استقلال بدون تبعية
يتميز عيد الاستقلال لهذه السنة عن غيره من السنوات بمجموعة من الإنجازات التي جعلت المغرب يحتل مراتب متقدمة في مجموعة من المجالات، خاصة الاقتصادية منها والاجتماعية، وذلك راجع إلى حكمة جلالة الملك محمد السادس والاهتمام الكبير الذي يوليه لمجموعة من المشاريع الكبرى للمملكة. فاستقلال دولة ما هو رهين بمدى الإنجازات والاستحقاقات التي ينجزها في المجالات الحيوية، منها الاقتصادية والصحية والتعليمية والحقوقية والاكتفاء الذاتي حتى لا تكون رهينة وتابعة لدول ما.
فالتبعية هي عبء كبير يترك الدولة دائمًا تحت رحمة الآخرين. والدليل على ذلك هو عندما هز خطاب الملك عروش بعض الدول التي كانت تبتز المغرب في قضية صحراءه، فجعل نصره الله الشراكة مع أي دولة رهينة باعترافها بمغربية الصحراء، والجواب ما ترون لا ما تسمعون! ولهذا على الحكومة وكل من يهمه الأمر أن يشمر على سواعد العمل الجاد والوطنية اللامشروطة للالتحام مع تطلعات الملك لنجعل من بلدنا بلدًا حرًا، بلدًا غير مقيد بقيود التبعية والهيمنة العالمية.
فعيد الاستقلال يعيدنا كذلك إلى الوقوف على شجاعة وشهامة ووطنية الحركة الوطنية من شمال المغرب إلى جنوبه، ملتحمة مع أب الشعب المغربي محمد الخامس طيب الله ثراه في استقلال البلاد من الاستعمار العسكري. فوطنية هؤلاء الجحافل لم تكن قولًا فظاظًا يبيعون به ويشترون، بل كانت عملًا دؤوبًا وتضحية مستمرة حتى التحرير.
وما نعيشه اليوم من تقدم هو ثمرة لهذا الجهاد الكبير الذي قام به أجدادنا من الأمازيغ والعرب والصحراويين، فوقفة دقيقة صمت على أرواح هؤلاء الوطنيين قليلة في حقهم، وكأنهم اليوم يناشدوننا من قبورهم أن استمروا على ما قمنا به من تحرير فنحن حررنا الأرض وأنتم عليكم أن تحرروا العقول والاقتصاد والتعليم والصحة. فتحرير هذه الأشياء يتطلب تحرير النفس من الأنانية المستعلية والعادة الجارفة والذهنية الرعوية. هذه الذهنيات التي تلتصق ببعض المسؤولين هي التي تحول أو على الأقل تعرقل عجلة التنمية التي دشنها جلالة الملك نصره الله، ولا يزال في كل خطاباته يتابعها عن قرب وبصيرة.
وختامًا لا يفوتني أن أذكر بالعمل الوطني الجبار الذي يقوم به مغاربة العالم في كل دول الاستقبال، وخاصة في الدفاع عن ثوابت المملكة، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية. قس على ذلك مواساتهم لمغاربة الداخل في كل الأزمات والكوارث ومساهمتهم الدائمة في المجال الاقتصادي. والدليل على ذلك هو خطابات جلالة الملك الذي ما فتئ ينوه بمغاربة العالم ويصدر تعليماته السامية لمشاركتهم في ازدهار المغرب اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا.
وآخر ما منحه جلالة الملك لمغاربة العالم هو إعادة تشكيل المجلس الاستشاري للجالية المغربية وتأسيس المجلس المحمدي لمغاربة العالم. وكل أمنيتي أن يجد خطاب جلالة الملك نصره الله آذانًا صاغية وضمائر حية وأفكارًا تطبيقية حتى نعطي فرصة لمغاربة العالم للمشاركة السياسية والاقتصادية في بلدنا الحبيب.
المصدر: العمق المغربي