دفتر عقاري إلكتروني.. نهاية كابوس بيروقراطي
أضحى توجه وزارة المالية نحو رقمنة مختلف المعاملات العقارية، أمرا محتوما، لا تراجع عنه ولا تأخر، ما من شأنه القضاء على البيروقراطية ومحاربة الفاسدين. فبعد إنشاء البوابة الإلكترونية “فضاء الجزائر”، من المرتقب أن يتم إجراء جميع المعاملات العقارية عبر وسائل الدفع البنكية الكتابية بداية من جانفي 2025، في انتظار استحداث “الدفتر العقاري الالكتروني”، الذي سيكون بمثابة قفزة نوعية في القطاع، ويضع حدا نهائيا لمشكلة حقيقية عانى ويعاني منها الجزائريون.
أسدى وزير المالية، لعزيز فايد، أول أمس، خلال ترأسه لاجتماع تنسيقي مع الغرفة الوطنية للموثقين، تعليمات من أجل بذل جهود لإنجاح عملية استخدام وسائل الدفع البنكية الكتابية في المعاملات العقارية، داعيا جميع الأطراف إلى الانخراط الكامل في هذا المسار الذي سيجعل، حسبه، من سنة 2025 محطة محورية في تاريخ الإدارة المالية الجزائرية.
وتناول هذا الاجتماع، الذي حضره كل من رئيس الغرفة الوطنية للموثقين، وممثلي الغرف الجهوية، والمديرين العامين للأملاك الوطنية والخزينة، وممثلي إدارة الضرائب، “مستجدات عصرنة إدارة الأملاك الوطنية، مع التركيز على تحسين عمليات الإشهار العقاري وتسهيل الخدمات المقدمة للمواطنين”.
ويشهد ملف المعاملات العقارية في الجزائر عراقيل وبيروقراطية إدارية، حيث يجد المواطنون أنفسهم أمام طوابير لا منتهية لاستخراج العقود العقارية، ويرجع ذلك إلى نقص التنسيق بين مهنة الموثقين وإدارة أملاك الوطنية، وكذا مصالح الخزينة العمومية والضرائب، ما دفع بالوصاية إلى الإسراع في رقمنة القطاع.
وخلال الاجتماع ذاته، أكد فايد على التقدم المحقق في رقمنة إدارة الأملاك الوطنية والخدمات التي توفرها “بوابة فضاء الجزائر”، التي تقدم حلولا رقمية مبتكرة للمواطنين والمهنيين، مشيرا إلى أن “مشروع إعداد دفتر عقاري إلكتروني سيحدث نقلة نوعية في عصرنة القطاع”. كما ذكّر الوزير بالتدابير الجديدة التي يتضمنها قانون المالية لسنة 2025، خاصة إلزامية إجراء جميع المعاملات العقارية عبر وسائل الدفع البنكية الكتابية، وهو “ما يمثل خطوة مهمة في مكافحة السوق الموازية وتعزيز الشفافية”.
وأوضح فايد أن وزارة المالية ماضية في تعزيز التنسيق مع الغرفة الوطنية للموثقين، “باعتبارها شريكا أساسيا لإدارة الأملاك الوطنية وإدارة الضرائب”، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع هو الثالث من نوعه خلال العام الجاري، مما يعكس الأهمية التي توليها الوزارة لهذه الهيئة. ويراهن فايد على أن تكون سنة 2025 سنة محورية في مسار رقمنة الإدارة وعصرنة الخدمات، حيث تلعب كل من الهيئة الوطنية للموثقين والغرف الجهوية دورا محوريا في هذا المجال.
من جهته، قدم المدير العام للأملاك الوطنية عرضا حول وضعية إعداد وتسليم الدفاتر العقارية لسنة 2024، وعرضا شاملا حول المشاريع الرقمية التي تم إطلاقها وسيتم الشروع فيها قريبا، لافتا إلى أهميتها في تسهيل عمل الموثقين وتحسين جودة الخدمات المقدمة.
أما رئيس الغرفة الوطنية للموثقين، فقد أعرب عن تقديره لمصالح وزارة المالية لفتح قنوات الشراكة والتعاون، مشيرا إلى أن مسايرة قطاع المالية من خلال إجراء “التكوينات في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بالتنسيق مع خلية معالجة الاستعلام المالي”، ملفتا إلى أن هذه الجهود “ستعزز الشفافية في المعاملات العقارية”.
وكان هذا الاجتماع فرصة لدراسة الانشغالات المعبر عنها من طرف الموثقين؛ المتعلقة بسير مهامهم اليومية في علاقتهم مع مصالح وزارة المالية، كما تم وضع آليات عملية للتكفل بالانشغالات المطروحة في إطار التنسيق البيني المتواصل.
وسبق للحكومة أن شرعت في تطبيق توجيهات رئيس الجمهورية لتعميم الرقمنة وعصرنة الإدارة، من خلال رقمنة المعاملات العقارية قصد إضفاء الشفافية والمصداقية في تسيير الأملاك الوطنية ومحاربة التزوير وجميع أوجه الفساد.
وتجلى ذلك في تطبيق برنامج ومخطط عمل الحكومة، بضبط مختلف العمليات المتعلقة بالمهام المسندة إلى إدارة أملاك الدولة ومسح الأراضي والحفظ العقاري، والقيام بإدماج مسح الأراضي والحفظ العقاري في مديرية واحدة قصد توحيد أعمالهما وتسريعها، الأمر الذي ساهم في تجسيد السرعة في تسيير أملاك الدولة والتعاملات بين الخواص.