ترامب لن يعود كما كان
عثمان بابكر محجوب
من السابق لاوانه التنبؤ بتوجهات الرئيس الاميركي ترامب في سياسته الخارجية خلال عهدته الجديدة نحوالحروب والنزاعات الدولية لكن الثابت الوحيد المعروف سلفا هو انه سيتابع مطاردة الصين كأولوية قصوى بحيث يصبح شعار “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”، الذي يرفعه معناه ان أميركا لن تصرف جهدا في فض النزاعات والحروب او اقامات علاقة ودية مع دول لا تفيدها في تضييق الخناق على الصين ، اضافة الى ذلك يمكن التأكيد ان ترامب 2024م لن يكرر نسخة ترامب 2016م لعدة اعتبارات :
أولها : ان جوقة صهاينة المسيحيين الانجليين التي كانت عماد ادارته في نسخة 2016م تخلت عنه خلال انتخابات 2020م حتى ان البعض منهم شمت به وأهمهم نائب الرئيس مايك بنِس ومستشار الامن القومي جون بولتون اضافة الى صهره اليهودي كوشنير .
ثانيا : شهدت طائفة الإنجيليين البيض، ونسبتهم 14 بالماية من سكان الولايات المتحدة ويشكلون العصب الرئيسي للحزب الجمهوري شهدت تحولات كبيرة في مواقف الجيل الشباب من تفوق العنصر الابيض والاستثنائية نحو مواقف اكثر انسانية حتى ان التزامهم بكنائسهم بدأ بالانحسار لصالح تيار يؤسس لما بعد الكنيسة وترامب مدين لهذه الفئة بالعودة الى البيت الابيض.
ثالثا : نائب الرئيس الجديد دي فانس ينتمي الى تيار المدافعين عن العمال وهو من جيل الشباب وله تأثير ملحوظ على ترامب .ان ما ذكرناه لا يعني اطلاقا ان قناعات ترامب العنصرية والاستعلائية قد تبدلت بل طرأ تغيير على نمط تفكير حاضنته السياسية وسيكون لذلك تأثير على مواقفه .
اما ما هو المتوقع منه بالنسبة لحرب السودان ؟ .
اذا لم تتوفر لدى الجميع قناعة بان حركات الاسلام السياسي التي نشطت في الحقبة الاخيرة في الشرق الاوسط لم تكن حركات صحوة بل كانت حركات وظيفتها تحويل الدول التي استجابت لصياح ديكيها الى دول فاشلة لن يكون قادرا على استيعاب الموقف الاميركي من تلك الحركات فاذا كان مثلا للحركة الاسلامية السودانية وظيفة ما تخدم الاستراتيجية الاميركية في المستقبل كما خدمته في الماضي ستبقى الحرب مستمرة ولن يكون هناك مبادرات اميركية لوقفها بشكل حاسم وشهدنا هذه الحقيقة في عودة طالبان الى الحكم بمباركة أميركية بعد قبولها بوظيفة جديدة لا تدخل في مجال موضوعنا كذلك الامر واهم من يعتقد ان ايران مهددة لان وظيفتها لم تستنفد بعد حيث ستبقى بعبعا لدول الخليج طالما ان هذه الدول لم تصالح او تطبع مع اسرائيل .
والجانب الاخر في موقف ترامب من السودان سيكون مرتبطا بالصمغ السوداني فاذا تشكلت مجموعة ضغط من الشركات الاميركية المستوردة للصمغ على ادارة ترامب لاحلال السلام في السودان ستتحرك الادارة الجديدة ومن المستبعد ان تتشكل مجموعة ضغط من هذا النوع .
وفي الختام نقول لمن يتوهم ان ترامب سيتحرك سريعا لوقف محنة السودان ان رهانه خاسر وعزاءه الوحيد ان يردد وعلى سبيل الترويح عن النفس :
إِن صَدَّ عَنّي بِوَجهِهِ عَبَثاً ***** فَفي قَفاهُ مِن وَجهِهِ عِوَضُ .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة