كيف ينعكس ما حدث في سوريا على القضية الفلسطينية
أمد/ التوازنات الإقليمية والسياسية الجديدة في المنطقة والتي أفرزها تغير المشهد السوري وسقوط انظام بشار الأسد له من التأثيرات ما يستدعي الوقوف عندها وقراءة أبعادها ومتغيراتها ، واذا كان النظام السوري قد إختار قبل سقوطه بسنة ونيف البقاء على مسافة بعيدة من طوفان الأقصى إلا أن طبيعة تحالفاته مع إيران وحزب الله كانت تستدعي أن تكون سوريا جسر عبور وإسناد للجبهات مع إسرائيل، ورغم أن النظام السوري قد إتخد موقفا واضحا من حماس و من طوفان الأقصى إلا أنه أراد توظيف خدماته لإيران في الترويج لموقف سوريا الداعم للقضية الفلسطينية ربما لكسب التعاطف العربي وتحسين صورة النظام في بعد كل الأحداث التي عرفتها سوريا منذ 2011، وبما أن سقوط النظام السوري قد أفرز معادلة جديدة أنهت النفوذ الإيراني في سوريا فإن تأثير ذلك لا بد أن يكون له إنعكاساته على محور إيران التي تعد فاعلا في المشهد الفلسطيني .
لا بد أن تكون السلطة الفلسطينية قد وضعت في إعتباراتها حاجة السلطة الجديدة في سوريا الى تعزيز مكانتها الإقليمية من خلال القضية الفلسطينية وحاجة النظام الجديد الى تأكيد العلاقة التي تجمع السوريين بفلسطين، بالقابل تبحث هذه السلطة عن تطوير علاقتها بالنظام الجديد حتى تقطع الطريق أمام الحركات الأخرى الطامحة في زيادة نفوذها السياسي في المخيمات الفلسطينية المتواجدة في سوريا .
بالنسبة للسلطة تمة عاملين أساسين يحددان مستوى العلاقة الجديدة مع سوريا : العامل الأول هو موقف النظام الجديد في سوريا من المشهد السياسي الفلسطيني بمختلف أطيافه وهنا تحتاج السلطة إلى مواقف واضحة ومحددة من النظام الجديد فيما يخص شرعية التمثيل الفلسطيني و مستقبل قطاع غزة وعلاقة النظام الجديد بالفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس .
العامل الثاني مرتبط بالمواقف الإقليمية والعربية من التغيير في سوريا، فالسلطة الفلسطينية تدرك بأنها لابد أن تسير على نحو متوافق مع وجهات نظر الدول الفاعلة في المنطقة وإلى أن تتضح الرؤية والخطوط العريضة لليوم التالي لما بعد سقوط الأسد لذلك لن سيبقي الخطاب الرسمي الفلسطيني على أسلوب الديبلوماسية الحذرة مع المتغير الجديد في سوريا .
أما الفصائل الفلسطينية المعروف قربها من النظام السوري كالجبهة الشعبية فقد تواجه صعوبات في التأقلم مع المشهد الجديد، بالنظر الى طبيعة علاقتها مع النظام القديم الذي وفر لها الدعم منذ أيام الرئيس حافظ الأسد وهو ما قد لا يحمس النظام الجديد في التعاطي مع هذا الفصيل الفلسطيني
حركة حماس تقرأ التغيير في المشهد السوري بدقة شديدة وتحاول الخروج برؤية تجمع ما بين جناحيها العسكري والسياسي، بالنسبة للجناح العسكري هذا التحول الجديد في المشهد السوري يؤثر بشكل مباشر على المصالح الإيرانية في سوريا وينعكس بشكل غير مباشر على مصالح الحركة، أما بالنسبة للحناج السياسي فإن الحاجة لترميم العلاقة مع سوريا تمليها الحاجة لإعادة موطأ قدمها فيها بعد سنوات طوال من الإنسحاب منها قد تدفع الى خيار اليد الممدودة التي تبحث عن تقوية أصر التقارب مع القوى الجديدة في سوريا في انتظار الرد من الطرف السوري .
قد تفتح مرحلة ما بعد الأسد الباب أمام إعادة ترتيب أوضاع المخيمات وتحسين أوضاع اللاجئين إذا اذا تمكنت الحكومة الجديدة من ضمان الإستقرار الأمني في البلاد بشكل عام، وبطبيعة الحال فإن تخلص سوريا من سلسلة العقوبات الإقتصادية التي كانت مفروضة على النظام السوري منذ 2011 بسبب الأحداث الدموية التي رافقتها قد يساهم في رفع مستوى الأداء الإقتصادي للبلاد وبنعكس هذا بشكل عام على السوريين والفلسطيين على حد سواء .
سقوط نظام الأسد قد يحمل لإسرائيل رسائل متناقضة: فمن جهة، قد تتنفس تل أبيب الصعداء إذا ضعُفت علاقة إيران وحزب الله بسوريا، ومن جهة أخرى، قد تُقلقها احتمالية ظهور نظام جديد أكثر عداءً لإسرائيل، خاصة إذا كان مدعومًا من تيارات إسلامية أو قومية واذا كان سيعزز من حظور الفصائل الفلسطينية المسلحة على الأراضي السوري .
التحديات الداخلية التي تفرضها المرحلة الجديدة على هيئة تحرير الشام وهي تباشر المرحلة الإنتقالية في سوريا قد تجعلها تنكفأ على نفسها في محاولة للنأي بالنفس عما من شأنه أن يشوش عليها وتجنبا لإساءة مواقفها من ملفات حساسة من الطبيعي أن تتجنب إتخاذ مواقف تصعيدية أو تبني سياسات لاتتوافق مع توجهات اللاعبين الإقليميين الذين قد يكون لديهم مصالح مختلفة تجاه فلسطين.