اخبار السودان

تمسك الحزب الشيوعي بحق النشاط العام رغم مصادرة وجوده القانوني (7  15)

صديق الزيلعي

نال الحزب في اول انتخابات بعد ثورة أكتوبر 11 مقعدا من المقاعد ال 15 المخصصة للخريجين. ومارس النواب عملهم بنشاط وفاعلية. انعقدت ندوة طلابية عادية في معهد المعلمين العالي (كلية التربية جامعة الخرطوم لاحقا) ، ولكن تلك الندوة تحولت لاحد أبرز احداث تاريخنا السياسي المعاصر. تحدث فيها الطالب شوقي محمد على بحديث الافك. مرت أيام هادئة بعد الندوة ، ولكن تنظيم الاخوان المسلمين قرر استغلال الندوة ، واثارة المشاعر الدينية بهدف الخلص من الحزب الشيوعي بحله ومنعه من النشاط. رغم ادانة الحزب الشيوعي لحديث الطالب واعلانه بان الطالب ليس عضوا به، الا انهم قرروا تصعيد الحملة. وتبارى خطباء المساجد في إلهاب المشاعر الدينية ، ولحقت الأحزاب التقليدية بحملة الاخوان.

قدم ستة من النواب هم : الطيب جدو ، عبدالرحمن أحمد عديل ، عبد القادر أوكير ، مضوي محمد أحمد محمد كرار كجر ، ومحمد يوسف محمد ، في جلسة الجمعية التأسيسية بتاريخ 15نوفمبر 1965م بمشروع قانون حل الحزب الشيوعي. فاز الاقتراح بالأغلبية.

تحمست الحكومة ، وفي عجلة ، قدمت مشروع بتاريخ 22 نوفمبر 1965م وينص على :

“تعدل المادة 5 من دستور السودان المؤقت على الوجه التالي :

“يضاف الحكم الشرطي الآتي في آخر البند 2 من المادة 5:

(على انه لا يجوز لاي شخص ان يسعي لترويج الشيوعية سواء محلية أو دولية).

ويضاف البند الجديد الآتي بعد البند 2 من المادة 5 :

(3) كل منظمة تنطوي أهدافها أو وسائلها على مخالفة الحكم الشرطي الوارد في ذيل الفقرة 2 تعتبر منظمة غير مشروعة وللجمعية التأسيسية أن تصدر أي تشريع تراه لازما لتنفيذ ذلك النص.” تمت إجازة ذلك في جلسة الجمعية بتاريخ 6 ديسمبر 1965م.

قدم الترابي اقتراحا في جلسة الجمعية بتاريخ 16 ديسمبر 1965م يقول :

“ارجو ان اقترح انه من رأي هذه الجمعية أن :

1.     تقرر انه بحكم الدستور والقانون قد سقطت العضوية من السادة : حسن الطاهر زروق ، عز الدين على عامر محمد إبراهيم نقد ، عمر مصطفي المكي ، الرشيد نايل ، عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة ، الطاهر عبد الباسط ، جوزيف قرنق.

2.     ان تكلف رئيسها بحفظ النظام في الجلسات بإبعاد أولئك النفر.” أتخذ قرار الاسقاط بالأغلبية

 ورفعت الجلسة.

 رفع جوزيف قرنق وآخرون قضية دستورية لدي المحكمة العليا بعدم دستورية ذلك التعديل. حكمت المحكمة العليا بعدم دستورية ذلك التعديل. وللأهمية التاريخية لذلك القرار ولأنه يتعلق بالحقوق الأساسية ، نقتطف مما كتبه قاضي المحكمة العليا صلاح الدين حسن :

” إذا قبلنا زعم محامي المدعى عليه بإمكان تعديل هذا الدستور المؤقت ، بدون أي قيود ، كما تعدل القوانين العادية ، فان ذلك ينتهك النظرية الأساسية للدساتير المكتوبة باعتبارها قوانين عليا واساسية كما يقول البند (3).

كما ان ذلك الزعيم ينتهك الضوابط والضمانات للحقوق الأساسية. هذا بالإضافة الى اننا سنحصل على نتائج غريبة ، فمثلا وحسب نص البند (55) فان خمسي أعضاء الجمعية يشكلون النصاب القانوني وهذا يعني ان 98 عضوا فقط. وهكذا فيمكن لأغلبية النصاب القانوني ان تمحو الفصل الثاني تماما ، وهو الفصل المتعلق بالحقوق الأساسية ، كما يمكنها ان تزيل الهيئة القضائية. وهكذا فان هذه الفكرة تهدم أساس الدساتير المكتوبة”

رفضت الحكومة قرار المحكمة العليا وحدثت ازمة دستورية أدت لاستقالة رئيس القضاء بابكر عوض الله احتجاجا على موقف الحكومة من القضاء.

تطورت الاحداث بمطاردة الشيوعيين وحل مؤسساتهم ومهاجمة دورهم بعنف أهوج تم مقابلته بعنف مضاد دفاعا عن تلك الدور. ولكن ما يهمنا هنا انه رغم قرار الجمعية التأسيسية بحل الحزب الشيوعي ومصادرة حقه في العمل القانوني ، أصر الحزب على ممارسه نشاطه وواصل تواجده في كل المعارك الجماهيرية وان يشارك في النشاط التشريعي كما تشارك الأحزاب الاخرى.  فقام الحزب بترشيح سكرتيره العام. وفاز عبد الخالق محجوب ، رغم حل الحزب ومنع نشاطه ، في دائرة امدرمان الجنوبية (1968م). وهذه الدائرة تحمل رمزية هامة فهي دائرة إسماعيل الازهري ، رئيس مجلس السيادة آنذاك.

ترشيح عبد الخالق محجوب كمستقل يوضح تصميم الحزب على أهمية وجود صوت له في البرلمان ، والا ينعزل عن النشاط التشريعي والدستوري والرقابة على الحكومة. ولعب عبدالخالق دورا متميزا ، كان قمته خطابه الشهير حول نقد الميزانية العامة ، والذي نشر في كتاب بعنوان (طريقان للتنمية).

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *