أكاديمية التفكير الاستراتيجي تبحث خطوات تنفيذ الاستراتيجية الملكية في نزاع الصحراء المغربية
شهدت مدينة تنجداد وتنغير يومي السبت 16 و17 نونبر 2024 انعقاد الصالون الأكاديمي الدبلوماسي الأول والثاني حول الخطوات العملية لتنفيذ الاستراتيجية الملكية الجديدة لحسم نزاع الصحراء المغربية من التدبير إلى التغيير، بعنوان “قراءات متقاطعة في التعبئة والمقاربات والخطط والأبعاد”، من تنظيم أكاديمية التفكير الإستراتيجي درعة تافيلالت بشراكة مع الملتقى الأول من جماعة تنجداد الترابية؛ وذلك احتفاء بمناسبتي المسيرة الخضراء المظفرة وعيد الاستقلال المجيد.
حضر هذا الصالون ثلة من الاكادميين والباحثين والفاعلين الجمعويين والاعلاميين وجمهور واسع من ساكنة مدينتي تنجداد وتنغير وكل أعضاء هياكل الأكاديمية، فيما افتتح الصالون الأكاديمي الديبلوماسي الأول بكلمتي الرئيس العام لأكاديمية التفكير الإستراتيجي درعة تافيلالت الحو صبري ورئيس الجماعة الترابية بتنجداد.
وبعد الاستماع لشهادات كل من البشير ادخيل ووليد كبير وأمينة توبالي بخصوص موضوع ملف الوحدة الترابية، تناولت مداخلات كل الدكاترة والباحثين والأساتذة حميد بالخطاب خديجة الكور ونور الدين احمد وشنوان الحسين ومولاي ابراهيم سدرة خلال أشغال الجلسة العلمية الأولى والثانية والثالثة جوانب متعددة من موضوع الوحدة الترابية للمملكة وقراءات لمضامين الخطب الملكية لجلالة الملك خلال مناسبتي افتتاح الدورة التشريعية التانية والذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة.
وتميزت أشغال الجلسة العلمية الثانية بمداخلات ذات طابع تشخيصي واستراتيجي استشرافي بخصوص ما حققته المملكة من إنجازات دبلوماسية دولية في ملف الوحدة الترابية وقراءات معمقة في آخر تطورات وآفاق الملف على ضوء الخطب الملكية الأخيرة. كما تم الوقوف بشكل خاص على مختلف المضامين التي حملها خطاب جلالة الملك خلال افتتاح الدورة التشريعية التانية في ما يتعلق بموضوع القضية الوطنية في سياق المرور من التدبير الى التغيير كما قال جلالة الملك.
واعتمد الصالون الأكاديمي الدبلوماسي الأول بتنجداد أهمية “تعبئة القرب” قصد مطارحة مختلف مستجدات ملف الصحراء المغربية انطلاقا من الخطاب الذي ألقاه رئيس دولة فرنسا أمام البرلمان الأوروبي حيث عبر عن موقف ينتصر إلى إيجاد حل نهائي للمشكل المفتعل انطلاقا من الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وفي هذا الصدد أشار الرئيس العام للأكاديمية أن هذه الاعترافات تعتبر سندات تنفيذية يجب البحث في طرق تنفيذها وشيكات موقعة على بياض يجب صرفها لتثمين واجرأة هذه المواقف والقرارات قبل ان تتقادم، هذا وعرج المتدخلون من المحاضرين على ملامسة دعائم الدبلوماسية الملكية التي نجحت في انتزاع مواقف إيجابية لصالح المقترح المغربي.
وإذا كانت وجهات نظر المحاضرين مختلفة من منطق تعدد زوايا مقاربة فعالية الدبلوماسية الملكية، فإن الغاية تظل نفسها لدى كل المتدخلين من خلال التأكيد على ضرورة الإنخراط الإيجابي والفعال في سيرورات النجاحات المتراكمة التي حققها جلالة الملك في خضم توازنات دولية دقيقة نجح المغرب في ضبط تفاصيلها وإدارة تناقضاتها بحنكة ملكية دقيقة تنم عن تميز هذه المدرسة الدبلوماسية الملكية التي تميز المغرب وتفرده في محيطه الإقليمي والعربي وداخل الحدود الجيو سياسية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط .
