طبت حيا وميتا سيدي الخليفة التعايشي تور شين
محمود الدقم
في الليلة الظلماء يفتقد البدر ، ويا من يعز علينا ان نفارقهم وجدنا كل شيء بعدكم عدم ، في مثل هذه الايام ينبغي وواجب علي كل محبي وعشاق بطل ابطال التاريخ السوداني الحديث عبدالله التعايشي ان يحتفلوا به وبارثه الناصع وباني السودان المعاصر في كل مناطق اهل الهامش ، لابد ان تضاء المنارات والساحات العامة والمدارس والبيوت احتفالا بذكري حضور واستشهاد البطل عبد الله بن محمد التقي بن عائش المعروف بالتعايشي بن حازم بن حماد بن راشد بن الشيخ جنيد بن أحمد بن بكر بن العباس الرفاعي المالكي الجهني.
المؤسس الحقيقي للسودان الحديث عبر جهوده وانجازاته الوطنية وهي لا تحصي ولا تعد ، بعد الفتنة المنكرة 1877م التي اصطنعها تاجر الرقيق وصاحب اسواء تاريخ اسود بدارفور وبالسودان والبلدان المجاورة له ولاحفاده عن الزبير باشا رحمة يا سادة نتحدث بدارفور ، نزحت اسرة التعايشي ووصلت للجزيرة ابا بدعوة كريمة من الامام المهدي ومن هناك كان التعايشي القلم واليد التي يبطش بها الامام المهدي اوكار الظلم والجهل والعنصرية الضحلة ، وكان خير معين للامام المهدي وخير خلف لخير سلف.
بوفاة الامام المهدي بايع الناس والقوم الامام عبدالله التعايشي الا ما يسمون انفسهم بالاشراف حيث كبرت انفسهم علي مبايعة غرابي وهم الاشراف كما يظنون ، وقالوا ان الخلافة لابد وان تذهب الي الخليفة محمد شريف او الخليفة الكرار ، واصرو في منحاهم هذا وبداو في شق الصف الوطني كما يفعل الاخونج الان تماما اليوم.
وتقول المصادر ان الناس أعادوا إلى أذهانهم إعلان المهدي ومنشوره بعد فتح الأبيض الذي أعلن فيه للجميع بأن الخليفة عبد الله هو منه. وأخذ الناس يتجاوبون مع هذا الكلام يومئون برؤوسهم موافقين بينما ظل الخليفة صامتاً حتى قام الفكي محمد الداداري أحد علماء قبيلة الفلاتة ومن المستشارين السابقين للمهدي ، وبادر برفع يد الخليفة عبد الله قائلاَ : «بايعناك يا خليفة المهدي» ثم قام أحمد شرفي ، كبير الأشراف أقارب المهدي وصهر المهدي ، فأخذ سيف المهدي وعمامته وسلمها للخليفة عبدالله مردداَ بايعناك يا خليفة المهدي ثم جاء بعده الخليفة علي ود حلو والسيد المكي وبايعاه وتبعهم بقية الحاضرين بما فيهم الخليفة شريف.
بدا معارضي تور شين ينسجون له الدسائس تحت زريعة ان التعايشي مجرد غرابي وافد من تشاد وانه من عرب الصحرء لا يمكن ان يحكمهم ، يا سبحان الله التاريخ يعيد نفسه الان واللحظة الحافر بالحافر ، في العام 1891م قرر اخونج زمانهم نقل المعارك علي العلن حيث عقدوا اجتماعا علنيا واعلنوا فيه بانهم براؤون من نظام عبدالله التعايشي وبدات كتائب الهبل الخاص تبعهم في حياكة ونسج وخياطة الفتن الداخلية فكان لابد من المواجهة بين المهديين والمتمردين.
اربعة عشرة عاما حكم فيها مهيب الركن البطل عبدالله التعايشي تور شين البلاد فامتدت البلاد الي نمولي جنوبا والبحر الاحمر شرقا وحتي حدود ما بعد دنقلا شمالا وكل دارفور وكردفان.
ووفقا للمؤرخ السوداني مكي شبيكة فإن المهدي ذكر أن هناك ستة من البشر لا يرضون بأمره وهم: «العالم والظالم والأتراك وربائبهم الذين تربوا في كنفهم وأهل الشأن وأهل البرهان الذين يريدون ادلة على مهدية المهدي»
انشاء التعايشي ثمان عمالات محافظات ادارية لادارة البلاد وشيد المدارس وقام بتدعيم نظام الكتاتيب وقام بتعين المسيحي القبطي يوسف ميخائيل مستشارا له في مجال التعليم وكان يستشيره في بعض الامور المتعلقة بالسياسات الخارجية.
في يوم 24 نوفمبر عام 1899م استشهد الخليفة عبدالله التعايشي وقاتل وثبت معه ابطال من قبيلة الجعليين والشايقية والبطاحيين ومن الشرق كان عثمان دقنة كانوا معه في ام دبيكرات.
وقف كتشنر علي جثمان عبدالله تعايشي منتصبا وادي التحية لجسده الطاهر وقال كلمته المشهورة” ما هزمناهم ولكن قتلناهم” وكتب عنهم تشرشل في كتابه حرب النهر «بالشجعان الذين قاتلوا بشرف واستشهدوا بشرف»
كتب التاريخ بان الخليفة عبدالله التعايشي واجه جيش كتشنر الانكليزي البالغ عدده 8200 جندي مدججين بالسلاح الحديث والمدافع وبمعية 17 الف متعاون مصري وسوداني كانو يعملون في الطباخة واعداد وتقديم الويسكي وتعذيب وقتل الاسري من انصار التعايشي والمشاركة في القتال. ستظل ذكراه خالدة انه البطل عبدالله التعايشي المشهور بتور شين.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة