السيد الرئيس قبل أن تُغادر مكتبك ..
أمد/ هذا وقد أصبح واضحاً أنك ستُغادر المكتب البيضاوي يوم 2012025 إلى البيت، لكن قبل ذلك ونحن في ربع الساعة الأخير من رئاستك للولايات المتحدة، من المهم أن تغادر البيت الأبيض وقد أوقفتَ المجازر في غزة وعملتَ على تعزيز السلطة ودورها السيادي في غزة والضفة، ومن المهم أيضاً أن نُذكرك بالوعودات التي قطعتها على نفسك خلال حملتك الانتخابية، وخلال توليك للرئاسة في الولايات المتحدة، وعلى رأس هذه الوعودات إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، التي أغلقها الرئيس ترمب، وكانت قد تأسست في عام 1844، ولم تقم بذلك.
تحدثت عن السلام وحل الدولتين، ولم تُعيّن حتى مبعوثاً للسلام، ولم تقدم أفكاراً لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتحدثت عدة مرات عن وقف إطلاق النار في غزة، وواصلت إرسال الإسلحة لإسرائيل، واستخدمت الفيتو ضد قرار وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة. وتحدثت بأنك تؤمن بحل الدولتين، واستخدمت الفيتو مرة أُخرى عندما طُرح الاعتراف بدولة فلسطين على طاولة مجلس الأمن. من جانب آخر، لقد زار وزير الخارجية بلينكن المنطقة 13 مرة منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ولم ينجح في الوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة، أم أنكم لا تريدون، وهو الأرجح، أو لضعف فيكم. لقد استطاع رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يبتز إدارتكم عبر عدة أدوات، أهمها الكونغرس واللوبي الإسرائيلي وغيره.
وبناءً على ما تقدم، السيد الرئيس، إن أردت أن يذكرك التاريخ بقليل حسن، فيمكن لك عمل ما يلي:
اولاً: أن تصدر مرسوماً رئاسياً ينص على أن (م.ت.ف) والسلطة الفلسطينية ليست أطرافاً إرهابية، بل هي داعمة للسلام، خاصة أن الكونغرس هو من يعتبر هذه الأجسام والمؤسسات الفلسطينية إرهابية.
وأنتم السيد الرئيس حضرتم إلى بيت لحم، والتقيتم مع الرئيس محمود عباس، وهو رئيس المنظمة ورئيس السلطة. ومن قبلكم حضر إلى فلسطين معظم رؤساء أمريكا منذ تأسيس السلطة عام 1993. والرئيس أبو عمار ومن بعده الرئيس أبو مازن زارا البيت الأبيض عشرات المرات. كيف لكم أن تزوروا وتستقبلوا رؤساء وتصنفوهم بالإرهاب.
ثانياً: العمل على إرجاع مقر السفارة الأمريكية إلى تل أبيب انسجاماً مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس لتكون عنواناً سياسياً أمريكياً للتعامل مع فلسطين، ومن المهم إعادة فتح مكتب فلسطين في واشنطن.
ثالثاً: يمكن لكم طرح مشروع قرار في مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس، ويمكن للولايات المتحدة أن تصوت إلى جانب القرار، كونكم تنادون بحل الدولتين، وفي أسوأ الأحوال يمكن لكم إذا طُرح مشروع القرار من دولة أُخرى الامتناع عن التصويت، والسماح للقرار أن يمر لكي تتجنبوا تشريعات الكونغرس، لقد كنتم انسحبتم من اليونسكو عندما انضمت إليها فلسطين، وعدتم التحقتم بها لأنكم لا تستطيعون دفع النظام العالمي إلى الانهيار كونه يخدمكم منذ عام 1945. كما يمكن لكم حث شركائكم الألمان والبريطانيين على الاعتراف بفلسطين كخطوة تلحقون بها لاحقاً.
رابعاً: يمكن لكم السيد الرئيس وقف تمويل جميع النشاطات الاستيطانية من خلال منع مؤسسات وشركات أمريكية تتبرع وتعمل في المستوطنات، خاصة أنكم لا تدعمون الاستيطان، وأخذتم إجراءات ضد عدة مستوطنين متهمين بالإرهاب. هذا غير كافٍ، حيث من المهم تجفيف المصادر المالية للمستوطنات وتصفية كامل برنامج الاستعمار الاستيطاني في فلسطين. ومثل هذا الإجراء يصب في صلب سياستكم، وعليه لا بد من تطبيق قرار الأمم المتحدة ٢٣٣٤ الذي يطالب بوقف الاستيطان، وكنتم أنتم من سمح بتمرير القرار في فترة إدارة الرئيس السابق أوباما.
كما يمكن لكم الطلب من المستوطنين من حملة الجنسية الأمريكية مغادرة المستوطنات، وعدم تجديد أوراقهم الثبوتية أو جوازات سفرهم إذا كان عنوان أيٍّ منهم في المستوطنات.
خامساً: يمكن لكم سحب الجنسية الأمريكية من كل جندي إسرائيلي يحمل جنسية بلدكم ويقاتل في جيش بلد آخر، وإذا كان القانون الأمريكي لا يسمح بذلك لا بد من تغيير القانون.
سادساً: يمكن لكم الضغط على إسرائيل للسماح باجراء الانتخابات الفلسطينية في كامل الاراضي الفلسطينية بما فيها القدس، خاصة أنكم تدعون إلى سلطة متجددة. السلطة المتجددة تكون فقط بإرادة فلسطينية، والإرادة الفلسطينية يعكسها فقط صندوق الاقتراع.
سابعاً: يمكن لكم، السيد الرئيس، تشجيع محكمة الجنايات الدولية لإصدار قرار اعتقال بحق أي شخص ارتكب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني ليواجه العدالة الدولية أمام محكمة الجنايات الدولية، وليس تهديد المدعي العام وأعضاء المحكمة.
ثامناً: من المهم حماية المؤسسات الدولية العاملة في المجال الإنساني، خاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (الأونروا)، وتخصيص لها ما يلزم من تمويل وموارد، ومنع إسرائيل من دفعها إلى الانهيار.
أخيراً السيد الرئيس بايدن، يمكن لكم أن تقول إن الشعب الفلسطيني يستحق أن يعيش بحرية وكرامة ودولة ذات سيادة متواصلة الأطراف والقابلة للحياة وعاصمتها القدس، وأن تطلب من الأمم المتحدة خلال فترة ما تبقى لك من الوقت أن تضع برنامجاً لإنهاء الاحتلال مع جدول زمني للتطبيق.
ما عدا ذلك السيد الرئيس ستدخل أبواب التاريخ أنك وقفت مع قتل الأطفال والنساء، ودعمت دمار غزة، ومنعت التحقيق في انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي والقانون الدولي الإنساني، ومنعت العدالة الدولية أن تأخذ مجراها ضد المجرمين.
نعم أنت في ربع الساعة الأخير من وجودك على رأس الولايات المتحدة، ولكنّ ربع ساعة هذا كافٍ لأن تأخذ قرارات أُخرى، أهمها وقف العدوان على الشعبين الفلسطيني واللبناني، ووقف الإبادة الجماعية بحق شعبنا في غزة. أكتب هذه السطور وتوقعاتي وتوقعات شعبنا أن استمرارك في الانحياز لدولة إسرائيل المعتدية يفوق القراءة الموضوعية حتى للمصلحة الأمريكية، وبعيداً عن قيم العدالة والحرية التي تستثنون شعبنا منها.
## عضو اللجنة المركزية لحركة فتح رئيس الوزراء السابق ##