عجز صندوق التقاعد يلامس 10 ملايير..والعدوي توصي بالتحكم في نفقات المقاصة والموظفين
حذر المجلس الأعلى للحسابات من المخاطر المحتملة التي قد تواجهها المالية العمومية على المديين المتوسط والبعيد، مجددًا التذكير بالحاجة الملحة إلى مباشرة وتسريع إصلاح منظومة التقاعد، وذلك للحفاظ على ديمومتها.
ونبه المجلس، الذي ترأسه زينب العدوي، في تقريره السنوي 20232024، إلى الوضعية المقلقة التي يشهدها الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يسجل تراجعًا في أرصدته، مع عجز تقني بلغ 9.8 مليار درهم سنة 2023، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تُستنفد أرصدته في حدود سنة 2028، حسب معطيات وزارة الاقتصاد والمالية.
وتعتزم الحكومة تقديم مخطط شامل لإصلاح صناديق التقاعد، وعلى رأسها الصندوق المغربي للتقاعد. كما تعكف على وضع مجموعة من التدابير الإصلاحية التي تركز بالأساس على رفع سن التقاعد وزيادة نسبة المساهمات، وهي إجراءات تثير جدلًا واسعًا.
ويرى المجلس الأعلى للحسابات أن ضمان ديمومة منظومة التقاعد على المدى الطويل يقتضي الإسراع في تنزيل ورش الإصلاح الهيكلي لنظام التقاعد، لا سيما فيما يخص توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد ابتداءً من سنة 2025، ليشمل الأشخاص الذين يمارسون عملًا ولا يستفيدون من أي معاش.
وأشار المجلس إلى أن أنظمة التقاعد الأساسية، ورغم الإصلاحات المعيارية التي شملت نظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد منذ سنة 2016، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في سنة 2021، لم تمكن من تحقيق التوازنات المالية لهذه الأنظمة، ما أدى إلى اقتراب نفاد احتياطاتها في آجال متفاوتة.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بالحفاظ مؤقتًا على الطابع الاختياري في نظام التقاعد بالنسبة للأشخاص العاملين غير الأجراء، قبل تعميم إجباريته تدريجيًا. كما دعا إلى تحفيز انخراط النشيطين غير الأجراء من خلال ضمان معدل تعويض معقول للدخل يمكّن من الحصول على معاش مناسب عند بلوغ سن التقاعد، وفحص آليات تمويل أخرى غير المساهمات، مثل التحفيزات الضريبية وغيرها.
ومن جهة أخرى، سجل التقرير أن المالية العمومية تواجه تحديات اقتصادية مرتبطة بزيادة النفقات وصعوبة تعبئة الموارد، في ظل السياق الحالي. وقد وقف المجلس في هذا التقرير على مجموعة من نقاط الاهتمام الكبرى، ترتبط أساسًا بضرورة استرجاع التوازنات المالية، والتحكم في عجز الميزانية والمديونية، وترشيد الحسابات الخصوصية للخزينة، وضمان ديمومة أنظمة التقاعد، وذلك حرصًا على التتبع المستمر لأداء المالية العمومية.
وفيما يخص تقييم تدبير برمجة نفقات ميزانية الدولة بفروعها الثلاث (نفقات الميزانية العامة، ونفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، ونفقات الحسابات الخصوصية للخزينة)، ركز التقرير على مرحلة البرمجة والتخطيط الميزانياتي للنفقات العمومية.
ومع تطور الاستثمار، أصبح من الضروري مواكبته من خلال إرساء وسائل موحدة ورسمية للانتقاء والتتبع والتقييم القبلي والبعدي للمشاريع. كما أن منهجية الأداء بحاجة إلى تكريس فعلي، حيث تطغى المؤشرات المرتبطة بالوسائل بنسبة 50% على سائر المؤشرات الأخرى.
وفي هذا الإطار، أوصى المجلس بالعمل على التحكم في النفقات الإجبارية، ولا سيما نفقات الموظفين ودين الخزينة ونفقات المقاصة. كما دعا إلى تحسين دقة التوقعات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات من أجل الرفع من جودتها، وكذا الحرص على تأطير القواعد المتعلقة باللجوء إلى فتح الاعتمادات الإضافية أو تجميد تنفيذ بعض الاستثمارات، وذلك من خلال التحديد الدقيق لشروط اللجوء إليها.
كما أوصى المجلس بإرساء توثيق ملائم لأعمال مختلف الفاعلين في البرمجة الميزانياتية، والعمل على توضيح مسؤوليات كل طرف من خلال بلورة ميثاق التدبير الذي نص عليه منشور رئيس الحكومة المتعلق بدور ومهام مسؤول البرنامج. وأوصى كذلك بمواصلة ترسيخ منهجية نجاعة الأداء، لا سيما مراقبة التدبير، وتوفير بيانات ذات جودة مناسبة، وربط نظم المعلومات المؤمَّنة فيما بينها.
ودعا المجلس الأعلى للحسابات إلى تحسين جودة البرمجة الميزانياتية للاستثمارات من خلال ضبط أكبر لترحيل الاعتمادات، والحرص على تضمين التوقعات الخاصة بالاستثمار للنفقات المتكررة المرتبطة بالمشاريع الاستثمارية المنجزة.
المصدر: العمق المغربي