اخبار السودان

مكالمة الوداع!! السودانية , اخبار السودان

أطياف

طيف أول:

ما بين البُعد والمسافة ساعة تضبط ذاتها للرحيل

بعد أن ضللت عقاربها حواس الكون بالزحف إلى الوراء

أحيانا تربكك فكرة صلبك على الحائط، ويتعبك استيعاب قدر الرحيل الذي لا بد منه!!

وتركيا كانت أول الملوحين بالوداع للرئيس المخلوع بشار الأسد، وأول الذين سلموا المفتاح لدك الأسوار والحصون، حتى تتمكن المعارضة السورية من إسقاط أكبر إمبراطورية للتعذيب والقتل والتشريد التي شيدها بشار الأسد تعديا على شعبه والإنسانية.

وأردوغان كان آخر المتصلين ببشار الأسد في مكالمة كانت الأخيرة قدم فيها خيارات التنحي والنصح له، ولكن كان بشار من الذين وضعوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا استكبارا.

ولم يسمعه، وذلك لغروره كحالة طبيعية وصفة وسلوك للطغاة، الذين يزين لهم الشيطان ملكهم على جثث الشعب، ولكن ماذا حدث بعد المكالمة التي جمعت بين الرئيس التركي والرئيس السوري المخلوع، انهارت بعدها الإمبراطورية على رأسه.

ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يهاتف أردوغان فيما يتعلق بسوريا، ويحدثه عن ضرورة الحفاظ على الأمن القومي الإقليمي.

وأردوغان بعدها يهاتف الفريق عبد الفتاح البرهان ليخبره رغبته في التوسط بينه ودولة الإمارات “حسب الأخبار”، وهو بلا شك عنوان حركي للمكالمة فالحديث عن الوساطة بينهم والإمارات ليس هو ما دفع أردوغان لمهاتفة الجنرال فتركيا تقود هذه الأيام خطا هجوميا على الأنظمة الدكتاتورية برغبة ورعاية أمريكية، لذلك بادرت بمكالمة الوداع كصافرة أخيرة، والتي تكشف بلا شك إخطار الجنرال بوصوله محطة النهاية!! وله أن يختار الخروج آمنا، أو يختار أن يكون بشار

فالعنوان الحقيقي هو طلب أردوغان من البرهان الذهاب إلى التفاوض

فالحوار مع الإمارات يعني التوجه إلى منبر التفاوض حتى ينتهي به، ولكن قد يكون عنوان الوساطة مقصوداً حتى يمنح البرهان فرصة لحفظ ماء الوجه ولقبوله التفاوض بصيغة أخرى، حتى لا يأتي القبول في وقت ظلت فيه لا الرفض.

وتركيا، بالرغم من أنها الدولة الحاضنة للفلول، لكنها واحدة من الدول التي تدعم خط التغيير ووقف الحرب في السودان وفقا لما يجمعها من علاقة بالكبار.

حتى إنها ظلت طوال فترة الحرب ممتنعة عن الدعم السياسي للبرهان في المنابر الدولية، وتحفظت حكومتها عن أي تصريح يدعم حكومة الأمر الواقع، ولم تتضامن في يوم مع نظام الإخوان المقيمين على أراضيها، أو تواسيهم في قضيتهم، ولم تقدم دعما معنويا للعسكريين في السودان، ولم تدوا حكومتها أي انتقاد أي طرف، ظلت تتمتع بالحصافة السياسية في تعاطيها مع القضية السودانية، ونظرت إلى قضية الإخوان من زاوية اقتصادية بحتة، وجردتهم من أموالهم لصالح بلدها، ودعم خطة الاستثمار هناك، دون أن تمد لهم يد العون سياسيا.

هذه الحصافة هي التي جعلت تركيا، تجلس “موجب” طول فترة الحرب الأمر الذي يجعل حضورها الآن مقبولاً، وعليه أن يمكنها من قيادة دور مؤثر سيغير في النتائج بصفتها لاعب جديداً على مستطيل الحل السياسي.

فعندما سمحت تركيا لمنابرها ببث تصريحات عبد الحي يوسف عنها بأنها لم تدعم البرهان.

لم يكن هذا مجرد “نكران جميل” لعبد الحي للبلد التي آوته وفتحت له أبواب التجارة والاستثمار، ولكنها كانت تصريحات بموافقة الحكومة التركية للتمهيد لتبرئة أوردغان من علاقته بالبرهان وتسويق دوره الحالي

لذلك ذكرنا وقتها أن تصريحات عبد الحي تقف خلفها جهات خارجية أرادت أن تقدم تركيا بأيادي بيضاء للمساهمة في الحل السياسي الذي يضّعف إن كان للدولة دور في دعم ميدان الحرب ويقوى كلما ابتعدت عن الصراع، وفي ذات الوقت تصور البرهان كمخطئ يستحق أن يرفع عنه الغطاء.

والآن يظهر أردوغان في الوقت المناسب ليخدم خط التحالف التركي الأمريكي الإسرائيلي لتشكيل الوجه الجديد للشرق الأوسط.

خطوة بلا شك تقطع آخر خيوط العشم عن العسكريين، وتأتي ضد رغبة الفلول التي تأخذ من بلاد أردوغان مهربا ومخبأ لها.

ومكالمة الوداع تعني أن تركيا الآن سيكون لها دور فاعل وكبير ليس في وضع أسس الحل، ولكن في رسم خارطة الطريق المؤدية للنهايات بالنسبة للفريق عبد الفتاح البرهان، وستتبعها روسيا في أيام قليلة بذات النهج في عملية التخلي كما تبعتها في سوريا، ولأننا تحدثنا بعد حق الفيتو الروسي أن القضية قضية صفقات وليس صفعات، فيبدو أن أمريكا تعمل الآن على “خلخلة” سقوف الأنظمة المتجبرة من أعمدة وزوايا الحلفاء!!

فالقادم لا يبشر بالنسبة للقيادات العسكرية ونظام الإخوان، وقد تشهد أيام قليلة قادمة انسحاب قيادات عسكرية وإخوانية من الملعب، أو أن يسارع البرهان بالسفر إلى واحدة من دول الجوار لبحث كيفية تنفيذ الخطوة المطلوبة برؤية مختلفة.

هذا إن لم تكن السعودية الآن تضيء قاعة التفاوض، وتعيد ترتيب المقاعد حول الطاولة سيما أن الأنباء تتحدث عن وجود قيادات عسكرية الآن من الطرفين هناك بعيدا عن قاعة التفاوض.

طيف أخير

عقار السودان ليس بحاجة إلى مساعدات إنسانية بقدر احتياجه أولاً إلى حماية مواطنيه والدفاع عن السيادة وأراضي البلاد من الاحتلال.

(بسيطة.. اعملي العليكم واتركوا المنظمات تعمل العليها)

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *