زيارة السفير الفرنسي للصحراء المغربية.. هل تترجم التزام باريس بتنمية الأقاليم الجنوبية؟
قال المحلل السياسي والخبير في شؤون الصحراء المغربية، إبراهيم بلالي اسويح، إن الزيارة التي قادت السفير الفرنسي المعتمد في المملكة المغربية، كريستوف لوكورتي، مع وفد يضم رجال أعمال وصناع قرار في مجالات مختلفة إلى الأقاليم الجنوبية، “تعكس تحولا هاما في الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا، والتي تم الإعلان عنها مؤخرا خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب”
وأوضح اسويح في تصريح لجريدة “العمق”، أن الوفد الفرنسي المتنوع يشير إلى نية البلدين في تعزيز التعاون في مجالات متعددة تشمل الاقتصاد، الثقافة، التربية والتكوين، بالإضافة إلى مجالات مبتكرة أخرى تساهم في دفع عجلة التنمية المشتركة.
ويرى عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، أن هذه الزيارة لا تقتصر على الجوانب الدبلوماسية فحسب، بل تشير إلى أن الإطار العام لهذا التعاون قد انتقل إلى مستوى جديد من التنفيذ الفعلي للمشاريع التنموية الكبرى، مسجلا أن هذه الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا، تمثل خطوة هامة نحو تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين، مع التأكيد على دور فرنسا في دفع التعاون في مجالات حيوية، خاصة تلك التي تهم الأقاليم الجنوبية للمغرب.
ومن أبرز الدلالات التي يعكسها الوفد الفرنسي، وفق ما ذهب إلى ذلك بلالي اسويح، هو التركيز الواضح على تنمية الأقاليم الجنوبية للمغرب، التي أصبحت في قلب الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث ستكون هذه الأقاليم، محط تركيز رئيسي في المشاريع الاستثمارية المشتركة، التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز القطاعات الاقتصادية الحيوية، مبرزا أن هذه المناطق تشهد تحولات نوعية على صعيد الطاقات المتجددة، ويعكس ذلك طموحات المغرب في أن يصبح مركزا عالميا للطاقة المتجددة عبر مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية والريحية.
وأشار بلالي اسويح إلى أن الاتفاقات الموقعة بين المغرب وفرنسا، تتضمن العديد من المبادرات التنموية التي ستسهم في تحسين المناخ الاقتصادي والاجتماعي في الأقاليم الجنوبية، وتحسين البنية التحتية، وتطوير قطاع الطاقة والمياه، إضافة إلى تعزيز قطاعات النقل والصناعة، مضيفا “وهي من بين المجالات التي ستكون موضع اهتمام كبير في إطار الشراكة بين البلدين، حيث ستساهم هذه المشاريع في تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة وستفتح آفاقا جديدة للاقتصاد المحلي.
كما يرى الخبير في الشؤون الصحراوية، أن الشركات الفرنسية تلعب دورا محوريا في تسريع عجلة التنمية في الأقاليم الجنوبية، حيث من المنتظر أن تسهم الاستثمارات الفرنسية، بشكل كبير في تطوير المشاريع الكبرى، خصوصا في مجالات الطاقة المتجددة والصناعة، بالإضافة إلى تحديث البنية التحتية، مسجلا أن المغرب نجح في تحويل هذه الأقاليم إلى مناطق واعدة للاستثمار، وهو ما يبرز من خلال المشاريع الطاقية الضخمة مثل محطات تحلية المياه، والربط بشبكة الكهرباء الوطنية، وتطوير الصناعة في مختلف المجالات.
وأشار بلالي اسويح إلى أن من بين المشاريع الكبرى التي سيتم تطويرها في المنطقة، يأتي مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيكون بمثابة نقطة ربط تجارية بين المغرب وأوروبا، وهو ما سيساهم في تسريع التبادل التجاري بين القارتين، مؤكدا ن الميناء سيعمل على تعزيز الحركة التجارية بين المغرب وأوروبا وأفريقيا، مما سيعزز العلاقات الاقتصادية بين هذه المناطق.
وفي إطار الحديث عن الاستثمارات الفرنسية، لفت بلالي اسويح، إلى ملف الهيدروجين الأخضر، الذي أصبح جزءا أساسيا من الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا. إذ اعتبر المحلل السياسي أن فرنسا تعي أهمية هذا المجال وتعد شريكا استراتيجيا في المشاريع التي تروج لاستخدام الهيدروجين الأخضر في المغرب، موضحا أن المغرب، باعتباره من بين البلدان الأكثر تقدما في مشاريع الطاقة المتجددة، يسعى إلى استثمار هذه الإمكانيات لتعزيز التعاون مع فرنسا في مجال الهيدروجين الأخضر، وهو ما يعود بالنفع على كل من أوروبا وإفريقيا.
ويرى اسويح أن الشراكة بين المغرب وفرنسا تتجاوز التعاون الثنائي إلى شراكة استراتيجية، “تفتح آفاقا جديدة نحو العمق الإفريقي”، لا سيما في مجالات الاقتصاد والطاقة، مشيرا إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان قد صرح في البرلمان بأن فرنسا ملتزمة بدعم مشاريع تنموية في الأقاليم الجنوبية، وأن بلاده ستسعى لتطوير هذه المناطق عبر استثمارات مستدامة في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، معتبرا أن ذلك “يؤكد رغبة فرنسا في أن يكون المغرب بوابة استراتيجية نحو إفريقيا، خاصة في سياق تزايد الاهتمام الدولي بالقارة الإفريقية.
وخلص الخبير في شؤون الصحراء المغربية، إلى أن التعاون المغربي الفرنسي في الأقاليم الجنوبية، يعكس تحولا حقيقيا في علاقة البلدين، مما سيؤدي إلى إحداث تغييرات جذرية في المجالات التنموية، ويسهم في خلق فرص اقتصادية جديدة لهذه المناطق، مبرزا أن هذا التعاون سيترك آثارا إيجابية على مستوى المعيشة في الأقاليم الجنوبية، ويعزز دور المغرب كمركز اقتصادي استراتيجي يصل بين أوروبا وإفريقيا، ويفتح الباب لمستقبل مشرق في ظل المشاريع الطموحة التي ستواكبها الاستثمارات الفرنسية التي تؤكد ميدانياً الموقف الفرنسي الذي اعتبر أن حاضر ومستقبل هذه الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية من خلال مشاريع هذا المستقبل الذي أشار إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في طبيعة هذه الشراكة الاستثنائية الوطيدة مع المغرب.
المصدر: العمق المغربي