اخبار السودان

اين اختفي جيش ال (١٠٠) ألف جندي … ولماذا اصبحت الحرب بالطائرات والمسيرات فقط؟!!

بكري الصائغ

السؤال اعلاه عن أين اختفي جيش ال (١٠٠) ألف جندي ليس بالجديد ولا بالمبتكر او من بنات افكاري ، هو سؤال قديم عمره عام وسبعة شهور ، وبرز لاول مره بشكل عفوي بالساحة السودانية في يوم السبت ١٥/ أبريل ٢٠٢٣م عندما فوجئ الشعب بمفاجأة اذهلته وشلت تفكيره من سرعة احتلال قوات “الدعم السريع” للعاصمة المثلثة والقيام بحصار القيادة العامة ومطار مروي ، بل وتعداها الي محاولة إغتيال البرهان في عقر مقر اقامته ، وبعدها توسعت عمليات الاحتلال وشملت كثير من المناطق والمراكز الهامة والوزارات والسفارات الاجنبية والمنازل والاسواق بكل سهولة ويسر ، كل هذا حدث في غياب تام للقوات المسلحة التي تعاني حتي اليوم بعد مرور(١٩) شهر علي الحرب من استرداد عافيتها بعد الهزائم التي منيت بها.

من تابع بدقة ورصد سير المعارك منذ لحظة اندلاعها بين القوات المسلحة وتوأمها الدعم السريع ، يجدها معارك ضارية خلت من اشتراك بعض الوحدات العسكرية الهامة التي اختفت اخبارها مثل سلاح الدبابات وسلاح المظلات والمشاة ، واصبح الجيش يعتمد كثيرا في القتال الطائرات الحربية والمسيرات والصواريخ ، ما عادت هناك معارك علي الارض والقتال وجها لوجه بين الجانبين المتقاتلين ، لم تعد معارك كالتي قال فيها الشاعر امرؤ القيس: “مكر مفر مقبل مدبر معا .. كجلمود صخر حطه السيل من عل “.

من تابع عن قرب وكثب أخر المعارك التي وقعت خلال التسعة شهور الماضية يجد أن سلاح الطيران هو الوحيد بين كل القطاعات العسكرية الاخري وقع العبء عليه أن يكون في صدارة المواجهة ضد العدو ، فراح يقصف بدون فرز مناطق تجمعات “الدعم السريع” في العاصمة المثلثة وولاية دارفور وكردفان وبجبال النوبة والجزيرة والمناطق الأهلة بالسكان والاسواق ، قصف شمل كل انواع الاسلحة مثل البراميل المتفجرة وبراميل البارود وصواريخ جو أرض ومسيرات من كل شكل نوع.

جاءت اخر اخبار المعارك اليوم الأحد ١٠/ نوفمبر الحالي ونشرت صحيفة “الراكوبة” خبر تحت عنوان: (أكثر من 66 قتيل وجريح في غارة جوية على سوق نيالا (فيديو) مفاده:
(…نيالا : الراكوبة قصفت طائرات الجيش سوقاً مزدحماً بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور ، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
ونفذت طائرات الجيش عمليات قصف ليلية أخرى في أحياء الرياض والخرطوم بالمدينة ، حيث أكد شهود عيان سقوط قتلى وجرحى. وقال الشهود لـ”الراكوبة” إن طلعات الطيران الحربي في المدينة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع أسفرت عن مقتل أكثر من 18 شخصاً وإصابة 48 آخرين. وأطلق رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك ، قبل يومين ، تحذيراً من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي ، مرجعاً ذلك إلى تعدد الجيوش وأمراء الحرب ، وتحشيد وتجنيد المدنيين ، وتنامي خطاب الكراهية والاصطفاف العرقي والجهوي. وطالب مجدداً بفرض حظر الطيران الحربي فوق كل السودان ، من أجل حماية المدنيين العزل من القصف الجوي ، بما في ذلك المسيّرات) إنتهي

هذا القصف الاخير الذي طال السوق المزدحم في نيالا ليس هو الاول من نوعه ، وانما هو قصف جوي لم يتوقف منذ اكثر من تسعة شهور وسيزداد يوم بعد يوم بسبب اختفاء جيش الـ(١٠٠) الف جندي ، واعتماد القادة العسكريين في بورتسودان علي سلاح الطيران الذي هو أخر ما عندهم من سلاح ضد العدو.

ويبقي السؤال المحير مطروح بقوة ، اذا كان البرهان عنده جيش قوامه نحو (١٠٠) ألف جندي ، وعنده الطائرات المصرية والمسيرات التركية ، والصواريخ الايرانية وتحت أمرته شباب التجنيد والمنظمات الاسلامية جاهزة التسليح بعتاد ثقيل .. فلماذا اذا استعصي علي البرهان وجنرالاته تحرير الخرطوم التي مازالت في يد قوات “الدعم السريع “، واستعصي عليه ايضا فك ضائقة سكان ود مدني وجزيرة توتي ودحر قوات الدعم وطردها من مناطق الاحتلال؟!!.

هل بالفعل فقد الجيش قوته تماما فاستعان البرهان بالضباط القدامى وسعي لتجنيد الشباب ، وضم “كتيبة الظل” الاسلامية التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين الى صفوف القوات المسلحة ، وأعطي كتيبة “براء بن مالك” الاسلامية المتطرفة نفس المكانة المميزة التي كانت تشغلها قوات الدعم السريع في زمن الرئيس المخلوع ومن بعده البرهان والتي استمرت حتي يوم ١٤/ أبريل الماضي؟!! .

هل حقيقة ما يقال ، أن الضباط الاسلاميين في المؤسسة العسكرية بعد اختفاء جيش الـ(١٠٠) الف جندي طلبوا بلهجة أمرة من البرهان الابتعاد تماما عن قيادة القوات المسلحة التي فشل هو فشل مخزي في قيادتها وتحقيق ولو نصرعسكري واسع ، وانهم (الضباط الاسلاميين) سيتولون علي الفور إدارة دفة المعارك بطريقتهم الخاصة وليست بالطريقة البدائية التي تنتهجها القيادات العسكرية العليا في القيادة العامة؟!! .

نشرت صحيفة “الوحدة” في يوم ١٣/ نوفمبر ٢٠٢٢م، خبر جاء تحت عنوان (البرهان يحذر الإسلاميين من التدخل في الجيش السوداني) ، وجاء فيه :
(… أصدر رئيس مجلس السيادة في السودان عبدالفتاح البرهان يوم الأحد ، تحذيرا صارما آخر للإسلاميين وفصائل سياسية أخرى من أي تدخل في شؤون الجيش ، وقال البرهان في كلمة في قاعدة للجيش غرب العاصمة “ما هنسمح لجهة تعبث بالقوات المسلحة ، ولا نسمح لجهة بأن تفككها ولا تدخل فيها يدها”. وأضاف “حذرنا الإسلاميين من محاولات التدخل في الجيش وتقسيمه”. وقال البرهان في الخطاب “ما فيه تسوية ثنائية ، فيه ورقة قدمت عملنا عليها ملاحظات تحفظ للجيش استقلاليته ، نحذر السياسيين من التدخل في القوات المسلحة”) إنتهي

لماذا تراجع البرهان عن تحذيره الصارم الذي وجهه للإسلاميين وفصائل سياسية أخرى من أي تدخل في شؤون الجيش ، وقام بمنح المصباح أبوزيد قائد “كتيبة البراء بن مالك” رتبة رائد؟!!، وما خلفيات هذا التراجع .. هل تلقي تهديدات من “كتيبة البراء بن مالك”، ام وجد ضغوطات من ياسر العطا راعي “كتيبة البراء بن مالك”؟!! .

بعد خمسة أيام من اليوم ، وتحديدا في يوم الجمعة القادم ١٥/ نوفمبر الحالي تكون الحرب قد أنهت شهرها التاسع عشر وتستعد الدخول للعشرين ، ويبقي السؤال القوي مطروح في وجه البرهان والقادة الجنرالات الكبار :
هل عندكم جيش مؤهل وجاهز تجهيز كامل ومستعد لملاقاة العدو وحسم الحرب في شهره العشرين بقيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول/ عبدالفتاح البرهان بنفسه … ام يبقي الحال كما هو عليه الان والاعتماد فقط علي سلاح الطيران؟!! .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *