برنامج “المثمر” يدعم 7 آلاف فلاح ويرفع إنتاج الزيتون إلى 10 أطنان للهكتار (فيديو)
بين أحضان جبال وزان الخضراء، وسط قرية أسجن “الساحرة”، تتربع ضيعة التهامي سنيون كجوهرة زراعية نابضة بالحياة. بفضل برنامج “المثمر” تحولت هذه الرقعة من الأرض إلى حقل خصيب معطاء، بعد أن ارتفع حجم الإنتاج بـ 50% بالمائة، ليصل إلى 10 أطنان من الزيتون لكل هكتار.
“خلال هذا الموسم، تمكنت ضيعتي من تحقيق إنتاجية غير مسبوقة بلغت 10 أطنان للهكتار، بفضل الممارسات الزراعية السليمة التي قدمها برنامج “المثمر”، مقارنة بالإنتاج التقليدي الذي بالكاد تجاوز 5 أطنان للهكتار”، يقول التهامي بنبرة تعكس ارتياحه، في حديثه لجريدة “العمق” خلال زيارتها لضيعته.
تجربة التهامي مع “المثمر” بدأت بخطوة بسيطة لكنها محورية، تمثلت أساسا في إجراء تحاليل دقيقة للتربة، “المسؤولون عن البرنامج قاموا بدراسة خصائص التربة، ومن ثم أوصوا باستخدام أسمدة مخصصة تتناسب مع احتياجات الضيعة”، يضيف التهامي.
ولم تقتصر الاستفادة على التسميد فحسب، بل تضمنت أيضا تكوينات عملية وورشات تدريبية، حيث تعلّم التهامي كيفية تحسين مردودية أشجار الزيتون باستخدام تقنيات حديثة، إذ يقول صاحب الضيعة في حديثه مع “العمق”، “كل خطوة من عملية الإنتاج، من التقليم إلى الجني، كانت مدروسة بعناية”.
لم يقتصر تأثير برنامج “المثمر” على زيادة كمية الإنتاج فحسب، بل امتد ليشمل تحسين جودة الزيت المستخرج، إذ يوضح التهامي في هذا السياق بأن المردودية في الماضي كانت لا تتجاوز 15 لترا للقنطار، أما الآن فقد ارتفعت بشكل ملحوظ لتصل إلى ما بين 20 و21 لتراً للقنطار، ما يعني الحصول على زيت بكمية أكبر ونوعية أفضل.
وفي خضم حصاد موسمه “الوفير”، أكد التهامي بأن مبادرة “مثمر” لم تكن مجرد مشروع، بل كانت نقلة شملت مجموعة من المزارعين بإقليم وزان، مضيفا أن البرنامج أتاح الفرصة للتعلم والتطور، والمشاركة في بناء مستقبل زراعي أفضل.
ارتفاع الإنتاجية
في هذا الإطار، كشف عبد الإله نجمي، مهندس زراعي وممثل مبادرة “المثمر” بإقليم وزان، ارتفاع إنتاجية زيت الزيتون بالمنصات التطبيقية التابعة للمبادرة، إلى 10 أطنان للهكتار الواحد، مقارنة بمعدل الإنتاج التقليدي الذي لا يتجاوز 5 أطنان للهكتار، مبرزا أن هذا الإنجاز، الذي يُبرز دور التقنيات الزراعية الحديثة، جاء ضمن مبادرة “مثمر” التي تعمل على تحسين الإنتاجية الزراعية في المملكة عبر ممارسات علمية ومنهجية.
وأضاف نجمي، في تصريح لـ “لعمق”، أن المبادرة تهدف إلى نشر ممارسات زراعية سليمة وعقلانية تعتمد على البحث العلمي، مشيرا إلى أنه تم إنشاء 6920 منصة تطبيقية منذ إطلاق البرنامج، منها 970 منصة خلال الموسم الزراعي 20222023، ما يعكس التوسع التدريجي للمبادرة على الصعيد الوطني.
وأوضح أن العمل في هذه المنصة، بدأ بعملية التقليم بعد الجني لتحسين شكل الأشجار وضمان التهوية والتوازن، مسجلا أنه تم أخذ عينات من التربة لإجراء تحاليل دقيقة بهدف تحديد خصائصها الفيزيائية والكيميائية، مما ساعد على إعداد تركيبة سماد مخصصة لكل قطعة أرضية، مؤكدا أن “مراحل التسميد تشمل سماد العمق، والتسميد الورقي، وتسميد التغطية، إلى جانب مكافحة الحشرات والأمراض بطرق تحترم البيئة وتحافظ على الموارد الطبيعية”.
