“تقسيم الشرق الأوسط الجديد لن يجلب السلام” صحيفة بريطانية
“تقسيم الشرق الأوسط الجديد لن يجلب السلام” صحيفة بريطانية
تشغل الأحداث السورية جانبا كبيرا من صفحات الرأي العالمية، وسنحاول في عرض الصحف اليوم أن نورد طرفاً من ذلك الاهتمام.
نبدأ من صحيفة آي البريطانية، التي نشرت مقالا لمراسل الشرق الأوسط باتريك كوكبيرن، بعنوان “تقسيم الشرق الأوسط الجديد لن يجلب السلام”.
رأى كوكبيرن أن تغيّرات سياسية كبرى تختمر في الشرق الأوسط بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، مقارناً الوضع الراهن بذلك الذي سبق إبرام اتفاقية سايكسبيكو في 1916، عندما اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم الإمبراطورية العثمانية.
واعتبر كوكبيرن أننا الآن إزاء تقسيم جديد، مشيراً إلى توغّل الجيش الإسرائيلي في الجولان واحتلاله جزءا من المنطقة منزوعة السلاح والتي كانت في السابق خاضعة للجيش السوري.
واحتلت إسرائيل جزءا من جبل الشيخ، والذي من قمّته يمكن رؤية دمشق على مسافة 64 كيلومتراً.
ونوّه الكاتب إلى أن اتفاقات قديمة كانت تحافظ على السلام بين إسرائيل وسوريا بعد حرب 1973 تمّ تجاهلها؛ حيث لم تعُد تعكس ميزان القوى الحقيقي.
ورأى كوكبيرن أن مَن يحكم سوريا في المستقبل، أياً كانت توجّهاته، سيجد دولة منتهَكة بدرجة كبيرة؛ حيث لا تقيم إسرائيل اعتبارا لحدود سوريا في الجنوب، وكذلك تفعل تركيا مع الحدود السورية في الشمال.
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
وقال كوكبيرن إن أحداً لا يمكنه أن يتنبأ بشكل الشرق الأوسط الجديد، بعد انهيار ميزان القوى الذي كان قائما فيه، وهزيمة خصوم واشنطن الرئيسيين في المنطقة (إيران وروسيا).
وأكد الكاتب أنه من السهل تحديد المنتصرين والخاسرين في المنطقة؛ فقد خسرت كل من روسيا وإيران نفوذهما الخارجي؛ وتعرّض الفلسطينيون وحزب الله والشيعة للهزيمة. وفي المقابل، أصبحت إسرائيل وتركيا قوتين مهيمنتين في المنطقة. كما أصبحت الولايات المتحدة تهيمن وحدها بلا منازع بعد خسارة روسيا حليفها الأساسي في المنطقة.
ولفت كوكبيرن إلى التنوّع الطائفي في سوريا، واصفاً إياه بالـ “فسيفساء الرائعة والقاتلة في ذات الوقت”، مشيراً إلى أن كل طائفة تحظى برعاية من خارج البلاد.
ونوّه الكاتب إلى استيلاء الأغلبية العربية السُنيّة في سوريا على السُلطة من العلويين الأقلية الشيعية التي تنتمي إليها عائلة الأسد ومعظم النُخبة السورية.
وتعيش في سوريا أقليات أخرى عديدة، وهذه لن تنتظر لكي ترى كيف سيعاملها النظام الإسلامي الجديد في دمشق. وثمة مَثَل كُردي قديم يقول: “إذا قررت الجري، فلتُعجّل بذلك”، بحسب الكاتب.
“إسرائيل في قلب تحولات دراماتيكية مفاجئة”
وننتقل إلى صحيفة معاريف الإسرائيلية، والتي نشرت مقالا لرئيس اتحاد طيّاري الخطوط الجوية الإسرائيلية، ميدان بار، بعنوان “ما وقع بالفعل لا يمكن منعه، والجواب على سؤال هل هو في مصلحتنا أم لا، تبدأ عندنا”.
وأشار بار إلى الأحداث في سوريا، قائلا “حتى إذا كُنّا قد أسهمنا في إتاحة الفرصة” للإطاحة بنظام الأسد، فلا ينبغي لنا “الإسهاب في تقدير هذا الدور”.
وقال الكاتب إن “مشاهد الإطاحة بتماثيل الأسد في ميادين سوريا، تعكس تغيّراً من جانب وتدفعنا إلى فهم أعمق لطبيعة جيراننا من جانب آخر”.
وبحسب بار، فإن هناك هُوّةً في دول الجوار الإسرائيلي بين الشعوب والحكومات، وإن هذه الهوّة آخذة في الاتساع والعمق.
واعتبر الكاتب أن هذا الوضع في دول الجوار لا يصبّ في نهاية المطاف في مصلحة إسرائيل؛ التي هي “في القلب” من تحوّلات دراماتيكية ومفاجئة.
ورأى بار أنه يجب على دولة إسرائيل ألا تعتبر العام الجديد المقبل بمثابة عودة إلى وضْع سابق، وهو ما لن يحدث، وإنما يجب عليها اعتبار هذا العام الجديد عاماً لتعزيز أمن حدودها ومواطنيها وأمنها الغذائي.
يقول بار: “لم يعد هناك مَن نعتمد عليه. لا يوجد غيرنا. وهناك حاجة إلى البدء في خفض اعتمادنا على الغير” بعد الاختفاء المفاجئ لحلفاء إقليميين.
وإلى جانب البحث عن حلول في الداخل، “نحن أيضا بحاجة إلى حماية حدودنا عبر اتفاقات تطبيع وتعاون. ولن نسعى إلى تغيير اتفاقات قائمة وإنما سنفعل كل ما هو ضروري لتعزيز تلك الاتفاقات لأن ذلك يخدم مصلحتنا”.
الحذف من قائمة الجماعات الإرهابية “يجب أن يُكتسَب لا أن يُمنَح”
ونختتم جولتنا من صحيفة لوس أنجلوس تايمز، التي نشرت مقالا للرأي بعنوان “لا ينبغي للولايات المتحدة الوثوق بعد في النظام السوري الجديد”، للكاتب ماثيو ليفيت، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
ورأى ليفيت أن الحكومة الجديدة التي تقودها المعارضة في دمشق “ذات تاريخ سيء”، وفي ضوء ذلك، يجب على المسؤولين الأمريكيين أن يتوخّوا الحذر ويقيّموا الوضع بعناية فيما يتعلق بكيفية التعامل مع هذا النظام الجديد، بدءًا بسلسلة من المصالح الأمريكية ذات الأولوية.
ولفت الكاتب إلى أن التحالف الذي يحكم الآن في سوريا هو بقيادة هيئة تحرير الشام، المصنّفة حتى الآن جماعة إرهابية والمنبثقة عن تنظيم القاعدة.
ونوّه إلى أنه على الرغم من أن هيئة تحرير الشام قد حاربت ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في سوريا، لكنها لا تزال مصنّفة كتنظيم إرهابي من قِبل الخارجية الأمريكية.
وأشار ليفيت، إلى تقرير صادر عن الخارجية الأمريكية، يفيد بأن هيئة تحرير الشام تقود الآن مسلحين “يرتكبون طائفة كبيرة من الانتهاكات، تشمل القتل، والخطف، والاعتداء الجسدي، وتجنيد الأطفال”.
وفي العام الماضي، بحسب الكاتب، أدانت محاكم في الولايات المتحدة أشخاصاً بـ”تمويل الإرهاب”، بعد ثبوت تزويدهم هيئة تحرير الشام بالمال.
كما أصدر فرعان تابعان لتنظيم القاعدة، أحدهما في شمال أفريقيا والآخر في منطقة الساحل، بياناً مشتركاً يحثّ الجهاديين على إعادة بناء سوريا كـ “كيان سُنّي” تحكمه الشريعة الإسلامية. وقد أصدرت فروع للقاعدة في اليمن وجنوب آسيا بيانات داعمة للهجوم الخاطف الذي أطاح بنظام الأسد، بحسب الكاتب.
وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، أشار الكاتب إلى العديد من مقاطع الفيديو لجهاديين يصفون ما حققوه من “انتصار” في سوريا بأنه “خطوة أولى، وليست أخيرة”. وفي أحد هذه المقاطع يظهر عدد من الجهاديين قائلين إنهم دخلوا الجامع الأموي في دمشق، وإنهم من بعد ذلك سيدخلون المسجد الأقصى ثم المسجد النبوي والمسجد الحرام.
وعليه، رأى الكاتب أن الولايات المتحدة ينبغي أن تتوخّى الحذر في رفع العقوبات المفروضة على الدولة السورية، وعلى جماعة هيئة تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني.
وقال ليفيت إن مثل هذه الخطوة الخاصة برفع العقوبات ينبغي ألا تأتي إلا في إطار الاستجابة لعدد من الخطوات الواضحة، كما أن “الحذف من قائمة الجماعات الإرهابية يجب أن يُكتسَب لا أن يُمنَح” وخصوصا إذا كان الحديث عن جماعة في الحُكم فِعلياً.
لكن في غضون ذلك، يرى أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تصدر على الفور تراخيص تسمح بدخول مساعدات إنسانية كبيرة إلى سوريا.
المصدر: صحيفة الراكوبة