اسرائيل تتوغّل في اراضي سوريا والعرب يتوغّلون بالصمت
أمد/ يبدو ان العرب، فُرادا وجماعات، وخاصةعبر جامعة الدول العربية، قد ادمنوا الصمت، واشاحة الوجه عن وعلى الاعتداءات الاسرائيلية، المُضطردة المُتكررة المستمرة المتعددة المتشعّبة السرمدية!!، من غزة إلى لبنان حتى اليمن وإلى العراق حتى سوريا،
اسرائيل تضرب في كافة الاتجاهات والاماكن والبلدان العربية، وبعض البلدان الاسلامية،، وتجد اهدافا عربية جاهزة لتلقي صواريخها وقنابلها الثقيلة والخفيفة،ولا يُسمع إلا صوت الانفجارات والفرقعات وصرخات وصياح الضحايا والثكلى والمنكوبين والمُشسردين،
أما اصوات العرب، الدول العربية، حكام العرب، ملوك ورؤساء وامراء العرب، فهي خافتة صامتة سابتة وكأنها مدفونة في عمق بئر أو عمق بحورهم ومحيطاتهم، يلوذون بالصمت، صمت القبور، صمت مريب عقيم عميق كصمت أهل الكهف، وهم يعيشون في بروج مشيدة، في القصور والفيلات الفسيحة الرحبة، في اوطانهم وفي البلاد والامصار البعيدة القريبة عليهم، على سواحل ماربيا في اسبانيا يستجمّون ويستمتعون بالبحر والماء العذب والوجه والقدّ الحسن،
لا يُكلفون انفسهم عناء التعبير عن انزعاجهم، عدم رضاهم، استيائهم، استنكارهم، استهجانهم، رفضهم، لهذه البلطجة والعربدة الاسرائيلية المنفلة من عقال القوانين الدولية والانسانية،
حتى ان العرب وبما يشمل الدول الاسلامية ايضا متأخرون عن دول اخرى، قريبة وبعيدة، في ردات الفعل تجاه بطش اسرائيل وارتكابها التطهير العرقي والابادة الجماعية، واحتلالها دولا وشعوبا ومقدّرات عربية!!!،
فنجد، ويا للعجب، ان البرازيليين والكولومبيين والتشيليين والجنوب افريقيين احنّ على الشعب الفلسطيني مثلا من ابناء جلدتهم العرب، الذين يملؤون وطنا شاسعا مترامي الاطراف، من المحيط إلى الخليج، لكن لا يستطيعون ان يملؤا زجاجة بماء الشرب وادخالها إلى الظمأنين العطشى الجوعى المحاصرين في شمال قطاع غزة وجنوبه!!،
والآن اتى الدور على سوريا، فحجر الرحى الاسرائيلية الثقيلة المسمومة تهرس وتقضم الاراضي السورية قطعة قطعة، لُقمة لُقمة، بلعة بلعة، ابتداء بجبل الشيح وحوارييه وجواره وما تبقّى من هضبة الجولان المحتلة، واستمرارا وسيرا باحتلال قرى واراضي سورية على تخوم دمشق العاصمة وعلى بعد 25 كيلومترا من الجامع الاموي في قلب دمشق تُرابط وتتمترس وتتحنجل دبابات الميركافا الصهيونية الممهورة بنجمة داوود السداسية وتتأهب للإنقضاض على دمشق،
خلال ذلك وفي القرى السورية المحتلة حديثا “يتسكّع” جنود الاحتلال بهدوء وامان ويوقدون النار في الشوارع للتدفئة، ويشربون القهوة ويدخّنون السجائر، مبتهجين بهذه الغنيمة التي لم يكونوا يحلمون بها حتى في احلامهم الوردية،
سوريا في محنة، نعم في محنة ومحنة كبيرة، ربما هي امتداد لمحنتها منذ عشرات السنين،
ولكن ولكن يا سادة يا كرام يا افاضل يا اجاويد أين العرب؟؟؟!!!،
هل اكل القط أو الفأر السنتهم، حتى انهم لا يتفوّهون بكلمة وكأن ما يجري في سوريا يجري في بنما عندما غزت الولايات المتحدة هذه البلاد واعتقلت رئيسها مانويل نورييغا، من على كرسي الرئاسة بحجة انه تاجر مخدرات، ويقضي، منذ ذلك الحين، حكما مؤبّدا في سجن امريكي، ربما في سجن غوانتانمو سيء السمعة والصيت،
اذا كان الدور على سوريا الآن بعد فلسطين ولبنان فإن الدور “ماشي”، سائر بلا انقطاع ولا توقّف، “والحبل على الجرّار”، وسيصل الدور إلى العراق واليمن والسعودية والخليج وايران، وحتى جمهوريات جنوب الاتحاد السوفييتي السابق الاسلامية واقصى اقاصي المغرب العربي،
اسرائيل بدعم غير مسبوق ولا محدود من امريكا، والطاووس الاشقر، ترامب، قادم قادم، بالتهديد والوعيد وحرق الشرق الاوسط، لن تتوقّف عند حدود، بل ستهرس جحافلها كل ما تجده في طريقها في سبيل تحقيق اسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات،
فلا يحسبنّ احد من العرب والمسلمين بانه بعيد وآمن ومحصّن، فامريكا قد كشّرت عن انيابها واسرائيل شحذت مخالبها، والعرب ما زالوا يتدثرون ببدلات السموكن السوداء وربطات العنق الحمراء والدشاديش أو الدشداشات البيضاء ومن شتى الالوان، وينامون في العسل ويحلمون بان امريكا صديقتهم وحاميتهم من “جيرانهم”!!،
وان اسرائيل ستعاملهم بالصبطبة والزغزغة والدغدغة والفرفشة والتربيت على اكتافهم، وتُغني لهم أغنية نانسي عجرم: “شاطر شاطر!!!”.