ولذلك خلصت كل الأوراق العلمية التي تقدم بها المحاضرون إلى الإعتراف بقوة ما يميز دبلوماسية جلالة الملك في تدبير ملف الوحدة الترابية، سيما في التأكيد على أن المغرب قام بكل أدواره في احترام تام للقانون الدولي وللشرعية الأممية، لذلك حري بـ”العالم الأخر” فهم الرسالة، وهو ما على الأمم المتحدة القيام به لتحميل نظام عسكر المرادية بالجزائر كامل المسؤولية في نزع السلاح عن المحتجزين في تندوف وفي إرجاع المغرر بهم من أبناء منطقة الساحل والصحراء نحو أوطانهم والسماح للأقلية القليلة من الصحراويين من الرجوع إلى وطنهم بحرية بعيدا عن سياسة تحويل هؤلاء إلى “رهائن انفصالية ” لدى العسكر السياسي المفلس خدمة لأجندات السخرة السياسية التي ينهج رئيس نظام الجزائر سعيد شنقريحة وتبعه مجيد تبون؛ وذلك حتى يتم الحسم أمميا في طي نهائي لصفحة نزاع مفتعل عمر طويلا بسبب تعنت الرجعية العسكرية وبؤس الهمجية والمؤامرات التي ما فتيء حكم الجنرالات يعتمدها لتمديد عمر ملف مفتعل ضدا على مصالح شعوب المنطقة المغاربية.
وتميزت تفاصيل الندوة الموضوعاتية التي احتضنتها القاعة الكبرى بمؤسسة تماسينت الفندقية خلال الملتقى الوطني الثاني، بقوة الكلمة الإفتتاحية التي ألقاها الرئيس العام لأكاديمية التفكير الإستراتيجي درعة تافيلالت الحو صبري الذي أشاد بالنجاح الباهر لجلالة الملك محمد السادس في إخضاع الدوائر العليا عالميا للإيمان بالمغرب رقما مهما في معادلة العلاقات الدولية، وهو ما انعكس بشكل فعال على انتزاع مواقف إيجابي من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي صرح في خضم زيارة دولة التي قام بها إلى المغرب أن أي حل لمشكل الصحراء يجب لزوما أن يكون داخل الوحدة الترابية للمملكة المغربية بصحرائها كاملة.
وتناسلت الأوراق التي قدمها المحاضرون من مرجعيات معرفية متعددة لتؤكد كل أن خطاب افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة أكد فيه جلالة الملك على ضرورة تعبئة المغاربة جميعا لخدمة مختلف قضايا المغرب العادلة وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية.
وشكل خطاب المسيرة الخضراء أرضية صلبة للنقاش والتداول في حصيلة ما بلغه ملف الوحدة الترابية من تطور بفضل الدبلوماسية الملكية بعناصر الجودة والفعالية والنجاعة، على أن ينخرط الجميع من أحزاب سياسية ونقابات ومقالات ومجتمع مدني وجامعة ومدرسة ومسجد في مسارات التعبئة اليقظة والمستدامة لدى الدول التي لا تملك ما يكفي من الحقائق فيما يخص ملف وحدة المغرب الترابية؛ على أن يتم بسط واقع الملف لنسف الأطاريح الفاسدة والبروباغندا المغلوطة التي ينهجها “العالم الأخر” لتغليط ضحايا رشاوي البيترو دولار من الدول التي يجب التوجه إليها من لدن الدبلوماسية المغربية الحكومية والبرلمانية والموازية غير الرسمية لدخض الأكاذيب وتقديم الدفوع لتتبيث وتوطيد الشرعية والمشروعية التي يتميز بها المغرب في ملف وحدته الترابية الوطنية.
وحضر الصالون الأكاديمي الدبلوماسي الأول بتنجداد جمهور غفير من ساكنة المدينة ومن القادمين من المناطق المجاورة، وهو ما خلف ارتياحا كبيرا لدى كل من أكاديمية التفكير الإستراتيجي درعة تافيلالت والجماعة الترابية لتنجداد.
ولا يبتعد نجاح الندوة الموضوعاتية بتنغير، قيد أنملة، عن نجاح الصالون الأكاديمي الدبلوماسي لتنجداد بفضل الزخم الذي راكمته الأكاديمية باحترافية ومهنية دقيقة في صناعة نقاش عمومي مسؤول ورصين، وبفضل والصلابة العلمية التي يحضى بها الأساتذة الباحثون المشاركون، كالعادة، وكذا نضج الالتزام لدى كل من محمد بن سكى رئيس الجماعة الترابية لتنجداد ولحسن الكتوس مدير الوحدة الفندقية تماسينت.
وفي الختام تؤكد أكاديمية التفكير الإستراتيجي درعة تافيلالت أنها ستواصل عملها بهدوء ومهنية لصالح خدمة كل قضايا الوطن/الجهة، من مداخل متعددة؛ تكريسا لجودة النقاش العمومي ومواكبة لمختلف الأسئلة التي تولد من رحم يقظة الدولة والمجتمع. هذا وترحب الأكاديمية بكل الإقتراحات الجادة وبجميع الطاقات والكفاءات إيمانا منها بأهمية منطق التكامل في إشاعة الوعي والإيجابية في التعاطي مع كل النوازل والأسئلة.
المصدر: العمق المغربي