قلص تدفق السياح.. النقل الجوي يفاقم أزمة مؤسسات فندقية بـ “هوليود إفريقيا”
سجلت مدينة ورزازات، تراجعًا ملحوظًا في النشاط السياحي خلال العام الجاري، وسط تحديات هيكلية وأزمات في قطاع النقل الجوي، وحسب بيانات المرصد المغربي للسياحة، فقد انخفض عدد الوافدين السياحيين بنسبة 20% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما تراجعت الليالي السياحية بنسبة 11% خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية.
هذا التراجع أثار قلق العديد من المهتمين بالمجال السياحي، خاصة وأن ورزازات المدينة الملقبة “بهوليود أفريقيا”، تعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المغرب، بفضل غناها الثقافي وموقعها كمركز لصناعة السينما، حيث شهدت تصوير العديد من الإنتاجات السينمائية العالمية.
في هذا السياق يرى، الزوبير بوحوت، الخبير في القطاع السياحي، أن أسباب هذا التراجع تعود لعدة عوامل رئيسية، أهمها المشاكل الهيكلية التي تعاني منها المدينة، بما في ذلك سوء التدبير المحلي وقلة الاهتمام من المسؤولين بتطوير البنية التحتية السياحية.
وحسب المتحدث ذاته، فإن ضعف النقل الجوي ساهم في تقليص تدفق السياح، وبخلاف التقدم الذي أحرزته بعض المدن المغربية في تحسين الربط الجوي، تظل ورززات تواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، وهو ما يزيد من تعقيد إمكانية الوصول إليها، خاصةً عبر ممر تيشكا.
أزمة مالية خانقة
وأضاف الخبير السياحي، أن القطاع الفندقي بورززات يواجه أزمة مالية خانقة، إذ تراكمت الديون على العديد من الوحدات الفندقية، مما أدى إلى إغلاق البعض منها، وهو ما زاد من تفاقم هشاشة الوضع السياحي، مع تراجع في الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات، وهو ما ينعكس سلبًا على صورة المدينة كوجهة سياحية دولية.
وبخلاف التراجع الذي تشهده ورزازات، أكد بوحوث، أن القطاع السياحي على المستوى الوطني يسجل تحسنًا ملحوظًا ، وفق المرصد المغربي للسياحة، حيث شهدت العديد من المدن المغربية زيادة كبيرة في أعداد الوافدين والسياح الدوليين، موضحا أن مراكش سجلت زيادة بنسبة 71% في أعداد السياح خلال سبتمبر 2024 مقارنة بنفس الشهر في 2023، فيما شهدت أكادير نموًا بنسبة 46%، وهو ما يعكس الطلب القوي على الوجهات السياحية في هذه المدن.
وحسب المصدر ذاته، فإن أسباب هذه الزيادة تعود إلى عدد من العوامل، أبرزها تعزيز الربط الجوي والبحري مع الأسواق الأوروبية والعالمية، وذلك من خلال إطلاق خطوط جوية جديدة.
وأورد الخبير ذاته، أن الحملات الترويجية التي أطلقها المكتب الوطني المغربي للسياحة (ONMT) مثل حملة “المغرب، أرض النور” ساهمت، في تعزيز الحضور الدولي للمملكة، مضيفا أن كان النجاحات التي حققها المنتخب الوطني في كأس العالم 2022 ودور المغرب في إكسبو دبي 20212022 كان له دور بارز في تعزيز صورة المملكة كوجهة سياحية عالمية.
هذا، وسجلت المناطق التي تأثرت بالزلزال، مثل منطقة الحوز، انتعاشًا جزئيًا، مع زيادة بلغت 16% في عدد الوافدين، ورغم هذا التحسن، تظل المنطقة بعيدة عن مستوياتها السياحية السابقة بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية.
تطوير جاذبية السياحة
وبالعودة إلى التراجع الذي شهدته مدينة ورزازات، أكد بحوث، أنه على الرغم من وجود برامج حكومية لتطوير القطاع السياحي، إلا أن العديد من المبادرات لا تكتسي الطابع الجدي والفعالية الكافية لتحقيق نمو واضح و مستدام، كما أن الوضع لا يزال يتطلب إصلاحات شاملة وإرادة محلية قوية لتحقيق نهضة سياحية حقيقية.
وفي حديثه عن الإجراءات الواجب القيام بها لتطوير جاذبية المنطقة، شدد الخبير السياحي على أن ورزازات تحتاج إلى استراتيجيات محلية واضحة تعتمد على تطوير وسائل النقل، خصوصًا عبر تحسين الربط الجوي وتخفيف صعوبات المواصلات البرية.
وتابع: الأمر يتطلب تدابير عاجلة لتحسين البنية التحتية الفندقية وتعزيز العروض السياحية المتنوعة، مؤكدا أنه في حال لم تتم معالجة هذه القضايا بشكل سريع، فإن التراجع السياحي في ورزازات قد يستمر، مما يؤثر سلبًا على اقتصاد المدينة الذي يعتمد بشكل كبير على هذا القطاع.
هذا، وكشفت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، قبل أسابيع، أن القطاع السياحي المغربي يواصل أداءه الاستثنائي باستقبال 13.1 مليون سائح خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2024.
وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها، أن هذا الأداء الملحوظ يمثل زيادة بحوالي 2 مليون سائح مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، مبرزة الدينامية المتزايدة لوجهة المغرب على مستوى السياحة الدولية.
وأضافت أن شهر شتنبر الماضي كان استثنائيا، حيث استقبل المغرب 1.3 مليون سائح، بزيادة بنسية 33 في المائة مقارنة بنفس الشهر من السنة الماضية، مشيرة إلى ارتفاع عدد السياح الأجانب بنسبة 40 في المائة.
المصدر: العمق المغربي