محمد السادس.. “المتطرفون” الفلسطينيون والحليف نتنياهو
كل الأنظار كانت متجهة إلى القمة العربية الإسلامية غير العادية التي احتضنتها العاصمة السعودية الرياض يوم الإثنين11 نوفمبر، التي انعقدت في ظرفية جد حساسة تطبعها حرب إبادة صهيونية مفتوحة تطال كلا من غزة ولبنان، التي كان يؤمل فيها إقرار دعم عربي وإسلامي مفتوح للشعب الفلسطيني من أجل حقن دمه والمرافعة من أجل حقوقه، لكن كلمة الملك المغربي التي قرأها نيابة عنه وزير حكومته، عزيز أخنوش، حملت معها تساؤلات كثيرة وكبيرة وخطيرة.
وحسب ما قرأه عزيز أخنوش أمام المسؤولين ممن حضروا قمة الرياض، فقد قال محمد السادس “إذا كان التوصل إلى وقف الحرب في غزة أولوية عاجلة فإنه يجب أن يتم بموازاة مع فتح أفق سياسي، كفيل بإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة”. وأضاف محمد السادس “أن اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام، بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتطلب قطع الطريق على المتطرفين من أي جهة كانوا”. ومنبت التساؤل الذي أثارته تصريحات محمد السادس مرتبط بالفقرة الأخيرة من تصريحه باعتماد “المفاوضات لإحياء عملية السلام.. يتطلب قطع الطريق أمام المتطرفين من أي جهة كانوا”، فأي متطرفين يقصد الملك محمد السادس؟ المتطرفون الذين وقع معهم اتفاقية التطبيع، وما تلاها من اتفاقيات أمنية وعسكرية؟ وهنا يجب أن نتساءل: شريكه في التطبيع، ونقصد بنيامين نتنياهو، هل يصنفه محمد السادس متطرفا أم حمامة سلام؟ ومن يراه السادس رجل سلام في الجانب الإسرائيلي؟ نتنياهو الذي يسفك دماء الشعب الفلسطيني واللبناني، أم المتطرف إيتمار بن غفير الذي يريد أن يصفي الفلسطينيين عن بكرة أبيهم ويهود القدس، أم المعارض يائير لبيد، الصهيوني المتطرف الذي لم يتوان عن تقتيل الفلسطينيين، الذي فتح له المغرب أرضه ليطلق منها تهديدات ضد جارته الجزائر لما كان وزيرا للخارجية؟
هل يمكن أن يجيب محمد السادس المتابع العربي والمسلم وغيره من الأجناس والأعراق عن حمام السلام الذين يقصدهم بتصريحه ويمكن للفلسطينيين أن يبنوا معهم السلام؟ سؤال آخر يطرح نفسه: هل يمكن الحديث عن معتدلين يقودون حكومة متطرفة كحكومة نتنياهو ونظام فاشي كالنظام الصهيوني؟ إن المعتدلين من اليهود والذين يؤمنون حقيقة بالسلام في فلسطين تجدهم إما منضوون ضمن جمعيات حقوق الإنسان والمدافعة عن حقوق الفلسطينيين والتي ترفع عاليا صوتها ضد الاحتلال وممارساته، أو أولئك الذين اختاروا الهروب من الكيان المحتل ليناضلون عبر كل الوسائل وفي كل الفضاءات من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال.
في المقابل، من هم المتطرفون من الفلسطينيين الذين يقصدهم محمد السادس ولا يمكن بناء السلام معهم أو بهم؟ هل يقصد المقاومة الفلسطينية بكل تشكيلاتها وأطيافها ومشاربها التي ترفع السلاح اليوم في غزة والضفة وداخل الكيان؟ أم يقصد فقط المنتسبين إلى حركة “حماس”؟ أم يقصد فئة من جماعة “حماس” على غرار الشهيد يحيى السنوار وإسماعيل هنية الذي استضافه الملك محمد السادس ونظم له مأدبة عشاء برعاية منه؟
سؤال آخر يفرض نفسه في هذا السياق: هل يقصد المتطرف من يحمل السلاح للدفاع عن أرضه وعرضه؟ إذا كانت صفة التطرف تلصق بمن يحمل السلاح من أجل الحرية فإن ذلك يعتبر إدانة لكل فعل مقاومة منذ فجر التاريخ بما فيها المقاومة في المغرب. وبهذا المنطق هل يمكن أن يحدد محمد السادس في القمة المقبلة ما هي مواصفات غير المتطرفين الذين يمكن أن يبنوا السلام من الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي”؟
إن استحضار واستعمال عبارة “المتطرفين من أي جهة كانت” هو إدانة مباشرة للمقاومة الفلسطينية وللفعل المقاوم بالأراضي الفلسطينية المحتلة، ويعد تماهيا مع الفكر والمقاربة الصهيونية ودعاة التطبيع والسائرين في دربه، ممن يريدون تصفية القضية الفلسطينية، بدءا من الانخراط في صفقة القرن، وصولا إلى توريد البضائع والأسلحة والأفراد للكيان الصهيوني بغرض إبادة الشعب الفلسطيني.
ولا أدل على ذلك من استقبال سفن حربية وسفن تقل أسلحة إلى الكيان الصهيوني للانخراط في الإبادة بغزة على غرار ما جرى بميناء طنجة المغربي الذي استقبل باخرة معبأة بالأسلحة متجهة إلى الكيان، وقبلها استقبل سفينة حربية في طريقها إلى الكيان للمشاركة أيضا في الحرب على غزة في عز إبادة الفلسطينيين بكل الوسائل. وعليه، كيف ينصب محمد السادس نفسه مدافعا عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة والسلام لكن من جهة ثانية يسهم في إمداد المتطرفين الصهاينة بالسلاح وحتى بالأفراد؟ يبدو أن الملك محمد السادس الوحيد الذي يملك الإجابة لأنه أيضا رئيس لجنة القدس ولكنه متحالف مع عصابة متطرفة تسعى لتهويد القدس.