامات.
كما أشرف كيريلوف بنفسه على إحدى حملات التضليل المعلوماتي الأسوأ سُمعةً ضد أوكرانيا منذ بداية الصراع.
ويُعرف كيريلوف حول العالم بمزاعمه بأن الغرب يحاول استخدام أسلحة بيولوجية غير تقليدية ضد روسيا.
وكان كيريلوف قد صرّح بأن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” كانت تحاول الحصول على عدد من الحيوانات الصغيرة التي تحمل فيروس نقص المناعة المكتسب “الأيدز” وفيروس التهاب الكبد من النوع “بي”، لإرسالها إلى روسيا.
وأضاف كيريلوف بأن أسراباً من “بعوض المعارك” مُحمّلةً بفيروسات متنوعة كانت بصدد الإرسال إلى روسيا لنقل أمراض مُعدية إلى شعبها.
إلى ذلك، اتهم كيريلوف الولايات المتحدة بالإعداد لـ “وباء جديد بالبحث عن متحورات فيروسية”، واتهمها كذلك بـ “تدبير عملية استفزازية في أوكرانيا عبر استخدام مواد سامّة، وإلقاء اللوم في ذلك على روسيا”.
أيضاً، صرّح كيريلوف أكثر من مرّة بأن الولايات المتحدة بصدد إنشاء مختبرات حيوية عديدة في كثير من دول الاتحاد السوفيتي السابق.
واتهم كيريلوف واشنطن بإعاقة التحقيقات بخصوص منشأ وباء كوفيد19.
وليس بين قيادات الجيش الروسي مَن أدلى للصحفيين بتصريحات مُحمّلة باتهامات، بهذه الغزارة، كما فعل الليفتنانت جنرال كيريلوف.
وحتى في اليوم الذي اغتيل فيه كيريلوف، كان مقرراً أن يخرج بتصريح جديد للصحفيين.
تداعيات ذلك على بوتين
حقيقة إعلان مصادر موثوقة في جهاز الأمن الأوكراني مسؤوليتها عن هذا الهجوم في قلب العاصمة الروسية موسكو، تُظهر فيما تُظهر ثقة القائمين على هذا الجهاز في تأمين وكلائهم لمسارات خروج موثوقة كذلك.
وعادة، لا تسارع أجهزة المخابرات إلى إعلان مسؤوليتها؛ ذلك أنها تحاول تفادي مزيدا من الخطر على وكلائها.
ووقعت عملية اغتيال الجنرال كيريلوف بعد يوم من اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الدفاع أندريه بيلوسوف، ناقشا فيه تعجيل الجيش الروسي خطواته لتحقيق النصر في الحرب ضد أوكرانيا.
العملية أيضا جاءت قبل يوم من حديث تليفزيونيّ سنويّ لبوتين، والذي كان متوقعا أن يطمئن فيه الروس بأن الأمور تسير على ما يرام، وبأن العقوبات الغربية إنما تُسهم في تنمية البلاد.
إيفان ستوباك، الخبير العسكري وضابط المخابرات السابق، قال لبي بي سي، إن عملية اغتيال الجنرال كيريلوف لن تغيّر من مجريات الأحداث على الجبهة قُرب بوكروفسك، حيث تتقدم القوات الروسية لكن هذه العملية ستجعل كلمات بوتين في حديثه للشعب الروسي تبدو جوفاء، أو أنها قد تسفر عن عمليات انتقامية في العاصمة الأوكرانية كييف.
يقول ستوباك: “إنها ضربة للروح المعنوية للضباط في روسيا. أكاد أتخيل ضباط المخابرات الروس مؤرّقين في لياليهم بينما يتلقون اتصالات من رؤسائهم يطرحون عليهم نفس السؤال: كيف بات كل ذلك ممكناً في موسكو؟”.
المصدر: صحيفة الراكوبة