اخبار السودان

دعوات القصاص تتعالى بين أسر ضحايا سجون الأسد في سوريا

دعوات القصاص تتعالى بين أسر ضحايا سجون الأسد في سوريا

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، باسم فايز موات، سجين سابق، ينظر إلى السجن الشهير تحت الأرض “الفرع 215” الذي كان يديره المخابرات العسكرية السورية في دمشق

في مستشفى المجتهد وسط دمشق، اصطف الكثير من الأسر لمطالعة صور مفقودين وقتلى علقت على جدران المستشفى. يأمل الاهالي في معرفة شيء عن ذويهم الذين اختفى أثرهم منذ سنوات عديدة. تحمل كل أسرة صورة لأحد المفقودين وتحاول أن تطابقها بالصور المعلقة على الجدران، علها تعرف إذا كان الشخص المفقود بين الأحياء أم الأموات.

لايزال إرث الرئيس السوري السابق بشار الاسد يلقي بظلاله الثقيلة على حياة السوريين حتى بعد رحيله عن السلطة.

تطالب أعداد لا تحصى من العائلات السورية بمحاسبة المسؤولين المتورطين في عمليات قتل وتعذيب أبنائهم في سجون الأسد.

مفقودون خلف القضبان

على أبواب المستشفى التقينا فاطمة الحصان. اعتقل زوجها أسامة في عام 2012 ومنذ ذلك الحين اختفى أثره. تقول إنه لم يكن له أي شأن بالعمل السياسي، فقد كان نجارا منكبا على عمله ورعاية زوجته وأبنائه الأربعة. وتضيف والدموع تنهمر من عينيها “كان هناك مستشفى ميداني لمعالجة جرحى المعارضة أسفل منا ولم نكن نعلم بأمره. اعتقلوه لأنه لم يبلغ الأمن عن وجود المستشفى، هذا هو كل ذنبه”

جاءت فاطمة إلى المستشفى بصحبة ابنها براء، كان في الثالثة من عمره حين اعتقل والده. ينفجر الصبي ابن الخامسة عشر باكيا وهو يقول “لا أتذكره فقد كنت صغيرا للغاية حين أخذوه”

لم تتوقف فاطمة عن البحث “أريد أن أعرف مصيره، حتى لو كان شهيدا، فقط أريد لقلبي أن يطمئن”

سرعان ما تلتف حولنا الأسر المكلومة لتخبرنا أنه ما من بيت في هذا البلد إلا وبه شخص مفقود.

الطائفية حاضرة

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

يستحق الانتباه نهاية

كان من دواعي دهشتي أن أجد من بين الأسر المتجمعة أمام المستشفى آباء لعسكريين من الجيش السوري النظامي لاتزال أسماؤهم بين المفقودين.

اختفى عمر الناصر الشاب العشريني الذي كان جنديا في الجيش السوري إبان حكم الرئيس السابق بشار الاسد، بعد أن قبض عليه داخل وحدته العسكرية عام 2012.

لا يعرف والده منصور لماذا اعتقل، ويضيف “لم يخرج عن النظام مطلقا، ربما انزعجوا من شئ كتبه أو قال وربما لم يعجبهم اسمه” وذلك في إشارة إلى أن عمر ينحدر من أسرة سنية، في حين تنتمي الأسرة الحاكمة والعديد من أفراد الجيش للطائفة العلوية.

يطالب منصور “بمحاكمة هؤلاء المجرمين، لا يمكن أن نتركهم ينعمون بحياة هانئة، فقد صرنا في دولة جديدة الآن”.

ويشارك منصور في هذا المطلب كل من تحدثنا إليهم من ضحايا السجون السورية.

وتعهد أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني القائد العام للإدارة السورية الجديدة بملاحقة المتورطين في أعمال العنف وحل الجهاز الأمني التابع للرئيس السابق بشار الأسد وإغلاق السجون التي كانت مقرا للتعذيب والانتهاكات. وطالبت الحكومة الانتقالية برئاسة محمد البشير المواطنين بتقديم معلومات تساعد في الوصول للمتورطين في القتل والتعذيب.

