الطالبي العالمي يعدد معضلات تواجه دول الجنوب ويبرز قدرات المغرب في مواجهتها

استعرض رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي، اليوم الثلاثاء، جملة معضلات وتحديات تواجه العالم، وخصوصا دول الجنوب في القرن الواحد والعشرين، مشيرإلى تداعياتها الخطيرة على هذه الدول، كما أبرز قدرات المغرب وإمكاناتها لمواجهتها.

جاء ذلك في كلمة للطالبي العلمي خلال “مؤتمر المستقبل” الذي ينظمه البرلمان المغربي بالتعاون مع مؤسسة “لقاءات المستقبل” ومجلس النواب ومجلس الشيوخ في جمهورية الشيلي، يومي 17 و18 دجنبر 2024 بمقر البرلمان بالرباط

ونبه رئيس مجلس النواب إلى عدد من التحديات التي تواجه البشرية، من قبيل استعادة الأمن والسلم، والانعكاسات الخطيرة للتغيرات المناخية، والنقص الكبير في الموارد المائية، وظهور أزمات صحية، والتحديات التي الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتطورة.

وأبرز الطالبي العلمي قدرات وإمكانات المغرب، بقيادة الملك محمد السادس لمواجهة هذه التحديالت والمعضلات التي برزت في القرن الواحد والعشرين، مشيرا إلى مشاريعه في مجال الاقتصاد الأخضر، وأدواره من أجل السلم الإقليمي والعالمي، ومبادراته التضامنية مع أشقائه في إفريقيا “التي نفتخر بالانتماء إليها”.

وأشار المتحدث إلى تحدي استعادة الأمن والسلم اللذين افتقدتهما العديد من شعوب العالم، التي تعِبت من الحروب والنزاعات المسلحة، مؤكدا أن الأمر يتطلب “الالتزام بالقانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واعتماد الديمقراطية كأسلوب للحكم”.

وتحدث عن الانعكاسات الخطيرة للتغيرات المناخية، لتنتج مآسي إنسانية ومعاناةِ ملايينِ البشر جرَّاءَ الهجرات، واللجوء والنزوح، هربا من الحروب أو من الجوع، أو من الجفاف، وانعدام مصادر العيش.

“وهنا يطرح سؤال المسؤولية المشتركة بشأن مستقبل الكوكب الأرضي، وسؤال الاستدامة، وأيضا سؤال الإنصاف والعدالة المناخية، لشعوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية بالتحديد، التي تعاني من انعكاسات الاختلالات المناخية أكثر من غيرها، علما بأن مساهماتِها في ما يخص انبعاثاتِ الغازاتِ المُسَبِّبَة لاحْتِرارِ الأرض، لا تتجاوزُ %4 بالنسبةِ لإفريقيا و%8 بالنسبة لأمريكا اللاتينية”، يضيف المتحدث.

كما أثار الانتباه إلى معضلة النقص الكبير في الموارد المائية، وتفاقم أزمات الغذاء، بحيث ي”ُطْرَح ضمانُ الأمن الغذائي كتحدي جيوستراتيجي، ويُستعمَل الغذاءُ والتموينُ، كسلاح في العلاقات الدولية، ووسيلةَ ضغطٍ في التوازنات الجيوسياسية. وفي هذه الإشكالية تبقى بلدانُ الجنوب، خاصة في إفريقيا، ضحية تقسيمٍ ظالمٍ للعمل على المستوى الدولي”.

وتتحالف هذه التحديات، يقول الطالبي العلمي، مع تزايد المخاطر بظهور أزمات صحية، “في شكل حروب بيولوجية، وظهور جوائح وأوبئة سريعة الانتشار في عالم مترابط، مُعَوْلَم ومتواصل، كما عشنا ذلك قَبْلَ سنواتٍ قليلة، مع جائحة “كوفيد 19”.

وأشار أيضا إلى التحديات التي يطرح الذكاء الذي “يهدد بتجاوز العقل البشري، ويجعل الإنسان أمام تحديات، قد لا يقدر على مواجهتها في المستقبل”، والتكنولوجيات المتطورة التي “تنتج ظواهرَ سلبيةً في حياة المجتمعات والأسر، خاصة من خلال التشهير، والتضليل، والتطاول على الحياة الشخصية”.

ولمواجهة هذا التحديات، دعا الطالبي العلمي إلى  توحيد جهود المؤمنين بالعيش المشترك، وبالديمقراطية والتنوع والتضامن والسلم. وأكد على أهمية التصدي للخطابات الانعزالية والنكوصية والمتطرفة، التي تستغل الأزمات لتقويض القيم الإنسانية الكونية، والعمل من أجل تحقيق العدالة الدولية في مجالات المناخ، والتنمية، والوصول إلى الغذاء والتكنولوجيا والمعرفة.

كما حث على ضرورة الترافع المستمر من أجل تحقيق العدالة المناخية، خاصة لفائدة إفريقيا وأمريكا اللاتينية وبلدان الجنوب عموما، التي تعاني بشكل أكبر من تداعيات التغيرات المناخية، مبرزا أهمية تفعيل الآليات التمويلية لتمكين هذه البلدان من تجاوز آثار الاختلالات المناخية، مع العمل على تيسير نقل التكنولوجيا الخضراء من الشمال إلى الجنوب.

وأشار إلى أن بلدان الجنوب تتوفر على إمكانيات هائلة في مجال الطاقة الخضراء، التي تشكل رافعة أساسية لتحقيق التنمية، مشددا  على ضرورة استثمار الإمكانيات الكبيرة التي تملكها هذه البلدان في ما يتعلق بإنتاج الغذاء، موضحا أن أكثر من ثلثي الأراضي القابلة للزراعة عالميا توجد في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.

كما أبرز الطالبي العالمي الدور الاستراتيجي الذي تلعبه المحيطات والبحار في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، باعتبارها من الأوسع والأهم في العالم، وما تتيحه من إمكانيات كبيرة في مجالات إنتاج الغذاء، وتطوير الأنشطة التجارية والخدمات، وتعزيز التواصل الدولي، ما يجعلها عاملاً أساسياً لتحقيق التنمية والتعاون جنوبجنوب.