خطوة تعيد رد الاعتبار وتصحح أخطاء الماضي
في خطوة تعكس استجابة قوية لمطالب شريحة واسعة من المتقاعدين، وفي إطار سعيها لتحسين مستوى معيشة هذه الفئة التي تعاني من ضغوط اقتصادية متزايدة، أعلنت الحكومة عن قرار هام بإعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل بشكل تدريجي.
البداية ستكون بتخفيض بنسبة 50% اعتبارًا من يناير 2025، على أن يتم الإعفاء الكلي بحلول يناير 2026، هذا القرار جاء بعد موافقة لجنة المالية والتخطيط بمجلس المستشارين على التعديلات المرتبطة بهذا الإجراء في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، بناءً على مقترحات تقدمت بها فرق الأغلبية، الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والنقابات.
القرار الحكومي يطرح تساؤلات حول مدى كفاية هذه الخطوة لتحسين وضعهم المالي؟ وما مدى تأثير هذا القرار على القدرة الشرائية لهذه الفئة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة؟ وهل سيكون له تأثير ملموس على جودة حياتهم الصحية والاجتماعية؟
في تصريح له، عبر ياسين أعليا، المحلل الاقتصادي، عن تأييده للقرار الحكومي الأخير بإلغاء الضريبة على دخل المتقاعدين، معتبرا أن هذا القرار يمثل خطوة إيجابية بالنسبة لهذه الفئة، التي تعاني من تحديات كبيرة على مستوى مستوى المعيشة.
وأشار أعليا إلى أن المتقاعدين يواجهون صعوبة كبيرة في تأمين احتياجاتهم اليومية، رغم تقاعدهم، بسبب استقرار مستوى معاشاتهم في وقت ترتفع فيه كلفة الحياة بشكل مستمر، مسجلا أن التقاعد في سن متأخرة يعني ارتفاع تكاليف العناية الصحية، خاصة مع ضعف نظام التعويضات المرتبط بالعلاج، الذي يعاني من اختلالات بنيوية تؤثر على قدرة المتقاعدين على تغطية هذه التكاليف.
وأكمل المتحدث قائلاً إن المداخيل التقاعدية تعتبر تعويضات عن سنوات من العمل، وبالتالي، كان من المفترض ألا تخضع للضريبة منذ البداية، موضحا أن فرض ضريبة على هذه المساعدات الاجتماعية يتناقض مع المنطق الاقتصادي، ويضر بفئة مهمة من المجتمع، وبالتالي فإن إلغاء الضريبة يمثل تصحيحًا للوضع الخاطئ، ويعكس التزام الحكومة بتحسين الظروف المالية لهذه الفئة.
من جهة أخرى، تطرق أعليا إلى الإصلاحات التي همت أنظمة التقاعد في القطاع العام، مشيرًا إلى أنها أسفرت عن خفض نسبة الأجر المحتسب للتقاعد من 2.5% إلى 2%، إضافة إلى تقليص عدد سنوات الأجر المحتسب إلى آخر 8 سنوات فقط، وفيما يخص القطاع الخاص، أشار أعليا إلى المشكلة البنيوية المتمثلة في أن أقصى أجر يحصل عليه الأجير أو المتقاعد من أنظمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يتجاوز 4200 درهم، ما لم يكن قد انخرط في تعويض تكميلي.
وأكد أعليا أن هذه التحديات تتفاقم مع زيادة أعداد المتقاعدين في المجتمع، مما يؤدي إلى ضعف قدرتهم الشرائية، مشددا أن قرار إلغاء الضريبة هو خطوة إصلاحية هامة تسهم في تحسين الوضع المادي للمتقاعدين، وتعيد الاعتبار لهذه الفئة التي تواجه صعوبات كبيرة.
وفي ختام تصريحه، شدد ياسين أعليا على ضرورة تنفيذ مزيد من الإصلاحات في منظومة التقاعد، من أجل ضمان الاستقرار المادي لهذه الفئة في سنواتهم المتقدمة.
جدير بالذكر أن طلب الإعفاء الكلي من الضريبة على معاشات المتقاعدين كان من أبرز النقاط التي دافعت عنها مختلف مكونات مجلس المستشارين، وقد لاقى تفاعل الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، مع هذا المطلب ترحيبا وتصفيقا من أعضاء لجنة المالية، في خطوة اعتبرت إيجابية ومواكبة لتطلعات المتقاعدين.
المصدر: العمق المغربي