مشارح تعج بالجثث

جثث كثير من سجناء كانوا في سجن صيدنايا، نقلت إلى مشرحة بوسط دمشق، وتكرر نفس المشهد لأهالي توافدوا بحثا عن مصير ذويهم.

وسط هذا المكان الذي تفوح منه رائحة الموت، تجول الأهالي وسط جثث وضعت داخل حقائب بلاستيكية في انتظار من يتعرف عليها حتى توارى الثرى.

يقول الطبيب الشرعي أصلان إبراهيم إن العامل المشترك بين كل الجثث هو الملامح الواضحة لسوء التغذية. ويوضح “جاءت الجثث عبارة عن جلد وعظم”

كما حملت بعض الجثث علامات تعذيب واضحة مثل كسر الأذرع والأرجل والكدمات.

 الطبيب الشرعي أصلان إبراهيم

التعليق على الصورة، الطبيب الشرعي أصلان إبراهيم

“نريد محاكمة السجان”

اخت الناشط مازن الحمادة

التعليق على الصورة، اخت الناشط مازن الحمادة

من مستشفى المجتهد خرج جثمان مازن الحمادة ليشيع إلى مثواه الأخير. في جنازة الناشط السوري المعارض اختلطت مشاعر الحزن بالغضب، وتعالت الهتافات المطالبة بالقصاص.

تقول أسرة مازن إنه قتل تحت وطأة التعذيب بسجن صيدنايا بالعاصمة السورية والمعروف بالمسلخ البشري.

وتقول أخته لمياء “كل السجانين والضباط يجب أن يمثلوا أمام المحاكم. فقد أقاموا مدينة سجناء تحت الأرض”.

وتعالت هتافات الحاضرين “لا مذلة ولا هوان، بدنا نحاسب السجان”. كما رددوا

“والله لنأخذ بالتار الثأر من ماهر ومن بشار” في إشارة للرئيس المخلوع وشقيقه ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة العسكرية، والمعروفة بين السوريين بشدة بطشها.

كما شهدت الجنازة هتافات تطالب بمثول بشار الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فسقوط النظام ليس كافيا بنظر العديد من أهالي الضحايا، فهم متمسكون بالمحاسبة.

 جثمان مازن الحمادة

التعليق على الصورة، جثمان مازن الحمادة

النظام متهم

اعتقل مازن عدة مرات منذ اندلاع المظاهرات المناهضة للأسد عام 2011، قبل أن يطلق سراحه ليغادر البلاد ويحصل على حق اللجوء في هولندا. وبعد خروجه بدأ يتحدث عما تعرض له من تعذيب وكذلك عن الانتهاكات التي يرتكبها مسؤولون سوريون بحق السجناء السياسيين. فالعديد من أفراد أسرة مازن كانوا

معتقلين أيضا. لكنه قرر بشكل مفاجئ العودة إلى سوريا عام 2020، ليختفي أثره حتى عثر على جثته منذ أيام في سجن صيدنايا سئ السمعة.

تشرح لي أخته إيمان لماذا عاد “أخبره بعض أبناء النظام أنهم سيعملون على إطلاق باقي أفراد أسرتنا من السجن إذا عاد إلى البلد، وتحدثوا عن بدء صفحة جديدة وعملية مصالحة، لكنه ما أن وصل إلى سوريا حتى اختفى.”

وفي اليوم الذي سقط فيه بشار الأسد، فر المسؤولون عن سجن صيدنايا إلى أماكن مجهولة، قبل أن يصل أهالي المسجونين ليخرجوا ذوييهم.

لا تعلم أسرة مازن الشخص المسؤول عما حدث لابنهم، لكنها تشير بأصابع الاتهام لكل المسؤولين في سجن صيدنايا.

وتقول لمياء” لا أعرف أين هم الآن، لقد هرب السجانين والمخبرين، والضحايا هم من دفعوا الثمن”.

ويظل تحقيق العدالة مهمة صعبة في ظل عدم وجود حصر لأعداد الضحايا وصعوبة تحديد هوية كل الجناة.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *