اخبار السودان

السودان ينزلق الي هاوية القبلية

الطيب جاده

ظهرت أصوات في موقع التواصل الاجتماعي تدعوا إلى الخطاب القبلي ، وكل هذه الاصوات تفتخر بالقبيلة على حساب الوطن ، انتشار مثل هذه الأصوات أمرا خطر ، وسيكون أكبر إذا ترك هذا المد من الأصوات ينتشر أكثر فأكثر دون التحرك نحو احتوائه ، ولا سيما أنه يشهد نوعاً من التوسع بشكل يبعث على القلق الشديد.

والمؤسف أن الانزلاق إلى القبلية أصبح يأخذ منحنى خطير جدا ، كثير من الشعب يمجد الذات ومدح القبيلة مقابل ذم قبيلة أخرى على حساب الوطن الذي يعد حبه من الإيمان.

وهناك كثير من المحاولات التي نعرفها والتي لا نعرفها تؤكد أن الخطر يتهدد بالفعل الوحدة الوطنية ، ولذلك نستطيع القول إن هذا الكم الهائل من العنصريين يعد بمثابة قنابل موقوتة يجب معالجتها لأن الاهتمام بالقبيلة في جميع شرائح المجتمع السوداني بات ـ للأسف ـ الخيار الأول ، أمَا الاهتمام بالوحدة الوطنية فأخذ يتراجع ليصبح الخيار الثاني ، وهذه مشكلة كبرى في الدولة السودانية .

وواضح مما سبق أن المعضلة ليست فقط في القبائل التي تفاخر بعرقها وتصف قبائل أخرى بأساليب مهينة ، وإنما تكمن المشكلة في معدل انتشار الخطاب العنصري على حساب الخطاب الوطني الذي بدأ يتراجع في ، لذلك يجب أن نقنع الجميع بأن الانتماء للوطن الواحد هو الخيار الأمثل .

اليوم نقف على حافة الهاوية إن تركنا أنفسنا نهوي في هذه العنصرية ، فإننا سنحتاج عقوداً طويلة كي نخرج منها ، كما يقول لنا درس التاريخ المرير. إنها هاوية القبلية حيث يرقد في قاعها العفن والموت الجماعي وحيث لا أحد ينتصر. غول القبلية انفلت في السودان بشكل لم يسبق له مثيل يأكل الأخضر واليابس ، ويطارد الجميع ويدفعهم إلى تلك الهاوية ، يحشدهم جماعات ومجتمعات ويقودهم منقادين ومنومين إلى حتفهم الكلي. يجب أن ينتابنا رعب جماعي من هذا الغول ونصده بكل الجهد والعزيمة لأن المعركة معه معركة حياة أو موت. في القبلية وحروبها ليس هناك منتصر ، بل الكل يخسر والكل يُدمى بالهزيمة . أن أولوية الانتماء إلى الوطن على الانتماءات الأخرى وعلى قاعدة المواطنة والمساواة التامة. الأفراد في كل وطن من الأوطان هم مواطنون اتباع للوطن

أولاً : ثم لأية انتماءات ثانوية .

ثانياً : نحنو سودانيون أولاً ، ثم يأتي بعد ذلك أي ولاء آخر ، دون ذلك فإننا سننخرط في دوامات الصراعات القبلية ونستدعي أحقاد الماضي لتكون هي العاهة المسمومة في حياتنا السياسة والاجتماعية والثقافية ، ان نعالج هذا المرض .

سوف نغلق بوابات المستقبل في وجه الأجيال القادمة ، وندفعها للعيش في الماضي. شباب في عمر الورد لكن كل الذي يفكرون فيه هو الرحيل بعيداً في ماض سحيق ، وإعلان الحرب الأبدية التي لا تموت ضد الآخر ، حيث نتيجة الحرب وللطرفين معاً هي الموت المحقق والهزيمة المحققة .

 

عندما يتابع كل أنسان له ضمير حي تجاه هذا الوطن سوف تدمع عيناه ويتحسر قلبه ، الوطن اليوم أصبح مجرة أسم ينطق عند كثير من إبناء الشعب السوداني ، فكثير من أبناء هذا الشعب باعوا شرفهم وتخلوا عن وطنيتهم بمليء إرادتهم مقابل المال والمنصب واتفاقات لا تعود إلا على أصحابها بالفائدة بينما هي بمثابة عار وخسارة ودمار على السودان بأكمله . إن هذه الحرب الدائرة الان سبب استمرارها اصحاب المصالح الشخصية العنصريين ، ولولا أن هناك أشخاص بلا شرف قرروا التنازل عن الحق والعدل والثوابت مقابل المال . إنه لشيء مخزي ومؤلم أن يتم تدمير السودان ، السودان اليوم في أسوأ حالاته أنتهي كل شيء في الدولة حتى القيم والأخلاق التي كنا نتباها بها بين الامم ، هذا التحليل لا ينكره إلا الذي في قلبه مرض أو من يريد نيل رضا أصحاب المصالح الشخصية العنصريين ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل مازال الراقصون على جثة الوطن يرقصون ويكذبون ، يتصارعون كالذئاب في جسد الوطن الميت لينهشوا ما تبقي فيه من لحم وتشيع الدولة السودانية وتغييب الغالبية العظمى من الشعب الذين يساقوا إلى حتفهم كالماشية التي تساق إلى سكين الجزار .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *