اخر الاخبار

على هامش المشهد الإقتصادي التونسي حول اقتصاد السوق الإجتماعي..والعدالة الإجتماعية..

أمد/ لقد برهنت تجربة بعض البلدان التي سارت في طريق اقتصاد السوق الحر الذي يعبّر عن الشكل المتخلّف والأوّل له عن انهيار كامل في القوى المنتجة وتراجع كبير في مستوى التطور،كما برهنت التجربة في بعض البلدان،أنه كلما كان دور الدولة أعلى وشفافا أمام المجتمع،كلما تحققت معدلات نمو أعلى.هذا من حيث المبدأ،لذلك السؤال الأساسي اليوم،هو كيفية تقليص التشوه في اقتصاد السوق في تونس والوصول إلى اقتصاد فعّال،يحقّق عدالة اجتماعية عالية..؟

يمكن القول إنّ اقتصاد السوق الإجتماعي يعد مخرجا لهذه المعضلة فهو من حيث الجوهر محاولة للجمع بين قوانين الإقتصاد الحر كما عرفتها الرأسمالية وبين مبادئ تناقضها تتعلّق بالجانب الإجتماعي في النظام الإشتراكي،حيث تحتل مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والضمانات الصحية والتعليمية المرتبة الأولى من سلم الإهتمامات.

فالإتجاه العام فيه هو تحقيق التوافق بين الفعالية الإقتصادية والعدالة في المجتمع.وتبين التجربة أنّ هذين الوجهين مرتبطان ببعضهما بعضا،فكلما انخفضت الفعالية الإقتصادية،كلما انخفضت إمكانية الدولة لتحقيق قدر عال من العدالة الإجتماعية،والعكس صحيح،كلما خفت العدالة الإجتماعية التي تمثّل الأجور تعبيرا عنها،كلما انخفضت الفعالية الإقتصادية،لذلك ليس هناك شكل مطلق ونهائي لإقتصاد السوق الإجتماعي..(يتبع)

مالمحسن

 

لقد برهنت تجربة بعض البلدان التي سارت في طريق اقتصاد السوق الحر الذي يعبّر عن الشكل المتخلّف والأوّل له عن انهيار كامل في القوى المنتجة وتراجع كبير في مستوى التطور،كما برهنت التجربة في بعض البلدان،أنه كلما كان دور الدولة أعلى وشفافا أمام المجتمع،كلما تحققت معدلات نمو أعلى.هذا من حيث المبدأ،لذلك السؤال الأساسي اليوم،هو كيفية تقليص التشوه في اقتصاد السوق في تونس والوصول إلى اقتصاد فعّال،يحقّق عدالة اجتماعية عالية..؟

يمكن القول إنّ اقتصاد السوق الإجتماعي يعد مخرجا لهذه المعضلة فهو من حيث الجوهر محاولة للجمع بين قوانين الإقتصاد الحر كما عرفتها الرأسمالية،وبين مبادئ تناقضها تتعلّق بالجانب الإجتماعي في النظام الإشتراكي،حيث تحتل مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والضمانات الصحية والتعليمية المرتبة الأولى من سلم الإهتمامات.

فالإتجاه العام فيه هو تحقيق التوافق بين الفعالية الإقتصادية والعدالة في المجتمع.وتبين التجربة أنّ هذين الوجهين مرتبطان ببعضهما بعضا،فكلما انخفضت الفعالية الإقتصادية،كلما انخفضت إمكانية الدولة لتحقيق قدر عال من العدالة الإجتماعية،والعكس صحيح،كلما خفت العدالة الإجتماعية التي تمثّل الأجور تعبيرا عنها،كلما انخفضت الفعالية الإقتصادية،لذلك ليس هناك شكل مطلق ونهائي لإقتصاد السوق الإجتماعي..

ولكن..

إن بلادنا( تونس)،لا تزال متخلفة ولم تبلغ بعد مرحلة النضج في هياكلها الاقتصادية،كما هو الحال بالنسبة للبلدان المتقدمة في أوروبا،كي يمكن إطلاق العنان لآليات السوق، لاسيما في مجالات توجهات التنمية وتعبئة الموارد وضبط عملية التراكم،إلى جانب سلسلة من الإجراءات التخطيطية الاقتصادية والاجتماعية ذات الطابع الإستراتيجي التي عادة ما يعجز السوق بمفرده عن حلها حلا عادلا ومرضيا.

وبالتالي من الإجحاف على تونس أن تتبنى اقتصاد السوق الحر وتنفتح على العالم وتحرر تجارتها الخارجية دون السعي لتنظيم السوق الداخلية وحماية المنتجين والمستهلكين من الممارسات الضارة التي يمثلها الاحتكار وهيمنة الشركات الكبيرة على الأسواق.

إن ما يعانيه الاقتصاد التونسيفي تقديريليس مجرد مشاكل بسيطة سهلة الحل بل أزمة مزمنة تتمثل في تدني معدلات النمو وانحسار الاستثمار وتزايد البطالة،وهذا ما يعرضه في حال تطبيق المعايير الاجتماعية لمزيد من الاختلال على صعيد المنافسة وتاليا التهميش والإهمال، خاصة وأنه ينذرنا بأفاقرماديةفي السنوات القليلة القادمة إذا لم نأخذ في الاعتبار الدعوة للانفتاح والتحرر وإذا لم نتدبر أمورنا بتنشيط الاستثمار وتفعيل المنافسة..

على سبيل الخاتمة :

لقد اتفق الكثير من الباحثين على أن اقتصاد السوق الحر رغم عيوبه الاجتماعية أثبت قدرة أفضل على التطور واستخدام الموارد من الاقتصاد المخطط الذي يقوم على الأوامر الإدارية، ولعل ما يخفف آلام عشوائية السوق ووحشيتها أن يترافق هذا التحول بدور جديد للدولة ليس كمقرر في شؤون العملية الاقتصادية والإنتاجية بل كراع فقط للقضايا الاجتماعية وموجه لمسارات العملية الإنتاجية ومسائل التنمية البشرية والتكنولوجية، وأيضا كأداة لمحاربة الفساد1 وإعادة تدريب قوى العمل وتأهيلها لمشاريع استثمارية جديدة لا تسريحها تعسفيا بصفتها أحد أسباب الركود والخسارة..!

لقد أوضحت التجربة التاريخية أن الإصلاحات الاقتصادية بوسائل غير ديمقراطية إذا كان ثمة جدية في إنجازها تفضي إلى فشل متعدد الوجوه،مما يحول المجتمع إلى ساحة لصراع دائم لا ينتهي،بينما التنمية السياسية وإطلاق الحريات هي خير بديل وتوفر المناخ الصحي لتحقيق الكفاءة الاقتصادية جنبا إلى جنب مع الكفاءة الاجتماعية،فلا يمكن تحريك الدورة الاقتصادية ومعالجة الركود والفقر وظاهرة البطالة وإيجاد فرص عمل لعشرات الألوفك من خريجي الجامعات والمعاهد طالما لم تنشط حركة الاستثمار،وطالما لم نقتنع بحقيقة تقول إن مناخ الانفتاح والحرية والتعددية هو المناخ الوحيد القادر على تشجيع الاستثمارات المحلية وجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية.

ختاما أقول :

إن الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعانيها البلاد ( تونس) صارت الشغل الشاغل للجميع وبات الإصلاح والتغيير ضرورة ملحة تمليها حاجات المجتمع التونسي ومسارات تطوره،لكن طريقه إلى النجاح لا تمر عبر إجراءات فوقية متفرقة أو قرارات وخطط جاهزة تطبق هنا وهناك،ويجري،باستسهال تبديلها وتغييرها تبعا لدرجات النجاح والفشل،بل عبر تبني إصلاح ديمقراطي شامل،سياسي وإداري وقضائي،تكون فاتحته تفعيل دور البرلمان كي يعبر عن مصالح الشعب بكل قواه وتياراته.

ومثل هذا البرلمان هو خير من يتحمل مسؤولية التحول الاقتصادي وآثاره،وهو الأقدر على تحديد عوامل تفاقم الأزمة الراهنة وأسبابها ووضع خطة مناسبة للتجاوز،يمكنها اختصار دورة الآلام ومعالجة أمراض المجتمع ومشاكله المختلفة بصورة جدية وبتوافق وتضامن بين أوسع شرائحه وفئاته.

*اقتصاد السوق الاجتماعي ليس مصطلحا جديدا فقد أبصر النور بعد الحرب العالمية الثانية في محاولة للتوفيق بين الفعالية الاقتصادية التي توفرها المنافسة وبين الحاجة إلى العدالة الاجتماعية،واعتبره البعض بمثابة رد الرأسمالية على الأثر المحرض والجاذب للدول الاشتراكية ونموذجها في تقديم الخدمات الاجتماعية المجانية.

1)هناك عدة محاور يمكن أن تستغلّها الدولة في مجال مكافحة الفساد،على رأسها التطبيق الكامل للقوانين الردعيّة التي تخصّ حماية المبلغين عن الفساد وقانون النفاذ إلى المعلومة فلا فائدة من قانون لا يطبّق.ويجب أيضاً تقديم الدعم اللازم فيما يتعلق بتبادل ات اللوجستية والفنية في مجال مكافحة الفساد،مع الهيئة والسلطة القضائية ولجان الرقابة والتدقيق المختلفة التي تحتاج إلى تطوير قدراتها على جميع المستويات الفنية واللوجستية مع الأخذ من تجارب دول نجحت في كبح جماح الفساد عبر التزام سياسي قيادي مستمر باستخدام نهج  قائم على إصلاح المجتمع من القاعدة وصولًا إلى القمة.

**الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للصحيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *