احتمالات رعاية واشنطن لـ”صفقة” لإنهاء حرب السودان بعد عودة ترامب
أشار نورمان رول، المدير السابق لمكتب المخابرات الوطنية الأمريكية لشؤون إيران، في حلقة التدخل الإيراني في السودان ضمن برنامج “بين نيلين” على قناة الحرة، إلى أن أهداف إيران في السودان تحمل طابعًا توسعيًا بالأساس، حيث تسعى إلى تعزيز نفوذها وتأمين حلفاء في منطقة البحر الأحمر. هذا النفوذ يطرح تساؤلات حول أمن المنطقة بأكملها، خاصة في ظل سعي الحكومة السودانية للحصول على دعم عسكري وسياسي تجده في كل من إيران وروسيا.
ويقول أيضًا: “إيران لديها سجل حافل باستغلال الأوضاع الأمنية غير المستقرة، كما حدث في اليمن والعراق، وهي الآن تسعى لاستثمار الأحداث في السودان لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.”
هذا الوضع يزيد من فرص استمرار الحرب التي تدخل الآن عامها الثاني، وأسفرت عن مقتل أكثر من 61 ألف شخص في ولاية الخرطوم وحدها خلال 14 شهرًا، وسط تقديرات تشير إلى أن العدد الفعلي للضحايا يتجاوز بكثير الأرقام المعلنة، إضافة إلى وفاة 26 ألف شخص متأثرين بجروح خطيرة.
كما تفيد التقارير الأممية بأن حوالي 25.6 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، يواجهون الجوع الحاد، بما في ذلك أكثر من 755 ألف شخص على حافة المجاعة.
بالإضافة إلى ذلك، يبلغ عدد النازحين داخل السودان حاليًا نحو 10.7 مليون شخص، يمثلون 2.1 مليون أسرة، مما يفاقم حجم الكارثة الإنسانية ويؤكد ضرورة التحرك لإنهاء معاناة البلد الأفريقي.
وفيما إذا كان السودان سيعود مجددًا كـ”صفقة سهلة” في ملف التطبيع، يقول أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي وأستاذ أبحاث في مدرسة فليتشر بجامعة تافتس، لبرنامج “بين نيلين” على قناة الحرة: “قد يكون هناك، كما يُقال، صفقة عرضية كنتيجة لشيء آخر يتعلق بالسودان، ولكن لا ينبغي لنا أن نعتمد على ذلك.”
ووفقًا للمحلل أليكس دي وال، فإن “عقيدة ترامب السابقة في السودان اعتمدت على محورين: الأول، تهميش الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والثاني، الاعتماد على حلفاء إقليميين مثل إسرائيل، ومصر، والسعودية، والإمارات. هذه الدول كانت لها اليد العليا في التعامل مع الملف السوداني بما يخدم مصالحها.”
لكن التحديات أمام الولايات المتحدة تبقى معقدة. المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بريللو، أشار في تصريحاته إلى أن الجهود الإقليمية تسعى لتحويل اللاعبين السلبيين إلى إيجابيين.
على سبيل المثال، تحدث عن “دور الإمارات في محاولة إعادة التوازن في المشهد، وتحويلها إلى لاعب إيجابي في النزاع.
أما المملكة العربية السعودية، فاعتبرها وسيطًا مهمًا، لكنه لم يؤكد وجود ضمانات من هذه الدول لدعم خطط السلام الأمريكية. وبسبب التحديات الإنسانية الكبيرة، كان دعم الملف الإنساني أولوية.
من جهة أخرى، يشير دي وال إلى أن الولايات المتحدة ركزت على المساعدات الإنسانية دون معالجة جوهر الأزمة.
يقول: “الإغاثة الإنسانية مهمة، لكنها تظل ثانوية. القضية الأساسية هي التوجه إلى صناع القرار الحقيقيين في العواصم الشرق أوسطية، حيث تُتخذ القرارات المؤثرة بالفعل، والضغط عليهم. فالحل، في نظره، خارج السودان وليس داخله.”
وعند الحديث عن احتمالية التعامل مع ملف السودان كملف منفصل أم أنه سيظل خاضعًا لحسابات جيوسياسية أوسع، يقول مايكل والش، زميل برنامج أفريقيا بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، في برنامج “بين نيلين” على قناة الحرة: “علينا النظر للوضع الحالي بشكل جمعي وليس بشكل فردي.” ولذلك، فهو يعتقد أن إدارة ترامب قد تتبنى منهجًا يركز على النتائج، مما قد يجعل إدارته تسعى لتقديم حلول سريعة للنزاعات القائمة في أفريقيا، بما فيها النزاع في السودان.
ومع تصاعد التوترات الإقليمية، قد يصبح السودان ورقة في لعبة أوسع.
حرب إسرائيل وحماس، التي بدأت في أكتوبر 2023، والتي كانت أحد أسباب تعطيل مسار التطبيع، تسلط الضوء على السودان كجزء من هذا المسار.
ويصبح الوقت هو التحدي الأساسي، وما إذا كان السودان سيكون ضمن ملفات العام الأول في حكم ترامب أم أنه، كعادة الإدارات الأمريكية، سيصبح أحد الملفات التي تُختم بها الأعوام الأخيرة من ولايتها.
وفي المحصلة، إذا نجحت الولايات المتحدة في إدارة ملف السودان، فقد يكون ذلك خطوة لتعزيز دورها كصانع سلام في واحدة من أكثر مناطق العالم تعقيداً.
( وكالات)
المصدر: صحيفة الراكوبة