حلول رقمية
وأكد المتحدث ذاته، أن التقنيات المستخدمة في المنصة التطبيقية، تهدف أيضًا إلى تحسين جودة الزيتون إلى جانب الكمية، مع التركيز على تدريب الفلاحين عبر التكوين والمدارس الحقلية، “نحرص على شرح الممارسات السليمة للفلاحين، وإبراز الفرق بين الطرق التقليدية والممارسات العلمية من خلال مقارنة المردودية”، يقول نجمي.
https://www.youtube.com/watch?v=7XV58YBIUo
وأشار الخبير الزراعي، إلى أن المبادرة تعتمد أيضًا على الحلول الرقمية لتطوير الزراعة، مثل تطبيق “أثمار”، الذي يزوّد الفلاحين بمعلومات دقيقة حول أحوال الطقس والإرشادات الزراعية، ما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة.
رغم التحديات المناخية، أكد عبد الإله نجمي أن المنصة التطبيقية استطاعت تحقيق نتائج إيجابية، تعكس إمكانات الزراعة الحديثة في زيادة الإنتاج وتحسين جودة المحاصيل، مما يجعل مبادرة “مثمر” نموذجًا يُحتذى به في النهوض بالقطاع الزراعي.
التكوين المستمر
الحجام عبد الهايم، المهندس الزراعي والمنسق الجهوي لمبادرة “مثمر” بجهتي الغرب والشمال، شدد بدوره على أن مبادرة “مثمر”، التي تشرف عليها جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير، حققت نتائج بارزة في زراعة الزيتون بالمملكة، إذ نجحت في مضاعفة الإنتاجية بمنصات تطبيقية بـ 50% حيث انتقل الإنتاج من 5 أطنان للهكتار في الزراعة التقليدية إلى 10 أطنان للهكتار، وذلك عبر استخدام ممارسات علمية وتقنية متطورة.
وأورد عبد الهايم أن المبادرة تسعى إلى تعزيز الممارسات الزراعية السليمة عبر مواكبة الفلاحين في جميع مراحل الإنتاج، بدءًا من تحاليل التربة ووضع خطط التسميد المعقلنة وصولًا إلى عمليات الجني، موضحا أن المبادرة تعتمد على نشر التكوين العلمي من خلال ورشات ومدارس حقلية، مما يساهم في تحسين جودة المحصول وزيادة مردوديته.
وأضاف المتحدث أن جهة الغرب والشمال، المعروفة بزراعة الزيتون، تحظى بمواكبة خاصة من مبادرة “مثمر”، حيث تشمل أقاليم مثل العرائش، سيدي قاسم، وزان، شفشاون، وطنجة أصيلة، وتعمل المبادرة على دعم الفلاحين في هذه المناطق من خلال تقديم إرشادات ميدانية تعتمد على أسس علمية.
قرابة 7 ألاف منصة
وأشار المهندس الزراعي إلى أن المبادرة، منذ انطلاقها في 2018 تحت إشراف مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، تمكنت من إنشاء أكثر من 6920 منصة تطبيقية على الصعيد الوطني، استفاد منها مئات الفلاحين في مختلف الجهات.
ورغم هذه الإنجازات، أشار عبد الهايم إلى أن المساحات المزروعة بالزيتون في المغرب، والتي تتجاوز مليون و300 ألف هكتار، لم يتم تغطيتها بشكل كلي، مسجلا أن المبادرة تهدف إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وتحسين جودة المحاصيل بالتعاون مع الوزارة الوصية والجهات المسؤولة، مؤكدًا أن الممارسات الزراعية السليمة تشكل الأساس لتحقيق هذا التطور.
وسجل عبد الهايم أهمية الحلول العلمية في تطوير القطاع الفلاحي بالمملكة، مشددًا على أن تعزيز المعرفة ونقل الممارسات الجيدة يساهمان في ضمان استدامة الموارد الطبيعية وزيادة وفرة المنتجات الزراعية.
جدير بالذكر أن “المثمر” مبادرة متعددة الخدمات أطلقتها مجموعة OCP في شتنبر 2018، حيث توفر هذه المبادرة عروض متطورة و مشخصة لمواكبة الفلاحين و خاصة الصغار منهم و تسعى لتمكين الفلاح من تبني الممارسات الزراعية السليمة و خاصة التسميد المعقلن الذي يلعب دورا مهم في الرفع من الإنتاجية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.
المصدر: العمق المغربي